بيدرسون: محنة سوريا ستتواصل إن لم تبد جميع الأطراف استعداداً لتقديم تنازلات مماثلة لما حصل بعد الزلزال
بعد أيام من دعوة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "قادة جميع الأطراف في سوريا إلى استخدام المعاناة المشتركة لهذه الأزمة كمنصة للسلام"
قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، إن المحنة في سوريا ستتواصل إذا لم يكن هناك حل سياسي، وأبدت جميع الأطراف المنخرطة فيه استعدادا لتقديم تنازلات مماثلة لتلك التنازلات الإنسانية التي قدمتها في أعقاب الزلزال الذي ضرب شمال غرب سوريا في 6 شباط/فبراير وأسفر عن مقتل حوالي 6000 شخص.
ووفق موقع “الأمم المتحدة” فقد تحدث السيد غير بيدرسون إلى الصحفيين في جنيف اليوم الأربعاء بالتزامن مع الذكرى الثانية عشرة لاندلاع الثورة السورية، داعيا إلى مزيد من الإلحاح لإنهاء الحرب الطاحنة التي أودت بحياة مئات الآلاف وتشريد الملايين.
وشدد على أنه لن يقبل استمرار التقاعس بشأن الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للضغط على حكومة النظام والمعارضة للاتفاق على دستور سوري جديد، وأضاف: “نحن بحاجة إلى عملية سياسية متجددة وموجهة نحو تحقيق النتائج، تشارك فيها جميع الجهات الفاعلة الرئيسية لإطلاق العنان للفرص في المناطق المتضررة من الزلزال ولإمكانيات أوسع أيضا”.
وأشار بيدرسون إلى غياب الاستعداد داخل سوريا وعلى الصعيد الدولي للانخراط في جهود الأمم المتحدة المستمرة منذ عقد والرامية لتأمين مستقبل سلمي للسوريين.
وتطرق المبعوث الأممي إلى الكيفية التي غير بها الزلزال أنماط التفكير والمواقف الجيوسياسية طويلة الأمد التي أعاقت جهود السلام، وقد ظهر ذلك جليا فيما يتعلق بتأمين وصول أكبر للمساعدات الدولية إلى المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة إلى حد كبير، وتخفيف العقوبات على حكومة النظام، على حد تعبير بيدرسون.
وأضاف: “لقد رأينا خطوات إنسانية من جميع الأطراف في أعقاب الزلزال تجاوزت المواقف السابقة، حتى ولو بشكل مؤقت. قبل شهر، لم يكن هناك أي احتمال لفتح المزيد من المعابر الحدودية أو أي تحركات لتخفيف العقوبات بطريقة ملموسة. لقد رأينا الخطوتين الآن”.
وأقر المبعوث الخاص بأن التداعيات الجيوسياسية للغزو الروسي لأوكرانيا قد عقّدت جهود الأمم المتحدة لعقد الاجتماع التاسع للجنة الدستورية في جنيف، وأوضح أنه مستمر في الضغط من أجل استئناف اجتماعات اللجنة، وأضاف أن حكومة النظام لاتريد المجيء إلى جنيف طالما أن الروس لا يريدون المجيء إلى جنيف”، مشيراً إلى أن مبادرة “خطوة مقابل خطوة”- التي من شأنها إشراك النظام والمجتمع الدولي قد تؤتي أكلها، مشيرا إلى أن هذه المبادرة باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وتابع قائلا: “لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة الحالية حل هذا الصراع بمفردها، لا النظام ولا المعارضة تستطيع، ولا أطراف أستانة، ولا المنطقة العربية وحدها، ولا الأطراف الغربية، لقد برهن الزلزال على إمكانية اتخاذ خطوات إيجابية إذا كانت هناك إرادة سياسية”.
يأتي هذا بعد أيام من حديث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس خلال مؤتمر صحفي قال فيه: إن العاملين الصحيين السوريين يواجهون نفس التحديات التي يواجهها نظراؤهم الأتراك، ولكن “بموارد أقل بكثير”.
وأوضح قائلاً: “اثنتا عشرة سنة من الحرب دمرت البنية التحتية والمنازل والآمال. أدى الجفاف والانهيار الاقتصادي وجائحة كوفيد-19 وتفشي الكوليرا المستمر إلى ازدياد البؤس بؤسا. حتى قبل الزلزال، كان أكثر من 90 % من الشعب السوري يعيشون في فقر، وأضاف رحبت المنظمات غير الحكومية في شمال غرب سوريا بزيارتي، لكنها أعربت عن خيبة أملها لأنني كنت أول مسؤول رفيع المستوى من الأمم المتحدة يزور المنطقة منذ بداية الحرب”، حسب قوله.
وأضاف الدكتور تيدروس أن منظمة الصحة العالمية كانت توفر ثلث الإمدادات الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال الغربي على مدار العقد الماضي، وقد ارتفعت النسبة الآن إلى الثلثين، لافتا إلى أن المنظمة مدّت المرافق الصحية في المنطقة بأكثر من 200 طن من المساعدات حتى الآن، وتواصل تقديم أكبر قدر ممكن من الإغاثة “سواء عبر الحدود أو عبر خطوط النزاع”، وفقاً للمدير العام.
ودعا المدير العام المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه الإنساني لدعم حل سياسي لإحلال سلام دائم في سوريا. وفي نفس الوقت، دعا “قادة جميع الأطراف في سوريا إلى استخدام المعاناة المشتركة لهذه الأزمة كمنصة للسلام”.