عمالة الأطفال في سوريا.. مشكلة متنامية ولا حلول واضحة
يستيقظ على عجل يحمل حقيبته المدرسية ويمضي للوقوف في أحد ساحات مدينة إدلب، يخرج بضاعته الزهيدة الثمن و يبدأ بالمناداة عليها، هو واحد من مئات الأطفال السوريين الذين اضطرتهم ظروف الحرب إلى ترك مدارسهم وحمل مسؤوليات تفوق سنوات عمرهم.
فبعد أن أشعل نظام الأسد فتيل الحرب في سوريا مدمراً المدارس ومحولها لمراكز إيواء، فحسب اليونيسيف بلغت نسبة الدمار 20% في بداية عام 2015 والتي قالت أن هنالك أكثر من مليونين ونصف طفل حرموا من حقهم في التعليم بسبب دمار مدارسهم و التحاقهم بسوق العمل الذي كان ملجأهم الوحيد وأهاليهم للتخلص من أعباء الحياة المادية سواء في الداخل السوري اذ وجدت الأمم المتحدة أن أكثر من ثلاث أرباع العائلات يعيلهم أطفالهم بشكل جزئي او كلي أو في دول الجوار.
ونقل مراسلنا في إدلب محمد أصلان ردود فعل مجموعة من الأطفال، حيث قالوا أن قصف النظام المستمر على المدارس حرمهم التعليم، إلى جانب توجههم نحو العمل لمساعدة عوائلهم في ظل صعوبة الأوضاع المعيشية، في حين أكد آخرون إنهم سيعودون إلى المدارس حين افتتاحها وتوقف قصف الطيران.
عمالة الأطفال ظاهرة قديمة في سوريا ورغم صدور العديد من القوانين التي تعاقب عليها، إلا أن سوء تطبيق القانون قبل الثورة وانتشار المحسوبيات والرشاوي كان سبباً بظهورها بنسبة كبيرة ولكن المشهد بات أكثر مأساوياً بعد تدهور الوضع الأمني في سوريا بالتزامن مع الحرب التي شنها النظام على الشعب السوري وانتشار الفقر بين الأسر السورية بصورة غير مسبوقة، و كل ذلك يجري وسط صمت عالمي شبه تام عن معاناة مئات الأطفال الذين لم تستطع أية جهة إحصائية تحديد ارقامهم بدقة، أما اليونيسيف فكانت جهودها متواضعة و لا ترقى لمستوى المأساة ، المأساة التي تتنامى يوما بعد يوم دون وجود أية حلول واضحة.
وفي هذا الصدد أشارت وزيرة الثقافة وشؤون الأسرة الدكتورة “سماح هدايا”، إلى عدم وجود عدد محدد ودقيق للأطفال السوريين الذين التحقوا بالعمل والذين هم تحت السن القانوني.
وأكدت “هدايا” لراديو الكل، أن النظام مسؤول عن قتل الأطفال وواقعهم الصعب وأوضاعهم المتردية، مشيرة إلى أن حماية الأطفال من المفترض أن تكون مناطة بالدولة والمنظمات المدنية، ونوهت أن اليونسف لم تسطع أن تقدم مساعداتها للأطفال بالداخل السوري في هذا الصدد.
في حين أشارت إلى أن وضع الأطفال السوريين اللاجئين في دول الجوار، يختلف من بلد إلى آخر وفقاً لسياسية كل بلد بالتعامل معهم، معتبرة أن وضع الأطفال في المخيمات أفضل مما هو عليه خارج المخيم.
وتابعت “هدايا” أن أداء الحكومة السورية المؤقتة في هذا المحور ضعيف، كونها غير معترف بها من قبل العالم كجهة رسمية يمكن أن يآخذ برأيها وتكون صاحبة شأن، إلى جانب عدم تقديم الدعم المادي اللازم للحكومة، مضيفة أن عمل المنظمات أفضل من عمل الحكومة كون المنظمات ممولة من جهات خارجية.