الاحتفال بـ “خميس الحلاوة” من حمص إلى دول اللجوء
على ضفاف العاصي تقف عروسه “حمص” وهي ترتدي ثوبها المميز بلونيه الأبيض والأحمر معلنة بدء الاحتفال بخميس الحلاوة أو ما يسمى خميس “الأموات”، وهو واحد من الخميسات السبعة التي تشتهر بهم المدينة وهي خميس “التايه” وخميس “الشعنونة” وخميس “المجنونة” وخميس “القطاط” وخميس “الحلاوة وخميس “النبات” وخميس “المشايخ”، و بدأت جميعها مع بداية الفترة المملوكية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
اذ يحتفل أهالي مدينة حمص كل عام بخميس الحلاوة فتتلون واجهات المحال التجارية والبسطات الجوالة باللونين الأبيض والأحمر، وهما اللونين المميزين للحلاوة الخبزية وبلاط جهنم و هما أحد أنواع الحلاوة الحمصية يضاف عليها الحلاوة السمسمية والحلاوة البشمينة و الحلاوة الحلقوم وغيرها، ويتم تصنيع هذه الأنواع يدويا و يتوارثها الأبناء عن ابائهم و أجدادهم.
وبالنسبة لأجواء الاحتفال فكانت النساء يخرجن بعد ظهر الخميس إلى الجبانات لزيارة القبور وتوزيع ما حملن من حلاوة على الفقراء، فتجلسن حول الزرع ويردد الشبان بعض الاغاني والأناشيد الشعبية ويشتري الناس الحلاوة لبيوتهم وأقاربهم ويوزعونها على كل من يحبونه ويتذكرونه، والأهم أن الحلاوة توزع على أرواح الأموات وعلى الفقراء الذين يتواجدون في المقابر لمعرفتهم بهذا العيد، و لكن تم إلغاء هذا الطقس لصعوبة الوصول إلى المقابر حاليا وبقي الناس يتهادون الحلاوة فيما بينهم دون تمييز بين فقير وغني.
وفي هذا المحور أكدت السيد “نوال” إحدى نساء مدينة حمص، أن صناعة الحلاوة يدوية 100%، منوهة أن “الطبخة” الواحدة تستغرق وقتاً يتراوح بين 10 و 20 يوماً.
ولفتت إلى إحتفال مدينة حمص بعيد الحلاوة بالخميس الأول من شهر نيسان في كل عام، حتى باتت صناعة الحلاوة مهنة يتوارثها الأجيال، موضحة على اكتساء حمص في هذا اليوم باللونين الأحمر والأبيض.
أما بالنسبة لموعده فيأتي هذا العيد ما قبل خميس الآلام والأسبوع الأخير من نهاية صوم الطوائف المسيحية لذا يتغير كل عام، والبعض يقول أنه يتزامن مع الخميس الأول من شهر نيسان وتبقى كلمة الفصل لبائعي الحلاوة الذين يذكرون بمعروضاتهم أهالي حمص بحلوله، اذ يبدأ البيع قبل العيد وبعده لفترة تصل إلى ثلاثة أسابيع تباع خلالها عشرات الأطنان من الحلاوة وخاصة “القرمشلية” و “البشمينة” اللتين تنفرد حمص بانتاجهما بين مدن العالم.
من جهته أشار بائع الحلاوة الحمصية “حسام الحمصي” إلى بدء التحضيرات لخميس الحلاوة قبل شهر من العيد في الأيام ما قبل الثورة، حيث كان هناك طلب متزايد على اليد العاملة والمواد الأولية.
ولفت إلى أن الناس في مدينة حمص كانوا يقدمون الحلاوة على أرواح أمواتهم نظراً لرخص سعرها، لذا كان يسمى العيد أيضاً بخميس الأموات، حيث تزين جميع شوارع المدينة باللونين الأبيض والزهري.
بالمقابل أشار إلى تغير طقوس العيد حالياً بسبب الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد، حيث انخفض عدد المدنيين في مدينة حمص وصعف اليد العاملة والمواد الأولية، وارتفاع الأسعار حتى بات كيلو الواحد للحلاوة يصل إلى 1000 ليرة سورية، فيما كان يباع قبل الثورة بحوالي 65 ليرة.
ونوّه “حسام” إلى انتقال صناعة الحلاوة الحمصية إلى دول اللجوء بمصر والأردن، حيث تتوافر في مصر بعض الأدوات اليدوية لصناعة الحلاوة وبيعها في الأسواق.