“بيدرسون” يؤكد تعقيد الأزمة في سوريا ويقول إن الحل الشامل “بعيد المنال”
المبعوث الأممي يقول إن "معاناة السوريين وشعورهم باليأس يزدادان عمقاً".
قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، في إحاطة أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، إن الحل الشامل للصراع في سوريا “مازال بعيد المنال”، مشيراً إلى انعدام الثقة وتباعد المواقف.
وأضاف بيدرسون أن “الفجوات في الإرادة السياسية، وتباعد المواقف الجوهرية للأطراف، وانعدام الثقة العميق، والمناخ الدولي كلها عوامل تساهم في ذلك الجمود”.
ولفت إلى أن معاناة السوريين وشعورهم باليأس يزدادان عمقاً، مضيفاً أنه “لا يمكننا أن نقبل الوضع الراهن ببساطة لأنه سوف يزداد سوءا، ويمكن أن ينهار، بما سيؤدي إلى خلق تحديات جديدة”، مؤكداً أن هناك حاجة إلى أن تبدأ العملية السياسية في “تحقيق نتائج على أرض الواقع وإعطاء الأمل”.
وقال المسؤول الأممي إنه بدلاً من تهيئة الظروف لعودة النازحين واللاجئين طوعا وبأمن وكرامة، “مازال المدنيون يقتلون ويجرحون من جراء العنف، كما نزح عشرات الآلاف الشهر الماضي”.
وتحدث بيدرسون عن “أخطر التهديدات” للهدوء النسبي السائد منذ عام 2020، مشيرا إلى عدد من حوادث العنف والاشتباكات التي شهدتها سوريا في الفترة الماضية.
كما تحدث عن ظهور “شواهد جديدة للإحباط الشعبي في سوريا”، مشيراً إلى استمرار الاحتجاجات في محافظة السويداء لأكثر من شهر والتي رفع فيها المشاركون مظالم ومطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وأكد على ضرورة احترام الحق في الاحتجاج السلمي في جميع مناطق سوريا، وضرورة أن تظل الاحتجاجات سلمية، وإنهاء جميع أعمال العنف ضد المدنيين، والاحترام الكامل للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والعمل من أجل وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني.
وحث بيدرسون الأطراف السورية وجميع الجهات الفاعلة الدولية الرئيسية على “تقبل التسوية” بشكل جوهري أكثر مما يقوم به الكثيرون حتى الآن، مؤكداً أن هذا “سيجعل من الممكن العمل بالتوازي وبشكل عاجل لعكس الاتجاهات الاقتصادية والأمنية والسياسية السلبية، وإعادة إطلاق عملية سياسية يقودها ويمتلكها السوريون على النحو الذي يدعو إليه قرار مجلس الأمن 2254”.
وزاد قائلاً: “سنحتاج لخطوات ملموسة عبر مساهمات من جميع الأطراف، خطوة بخطوة. وهذا يمكن أن يساعدنا على التحرك نحو بيئة آمنة وهادئة ومحايدة”.
وشدد المبعوث الأممي على أن هذا الأمر يتطلب تطبيق التزامات جادة لمعالجة مخاوف المدنيين السوريين داخل البلاد وخارجها.
كما أكد أن الجهات المانحة يمكن أن تقدم مزيداً من الدعم، بينما تعمل الدول التي تفرض عقوبات على اتخاذ خطوات لتسهيل هذا الأمر، عندما تتم معالجة مخاوف السوريين بشأن الحماية، وقال إنه يمكن في الوقت نفسه إدماج ترتيبات الأمر الواقع المختلفة للتهدئة ضمن وقف إطلاق نار أكثر استدامة على المستوى الوطني، وتطوير نهج أكثر قبولا لدعم الجهود المبذولة لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن والتي لا تزال نشطة في سوريا.
وأشار بيدرسون إلى أن هناك أفكارا واضحة على الطاولة، وأن هناك دعوة لمشاركة حقيقية ولإجراء مناقشات ملموسة، مشدداً على ضرورة اغتنام هذه الفرصة.
وفيما يتعلق باللجنة الدستورية، قال إن الأطراف السورية أبلغته برغبتها في عودة اللجنة إلى الانعقاد، فضلاً عن مجموعة “أستانا” ومجموعة الاتصال العربية، علاوة على عواصم غربية.
وأردف المسؤول الأممي أن “الطريق إلى الأمام ممكن”، محذراً من أنه إذا لم يتم اتباع هذا المسار فإن المستقبل يعني “تدهوراً على الجبهات الإنسانية والأمنية والمؤسساتية، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على الجميع”.
وقال: “هذه وصفة لكارثة للشعب السوري والمنطقة، وهو ما يتعارض مع المصالح المشتركة للمجتمع الدولي فيما يتعلق بالاستقرار والتقدم في سوريا”.
وتشهد الأزمة السورية انسداداً مستمراً، رغم السعي الأممي والعربي والإقليمي لحلحلة الملفات المستعصية، وكان آخر المؤشرات على استمرار الانسداد توقف الاجتماعات بين اللجنة الوزارية العربية وممثلي نظام الأسد، بسبب تعنت الأخير في تنفيذ المتطلبات السياسية والإنسانية.