” المسحراتي ” يغيب عن شوارع المناطق المحررة في رمضان
يطل مع هلال رمضان و يختفي مع انتهاء الشهر الكريم هو المسحراتي ، الرجل الذي يحمل طبلته و يدور الاحياء مشيا على الاقدام ، و الاسم مشتق من طبيعة عمله القائم على ايقاظ الناس لتناول وجبة السحور ، و اول مسحر في التاريخ الإسلامي الصحابي بلال بن رباح مؤذن الرسول صلي الله عليه وسلم، حيث كان يطوف بالشوارع والطرقات لإيقاظ الناس بصوته العذب طوال ليالي رمضان ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك بلال ينادي بليل فكلوا وأشربوا حتي ينادي ابن أم مكتوم وابن أم مكتوم هو من كان يتولي إقامة آذان الفجر.
كادت هذه المهنة تندثر لولا الظاهر بيبرس الذي عمل على إحيائها بتعيين صغار علماء الدين فيها أما في العصر الفاطمي أمر الحاكم بأمر الله جنوده بالدق على أبواب البيوت لإيقاظ أهلها للسحور .
في سوريا كان المسحر يقف في مكان عال حاملا طبلته ليوقظ أهالي المدينة و مع تزايد عدد السكان بات لكل حي مسحر خاص به ، يجوب الشوارع ليردد عباراته الشهيرة
يا نايم وحد الدايم
يا نايم وحد الله
قوموا على سحووركم
اجا رمضان يزوركم
و تغيرت هذه العبارات مع بدء الثورة السورية فباتت
اصحى يا نايم بشار الأسد مو دايم
فيقوا على الحرية
و اعتاد أهالي سوريا وهب المسحر وجبة غذائية عند مروره و لاحقا باتوا يعطونه المال ، و تستمر مهمة المسحر كافة أيام رمضان المبارك و لا تتوقف طبلته مع انتهاء الشهر ، فجولته الأخيرة تكون أول أيام عيد الفطر لجمع العيديات من الأهالي .
وارتبط صوت الطبلة في ذاكرة السوريين برمضان الذين تحدثوا لراديو الكل عن ذكرياتهم معه .
و يطل رمضان هذا العام على السوريين وحيدا دون الطقوس التي اعتادوا عليها ، فلم يبق للمسحراتي شوارع يجوبها بعدما تدمر عدد كبير من الاحياء و المدن السورية ، و بعد أن خلت من قاطنيها ، يطل رمضان هذا العام و السوريين لا يجدون قوتا يسدون به جوعهم و لا أموالا تفيض عن حاجتهم يهبونها للمسحر ، المسحر الذي أفل حضوره و بقيت طبلته تنتظر النقر عليها في وطن حر كريم آمن .