انتشار المخدرات بالشمال السوري ودور الجيش الوطني والمنظمات في محاربة مروجيها
المخدرات آفة العصر ومالها من تأثيرات على الأشخاص والمجتمعات عموماً، ولاسيما في المناطق المشتعلة، دخلت إلى الشمال السوري، ما دفع الجيش الوطني السوري، الذي يسيطر على المنطقة إلى محاربتها، والقبض على مروجيها، وتشديد الحراسة على المواقع التي يمكن أن تكون بؤراً للتهريب والمهربين.
وقال القيادي هشام اسكيف القيادي في الجيش الوطني لبرنامج ملف اليوم على راديو وتلفزيون الكل اليوم الثلاثاء، إن لدى الجيش الوطني السوري تحدياً كبيرا، كقوة تسيطر على الأرض، وانقسم هذا التحدي إلى قسمين، القسم الأول هو الإتجار بالمخدرات وأن تكون الأرض السورية المحررة هي ممر للإتجار وأن تكون في بعض الأحيان مقراً لتصنيع المخدرات، والشق الآخر هو عملية التعاطي.
وأضاف أن هذا الخطر الداهم هو عملية قتل للشعب السوري بصورة أخرى، وعمل الجيش الوطني من خلال عملياته على مكافحة عمليات التصنيع، وأيضا عمليات الإتجار، إذ نفذ نحو 15 عملية ضبط كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية ولاسيما خلال الأشهر الثلاثة أو الأربع الماضية بينها عمليتان كبيرتان الأولى منذ نحو شهر قام بها الفيلق الثالث عند معبر الحمران والثانية جرت منذ أيام قام بها هيئة ثائرون.
وأشار اسكيف إلى أن هذه العمليات تساندها هيئة التوجيه المعنوي التابعة لهيئة أركان الجيش الوطني، التي تقوم على معالجة الشق الثاني وهو شق التعاطي، وتعمل الهيئة على عملية التوعية من هذه الآفة التي تنهش في جسد المجتمع، على حد وصفه.
وأكد أن الشمال السوري أمام خطر داهم حقيقي، لا يمكن التقليل من أثره، إذ تفتك عملية التعاطي بالشباب وتدمر عقولهم، وتسهم إلى حد كبير في انهيار القيم المجتمعية، وهذا ما يحرص الجيش الوطني على ألا يحصل أبداً.
وأشار إلى أن إيران وحزب الله اخترعا أنواعاً جديدة من المخدرات يتم ترويجها، كـ”إتش فود” و “الكريستال”، مضيفاً أن الجيش الوطني السوري خطا خطوات جبارة في التخفيف أو الحد من الإتجار، أو جعل الشمال السوري، ممراً لعبور المخدرات سواء إلى تركيا أو أوروبا، ودول الخليج، ولاسيما بعد الرقابة التي فرضت على أراضي المنشأ إن كان في لبنان أو حتى في ميناء طرطوس.
وطالب القيادي في الجيش الوطني السوري أن يساهم المجتمع في محاربة هذه الآفة وذلك من خلال الندوات أو الخطب من قبل علماء الدين وأئمة وخطباء المساجد، كي تتضافر مع جهود هيئة التوجيه المعنوي التابعة لهيئة أركان الجيش الوطني، التي تقوم بجهود جبارة تنصب بالدرجة الأولى لتوعية المقاتلين لخطر هذه الآفة، من خلال الملصقات، والندوات والمحاضرات.
وعن الأسباب أشار اسكيف إلى أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها الشمال السوري عموماً غالباً ما تدفع البعض للانخراط في عمليات التعاطي أو عمليات الإتجار، وأشار إلى أن الجيش الوطني رغم ضعف إمكاناته استطاع أن يحد بنسبة 50% عمليات الإتجار أو التصنيع أو جعل الشمال ممر تهريب للمخدرات، وذلك لما يواجهه من نظام متقن يمارسه النظام وحزب الله في عمليات التهريب.
وأوضح أن الجيش الوطني السوري يعاني من النقص في عمليات التدريب المستمر للعناصر، وذلك لأنه كلما زادت القوى الأمنية من عمليات الكشف، زاد المهرب من عمليات الإخفاء، وهذا يتطلب عملية رفع مستوى دائم وتدريب مستمر على أعلى المستويات، وكشف عن النقص في أدوات الكشف عن المخدرات مثل الكلاب المدربة على هذا الأمر، والنقص في عدد القوات الأمنية التي تغطي مكامن الخطر، ورغم ذلك نعمل بأقصى طاقتنا للحد من انتشار هذه الآفة.
