بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. صور “هادي العبد لله” مصاباً تثير الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي
في مشهد مألوف كان يظهر الناشط الإعلامي “هادي العبد لله” مصاباً أو ناجياً من القصف، إلا أن صورته الأخيرة بعد إصابته والمصور “خالد العيسى” أثارت جدلاً كبيراً وغضباً في مواقع التواصل الاجتماعي.
السوريون الذين عرفوا “العبد لله” وجهاً جميلاً من وجوه الثورة، واعتادوا رؤيته مطارداً شجاعاً للبراميل والقذائف، متحدياً الموت بابتسامة رفضوا رؤيته جريحاً مدمى، وناشدوا بنشر صورته كما هي في الأذهان، صوت حر من قلب الحدث.
وبينما لايزال هادي ورفيقه في غرفة العناية المشددة؛ يجري حالياً نقاش في المجتمع الافتراضي حول ظاهرة نشر صور الشهداء والمصابين في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، معظم الآراء اتجهت نحو رفض نشر مثل هذه الصور تحت أي ظرف كان، نظراً لما تحمله من طابع شخصي وخصوصية تفوق قيمتها الإخبارية، فيما يرى آخرون بأنها مكون لا غنى عنه في الرسالة الإعلامية الحديثة وخاصة في زمن الثورات، نظراً لدورها المهم والفاعل في التوثيق وتسجيل الأحداث.
الصحفي “عبادة كوجان” كان أحد الذين رفضوا وبشدة نشر صور العبد لله وزميله العيسى، مشيراً إلى أن هذه الصور ومثيلاتها من صور الضحايا مكانها مراكز التوثيق وحقوق الإنسان وليس فضاء الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، لأن من أخلاقيات الصحافة عدم نشر الصورة المسيئة.
وتتفق مع كوجان الكاتبة السورية “إيمان محمد” التي رأت في تصوير الضحايا انتهاكاً لحقوق الإنسان وانتهاكاً لشخصه الذي يأبى إلا أن يظهر بأفضل حالاته، مشيرةً أن نشر هكذا صور تؤدي إلى تجييش العواطف بطريقة غير سليمة.
في مقابل ذلك يشدد الشاعر “صلاح العيسى” على ضرورة نشر صور الجرحى والضحايا لإظهار الحقيقة، وليرى العالم أن الكل في سوريا مستهدف، البشر والحجر وحتى عدسات الكاميرات والأيادي الطاهرة التي تحملها.
أما الطالب “عمر دياب” فيرى بأن الصور التي نراها على مواقع التواصل ماهي إلا مرآة لما يجري على الأرض في سوريا، لافتاً إلى أن الخطوة الأولى نحو التخلص من هذا الواقع هو التصالح معه، وطرحه كما هو من دون أي رتوش، مؤكداً على ضرورة نشر الصور التي تنقل الواقع السوري لكي يراه العالم والغرب حتى لو لم يكترثوا بها.
وبينما لا يزال الفضاء الافتراضي يعج بآلاف الصور المؤلمة والمدماة، متجرداً من كل القيود الضوابط القانونية والأخلاقية يترك “محمد ياسر” أحد رواد مواقع التواصل وصيته التي يقول فيها: “لا تنشروا صوري و أنا مصاب لا تنشروا صوري وأنا قتيل لا تنشروا صوري حتى وأنا مبتسم حين أموت أو أصاب، ادفنوني قبل أن تخبروا أمي وأبي ولا تتجاروا بدمي على هذا العالم الأزرق الحقير يا تُجار المتابعين والإعجابات”.
بدوره قال الناشط الحقوقي “مضر الأسعد”: “لاشك أنه في ميثاق الشرف الصحفي يمنع نشر الصور الدموية والوحشية، لكن بعض وسائل الإعلام تستغل الحروب والنزاعات لتحقق كسباً مالياً غير مشروع من خلال نشر وبيع هذه الصور خاصة لما يجري الآن في سوريا”.
وأشار “الأسعد” لراديو الكل، إلى قيام بعض المليشيات والأحزاب بترويج الرعب من خلال الصور، كقيام تنظيم داعش بقطع رؤوس المدنيين، أو التدمير الممنهج الذي تتبعه مليشيات الـ “بي يي دي” وحزب الله وغيرها، وذلك بهدف تحقيق مآرب سياسية أو دينية.
وأضاف أن رابطة الصحافة والإعلام العربي حذرت من نشر بعض الصور الوحشية والدموية التي تجري في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول التي تجري فيها العمليات الإرهابية من قبل الأنظمة الديكتاتورية.
وأوضح على قيام بعض الجهات الدينية أو العنصرية أو القومية بما يعتبرونه حق مكتسب بنشر بعض الصور في الوقت المناسب لهم، كصور قطع رؤوس الأطفال والمدنيين والقائها في الشوارع، وهو أمر خاطئ ومروع.
وأفاد أن نشر صور الشهداء والجرحى يكون بهدف تدوين وتثبيت عمليات الإجرام، لكن هناك صور مروعة تمثل انتهاك للإنسان غير قابلة للنشر، كصور الإعلاميين هادي العبد الله وخالد العيسى ومهران الديري وغيرهم، نظراً لروعتها واحتراماً لذويهم وزملائهم، مؤكداً في المقابل على ضرورة نشر الصور الجيدة لهم.
واعتبر في ختام حديثه أنه لم يعد هناك ضابط قانوني في مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص حقوق وضوابط النشر باستثناء ضابط “الضمير”، متمنياً من المدونين والمواقع الالكترونية عدم نشر الصور المروعة لعدم إرهاب الناس.