“حبال حمراء ومكبس الإعدام”.. أهوال الجريمة تتكشف بحق المعتقلين في سجن صيدنايا
ماهر باضلي – سوريا
تكشفت شيئا فشيئاً أهوال الجريمة بحق المعتقلين في سجن صيدنايا (المسلخ البشري) بريف دمشق بعد سقوط نظام الأسد، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين، مع تداول عشرات المقاطع المصورة التي أظهرت حجم الكارثة الإنسانية.
وانتشر مقطع مصور يظهر “حبالا حمراء اللون” لتنفيذ عمليات الإعدام، وبجانبها آلة قال ناشطون إنها “مكبس الإعدام، إذ يتم وضع الجثة بعد إعدامها لطحنها وتعبئتها في كيس لتسهيل عملية الدفن”.
فيما أظهرت مقاطع أخرى جدرانا وأقبية وسراديب سريّة تحت الأرض بعشرات الأمتار يتم احتجاز المعتقلين فيها، تفتقر لأدنى مقومات الحياة من نظافة ودورات مياه وطعام وحتى أماكن للنوم.
ونشر ناشطون مقاطع مصورة، لأشخاص يبدو أنهم مدنيون، كانوا يحاولون كسر أقفال زنزانات محكمة الإغلاق، وآخرون كانوا يهدمون جدرانا بحثاً عن سراديب مخفية.
كما انتشرت مقاطع تظهر خروج عدد من المعتقلين من صيدنايا ولقاءهم بذويهم، ومن بينهم معتقلون نساء وأطفال وكبار السن ومرضى وأحدهم كان فاقدا للذاكرة بسبب التعذيب.
وذكرت مصادر محلية وإعلامية، أن بعض المعتقلين الذين أطلق سراحهم من سجون الأسد، لا يعرفون أن حافظ الأسد قد مات وكانوا يعتقدون أن الذي أفرج عنهم صدام حسين بعد غزوه سوريا، بينما قال أحد المعتقلين إنهم كانوا يتناولون على وجبة الإفطار (حبة زيتون واحدة) لكل معتقل، بينما كانت وجبة الغداء عبارة عن حفنة من البرغل.
ويحتشد مئات الأشخاص بالقرب من سجن صيدنايا أملاً بالعثور على ذويهم المعتقلين، بالإضافة لانتشار عشرات القوائم على مواقع التواصل الاجتماعي قيل إنها أسماء لمعتقلين في سجن صيدنايا وفروع أخرى أبرزها “فرع فلسطين”.
وتواصل فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، اليوم الإثنين، عملياتها بحثاً عن معتقلين ضمن أقبية وسراديب سجن صيدنا، وذلك في أعقاب سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية.
وقال الدفاع المدني، في منشور، على قناته بالتلغرام، إنه “لا دلائل (حتى ساعة كتابة الخبر) تؤكد وجود معتقلين ضمن أقبية أو سراديب سجن صيدنايا، وسنستمر بالعمل بكل طاقتنا في البحث حتى التأكد من جميع أقسامه وبدقة”.
وأضاف الدفاع المدني، أنه فرقه التي وصلت إلى سجن صيدنايا لم تعثر على أي أبواب سرية يتم الحديث عنها، مشيراً إلى أن الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية وبوجود فرق k9 التي تضم كلاباً مدربة.
وأشار إلى أن فرق الدفاع المدني يرافقها في عمليات البحث أشخاص يعرفون كل تفاصيل سجن صيدنايا، بالإضافة للاعتماد على إرشادات من أناس تم التواصل معهم من قبل الأهالي على أنهم يعرفون مداخل السجن والأقبية السرية.
وكشف أن فرقه فتحت عدة مناطق داخل السجن منها المطبخ، الفرن، لكن لم تعثر على شيء (حتى ساعة كتابة الخبر)، مشددا على ضرورة الاستعداد للأسوأ.
والليلة الماضية، أعلن الدفاع المدني السوري إرسال خمسة فرق طوارئ مختصة إلى سجن صيدنايا للبحث عن أقبية سرية داخل السجن يتوقع وجود معتقلين فيها بحسب ناجين.
وأفاد أن الفرق تضم فريق بحث وإنقاذ وفريقاً لنقب الجدران وفريقاً لفتح الأبواب الحديدية وفريق كلاب مدربة، وفريق إسعاف، مؤكداً أن هذه الفرق مدربة وقادرة على التعامل مع هذه الحالات المعقدة.
وكانت، إدارة العمليات العسكرية المنضوية تحت غرفة “ردع العدوان”، تحرير معتقلين في سجن صيدنايا بعد دخول قواتها إلى العاصمة دمشق، وذلك عقب أكثر من 50 عامًا من القهر تحت حكم البعث، ونحو 14 عاما على انطلاق الثورة السورية.
وفي 15 أيلول عام 2022 أدلى معتقلون سابقون في سجن صيدنايا، بشهادتهم لوكالة “فرانس برس” عن “غرف الملح” في داخل السجن، والتي يستخدمها النظام لحفظ جثث المعتقلين الذين يُقتلون بشكل شبه يومي.
ووثقت “منظمة العفو الدولية” في تقرير تحت عنوان “المسلخ البشري” نشرته عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها نظام الأسد بحق 13 ألف معتقل في سجن “صيدنايا”، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.
وبحسب إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوجد في سوريا نحو 112 ألف مختفٍ قسرياً، 85 % منهم لدى نظام الأسد.