وأوضح أن الجيش الوطني السوري يبذل جهده في مجال المكافحة وعلى المجتمع المدني القوى المحلية ونقابة الأطباء وكثير من الدوائر الطبية، ومنظمات المجتمع المدني، أن تتحمل مسؤوليتها في علاج المتعاطين للحد من مشكلة التعاطي والإدمان، مع تقدير أن هذه الخطوات تحتاج إلى موازنات دول بحالها.
وناقش ملف اليوم هذا الموضوع من الناحية الصحية والتقى بالدكتور محمد كحيل مدير فريق حملة “ساعدني لأشفى” للتوعية من مخاطر المخدرات، حيث أشار إلى أن مشكلة المخدرات ليست محلية أو تخص الشمال السوري فحسب، بل هي مشكلة عالمية تعاني منها جميع الدول، موضحاً أن الدول التي بها نزاعات وبها حروب تكون عرضة لانتشار المخدرات بشكل أكبر.
وأشار الدكتور كحيل إلى مخاطر المخدرات بقوله إن مشكلة المخدرات لها تبعات كبيرة، منها القتل والنهب والسلب والاغتصاب والاختطاف والخيانة، ولذلك يجب أن يقف كل شخص في مناطق الشمال، وكل الجهات المعنية من مجالس محلية وجهات قضائية وشرطية وجيش وطني وجهات مجتمعية، أمام مسؤوليتهم لإيقاف هذا الخطر، الذي يحدق في مجتمعنا.
وعن دور حملة “ساعدني لأشفى” فقال أصبح فيها لجنة باسم “اللجنة الوطنية لمحاربة المخدرات”، وفيما يخص التعاطي نحن نمد يد العون لكل من يريد أن يتعافى، ونقدم له النصح، ونعمل كي نكون سياجاً منيعاً لأبنائنا الشباب الذين لم يسقطوا وإن شاء الله لن يسقطوا في هذا المستنقع الخطير (المخدرات).
وحول ما إذا كان هناك مراكز استشفاء للمتعاطين والمدمنين في الشمال السوري، قال الدكتور كحيل إنه “بحسب معلوماتي وفي الاجتماع الأخير الذي حضرناه في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، إن مشفى أو مصح لمعالجة مدمني المخدرات في منطقة سجّو بريف حلب سيقلع قريباً، بالتنسيق مع مديرية الصحة. وأيضا هناك مشفى أو مصح يجهز أيضا في مدينة اعزاز و في القريب العاجل، سيوضع في الخدمة قريباً جدا، وسيتم من خلاله استقطاب كافة الأشخاص الذين يودون المعالجة، وستتم معالجتهم بشكل سري دون أي مسؤولية عن الأشخاص القادمين للتعافي.
يشار إلى أن الجيش الوطني السوري نفذ آخر عمليات مكافحة المخدرات في قرية كوكان بمنطقة غصن الزيتون حيث تمكن الجيش الوطني بعد مواجهات وقعت يوم الأحد الماضي من اعتقال مطلوبين ومروجي مخدرات كانوا يتحصنون في وفق مراسلة راديو وتلفزيون الكل.
وقالت مراسلتنا إن الفيلق الثالث استنفر قواته وسيطر على القرية التي يتحصن فيها المطلوبون ومروجو المخدرات، وتمكن من إلقاء القبض عليهم، بعد اشتباكات دارت بين وحدات من الجيش الوطني السوري والمطلوبين.
ويأتي هذا بعد أيام من إعلان الجيش الوطني ضبط ما يزيد عن مليون ونصف المليون حبة كبتاغون قادمة من مناطق سيطرة النظام عبر حزب الله باتجاه المناطق المحررة، وذلك في ظل الجهود المبذولة للحد أو القضاء على هذه الظاهرة التي تدمّر الأشخاص المتعاطين أولاً وينعكس ذلك على المجتمع عموماً، وسبق أن أعلن الجيش الوطني عبر منصاته عن عمليات كثيرة طالت تجاراً ومروجي مخدرات في الشمال السوري.
وقال مراسلنا إن تهريب المخدرات غالباً ما يكون مصدره مناطق سيطرة النظام وذلك في إطار مساعي نظام الأسد ومليشيات حزب الله لنشر المخدرات بمناطق سيطرة الجيش الوطني، وذلك لمعرفتهم بما لها من تأثير كبير في تدمير المجتمع، وأضاف أن المدمن على المخدرات يمكن أن يقوم بالسرقة أو التشليح أو حتى ارتكاب الجرائم في حال لم يستطع تأمين ثمن المخدرات، وهذا ينعكس على المدنيين في مناطق سيطرة الجيش الوطني.