الكشف عن شبكة لنشر معلومات مضللة تديرها روسيا
كشفت بيانات نشرها معهد الحوار الاستراتيجي (ISD) عن شبكة مدعومة من روسية عملت طيلة السنوات الماضية على نشر معلومات مضللة على شبكة الانترنت لتشويه واقع الصراع السوري ومنع تدخل المجتمع الدولي في القضية السورية.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن بيانات المعهد أكدت أن الشبكة تضم مواقع إخبارية ومنظمات وأفراد تلقوا دعما من روسيا وقاموا بإرسال آلاف التغريدات التي تحتوي معلومات زائفة بهدف تشويه واقع الحرب في سوريا مشيرة إلى وجود 1.8 مليون متابع يصدقون كل كلمة يقرأونها في المنشورات هذه.
وحدد المعهد ثلاثة ملامح فيما ينشر وهي مهاجمة وتشويه عمل متطوعي الدفاع المدني ومنظمتهم الخوذ البيضاء، والتركيز ثانيا على نفي استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي وتشويه المعلومات عنه. وثالثا مهاجمة المنظمات الدولية التي تحقق في الأسلحة الكيميائية.
وأصبحت الخوذ البيضاء هدفا لغضبهم بعد توثيقها حوادث استخدم فيها السلاح الكيماوي مثل خان شيخون في 2017 حيث قتل 97 شخصا ثلثهم من الأطفال.
وتوصلت دائرة تابعة للأمم المتحدة لاحقا إلى “وجود أسباب معقولة تدفع للاعتقاد بأن القوات السورية أسقطت قنابل نشرت غاز السارين” على البلدة في محافظة إدلب.
وجاء التحليل الجديد في تقرير أعدته الحملة السورية ووجد أن الروايات الرسمية للحكومة الروسية لعبت دورا محوريا في خلق المناخ ونشر المحتويات الزائفة، حيث لعبت سفارتا موسكو في بريطانيا وسوريا دورا بارزا. ومن بين 47,000 تغريدة تحتوي على معلومات زائفة نشرها 28 داعيا لنظريات المؤامرة ما بين 2015 و2021، فإن 19,000 منها كانت منشورات أصلية أعيد نشرها أكثر من 671,000 مرة.
ومن بين الذين وردت أسماؤهم كمؤثرين في عمليات التضليل، فانيسا بيلي، التي تصف نفسها بالصحافية المستقلة والتي تحولت نظرياتها كدليل لروسيا في مجلس الأمن الدولي.
وفي أيلول/ سبتمبر 2015 اتهمت بيلي الخوذ البيضاء بأنها متحالفة مع تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية أخرى، زاعمة أن اللقطات التي يأخذونها في عمليات إنقاذ المدنيين وإخراجهم من أنقاض البيوت والبنايات التي دمرت، مفبركة.
وقال فاروق حبيب، نائب مدير الخوذ البيضاء: “في البداية اعتقدنا أن هذا الكلام من جهة ليست لديها المعلومات الصحيحة، وعلينا الاتصال بها وتوضيح الحقائق لها” و”لكن بعد بحث، اكتشفنا أن هذا متعمد ومنظم”.
وكشف البحث عن أكاديميين بريطانيين نشروا المعلومات المضللة التي نشرها النظام السوري والداعمون لنظريات المؤامرة الذين تبنوا الرواية الروسية. وذكر التقرير أن الصحافي أرون ماتي في “غري زون” قد تفوق منذ 2020 على بيلي كأهم ناشر للمعلومات المضللة بين 28 داعية لنظريات المؤامرة.
وقالت لينا سيرغي عطار، مديرة مؤسسة كرم “إنه أمر مهين عندما يقوم دعاة نظريات المؤامرة بنشر الأكاذيب ويعتقدون أن لديهم الأخلاقيات العليا مع أنهم ينشرون الأكاذيب”.
وهناك الصحافية الكندية المستقلة إيفا بارليت التي ظهرت في ندوة نقاش للحكومة السورية بالأمم المتحدة زاعمة أن الخوذ البيضاء يقومون بفبركة عمليات الإنقاذ.
وشوهدت نسخة من النقاش 4.5 مليون مرة على فيسبوك. وتعرضت الخوذ البيضاء للهجمات وأكثر من أي طرف آخر، وكانت هدفا لأكثر من 21,000 تغريدة صممت لنزع المصداقية عن عميلها أو مهاجمة ردهم السريع.
وقال حميد قطيني، المتطوع في شمال سوريا إن “النظام السوري والروس جعلوا من عمليات الإنقاذ خطيرة جدا، وعبر الهجمات المزدوجة. وعندما نصل لإنقاذ الناس في هدف تم قصفه يقومون بالضرب مرة ثانية ولقتل فرق الرد السريع”.
وبحسب منظمة The Syria Campaign كان تأثير هذا الوابل من المعلومات المضللة كبيرا حيث زرع الارتباك والشك بين صانعي السياسة الحكوميين، ما ساعد على وضع سياسات مناهضة للجوء، والتطبيع مع نظام أسد، وشجّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تكرار التكتيكات في أوكرانيا.
وقال مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية للباحثين: “أصبحت سوريا ساحة فحص لنشاطات التضليل الإعلامي وتم تعلم الدروس من هذه الحالة لكي يتم تجنبها في أوكرانيا وأبعد منها”.