ضيق الحال ينعش التنقيب عن الآثار ويحولها إلى وسيلة لكسب العيش
وصلت تداعيات الحرب في سوريا إلى بقايا الحضارات التي ظلت مدفونة تحت التراب لقرون طويلة، إلا أن ضيق الحال أفضى إلى إحياء أعمال البحث عن الآثار، لتتحول إلى بديل لكسب العيش، مع الأزمات المعيشية وغياب الأمن والفوضى.
تنتشر عمليات الحفر والتنقيب في المناطق المشهورة بوجود آثار فيها، من بينها محافظة درعا التي تعد أحد أغنى المناطق الأثرية في سوريا، حيث تضم أكثر من أربعمئة موقع أثري، كمدينة بصرى، والجامع العمري، وقلعة المزيريب.
ظاهرة البحث عن الآثار ولو أنها قديمة ومتواصلة، إلا أنها تزايدت في الفترة الأخيرة جراء عوامل عدة، في مقدمتها تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة بعد التوقف الملحوظ للنشاط التجاري، وفصل النظام لعدد من موظفيه، فضلاً عن الانفلات الأمني، وتراجع قدرة النظام على إحكام السيطرة على المواقع الأثرية، كما تحدث لراديو الكل الناشط الإعلامي “قاسم الشلبي”، كما أشار إلى أن من الأسباب المباشرة التي دفعت الشباب للتنقيب ارتفاع أسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية.
وأردف الشلبي قائلاً بأن الحفريات السرية تتم في المناطق المشهورة بوجود حضارات قديمة فيها، وذلك بالاستدلال على إشارات ورموز منقوشة على الحجارة هناك، وبأساليب ومعدات بدائية، لافتاً إلى أن اللقى التي يعثر عليها عادة هي تماثيل حجرية أو قطع نقدية، وبعض الأواني الفخارية تعود لعصور قديمة.
ويتابع “الشلبي” بأن معظم من امتهن التنقيب عن الآثار من أبناء حوران هم تجار لها أصلاً، إلا أن عملهم خرج من الخفاء إلى العلن، مؤكداً أن الحفريات السرية هي مجرد محاولات فردية من أجل كسب العيش ولا وجود لأي شبكات تجارة منظمة، لافتاً إلى أن اللقى التي يعثر عليها لا ترقى لأن تكون آثاراً حقيقة ثمينة، ونوّه إلى قيام فصائل الجبهة الجنوبية بحماية المناطق الآثرية في درعا، تحديداً في مدينة بصرى الشام الآثرية.
إذاً تتعدد الأسباب والجريمة واحدة، والتراث السوري هو الضحية، الذي تشاركت أطراف عديدة بنهب آثاره بدءاً من النظام وداعش، وليس بفئة اتخذت من باطن الأرض مصدراً لتأمين قوتها، بعد أن أفقدها النظام وحربه ماكنت تملك من صنعة ودخل.