أوكرانيا والفرصة التي لا تزال قائمة .. هل يستفيد السوريون من الدرس؟

محللون: الظروف مواتية دائماً لالتقاط لحظة الإمساك بزمام المبادرة والمسؤولية تقع على المعارضة بشكل رئيس

عدا عن العدد المحدود من موالي النظام الذين أخرجهم في مسيرات، لتأييد حرب بوتين في أوكرانيا فإن غالبية السوريين تفاعلوا بشكل واسع مع التطورات ولا سيما أن الشعب السوري خَبِرَ بشكل حسي تفاصيل الفعل الروسي في سوريا من منع سقوط نظام متداعٍ إلى تدمير مدن وبلدات وتهجير قطاعات سكانية.

التوجه العام للسوريين أظهر تعاطفاً كبيراً مع معاناة الأوكرانيين، وبات جزءاً منها وهو ماكان واضحاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام معارضة بحيث بدا الشعب السوري الأكثر تفاعلاً بين الشعوب العربية مع الأوكرانيين فيما أظهر ممثلوه مواقف متقدمة لجهة المطالبة باستحضار الدعم الغربي للأوكرانيين للقضية السورية ولكن هل تكفي المطالبات وما الدروس المستفادة؟

السوريون مصممون على الانتصار

ورأى د. جورج صبرا الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري أن السوريين مصممون على الانتصار وتطلعهم لما يحدث في أوكرانيا كون هزيمة بوتين سيكون لها تأثير كبير على حليفه الصغير.

وقال إن هناك فارقاً في تعامل الغرب بين أوكرانيا والقضية السورية، والبداية كانت بالنسبة لسورية هي خطوط أوباما الحمراء التي رسمها، ثم عاد وابتعد عن القضية السورية بسبب اتفاقه مع إيران حول ملفها النووي.

غياب الحامل السياسي

وأضاف أن هناك غائباً أكبر في القضية السورية وهو الحامل السياسي الذي يمكن أن يدفع باتجاه النصر إذ إن مؤسسات المعارضة لم تعد موضع ثقة بالنسبة لكثير من السوريين، ولكن بذور الثورة ما زالت موجودة في معظم مناطق الداخل، ومن غير المستبعد أن ينطلق السوريون من جديد.

وأضاف أن السوريين أسقطوا غير مرة بشار الأسد حين دفع النظام حزب الله وأيضا حين جاءت إيران وميليشياتها وبعدها حين جاء الروس وعدم وصولنا إلى النصر حتى الآن سببه ليس العجز السوري، بل النظام الدولي وعوامله الإقليمية ومن بينها وجود إسرائيل.

وقال إن ما أعلنه الشيخ حمد بن ثاني وزير خارجية قطر السابق بحق المعارضة مؤخرا ليس دقيقاً؛ لأن جزءاً كبيراً مما آلت إليه المعارضة يتحمل مسؤوليته هو شخصياً؛ لأنه كان مساهماً بتشكيلها.

الاستفادة من الظرف الراهن

وقال زهير سالم مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية إن فرص الاستفادة من المتغيرات والمعطيات الدولية والإقليمية متاحة بشكل دائم وهي رهن بإمكانيات المعارضة وقدرتها على التقاط اللحظة، وعلينا أن لا نطالب الآخرين بأن يقدموا لنا بل علينا أن نملك زمام المبادرة.

وأضاف أن الظرف ملائم لاتخاذ إجراءات على الأرض لنكون جزءا من الحالة الراهنة وهذا رهن بقدرة قوى الثورة على امتلاك زمام المبادرة ورسم استراتيجية وخطة جديدة، وتوحيد جميع قوى المعارضة وفصائلها في الداخل.

وقال إن المعارضة مع الأسف ما زالت تدور في فلك المانحين وغيرهم، ولا مانع من ذلك ولكن يجب تفضيل المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن فعلا صغيرا على الأرض قد يقلب الموازين ويحول الطالب إلى مطلوب وهذه مسؤولية القائمين على مفاصل المعارضة.

الضغط على المعارضة

وأضاف أن على السوريين أن يكونوا ورقة ضاغطة على المكونات القائمة من المعارضة، ولا يجب هدم ما هو قائم على أمل إنشاء أجسام جديدة، لأنه لو هدمنا ولم نستطع أن نبني ستكون الخسائر كبيرة، ولكن إن استطعنا إقامة بديل عنها أفضل منها فسيكون الأمر مفيدا.

وقال إن انشغال الروس بحربهم وبشار الأسد يفتقد الاستناد إليه يعد ظرفا مناسبا لتغيير العمليات التعبوية على الأرض بشكل نوعي تنقل الصراع إلى طريقة أخرى لنصبح جزءا مما يحدث في أوكرانيا، ونكون أصحاب القرار الذي يصب في مصلحة الشعب السوري.

وضع جديد

مع اقتراب الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة السورية وجد السوريون أنفسهم أمام وضع جديد أوجده غزو القوات الروسية لأوكرانيا فالترقب عنوان المرحلة مع الأمل في انكسار الروس في أوكرانيا لما يعكسه ذلك من تأثيرات إيجابية على القضية السورية، وبينما يعلق السوريون الآمال على الدور الغربي في هزيمة الروس فإن ممثليهم من المعارضة السياسية يطالبون الغرب بتقديم الدعم كما هو الحال في أوكرانيا..

الدرس الأوكراني

ولكن وفي ظل التوجه الدولي الذي بدا مستداما لإبقاء النظام مع تغيير سلوكه والمحكوم بتوافقات دولية وإقليمية لا تبدو تلك المطالبات تستند على أساس سياسي فالتحرك من جانب المعارضة يجب أن يكون مبني على مشروع يستفيد من الفرصة القائمة في أوكرانيا كما يقول الكاتب والسياسي د. مضر الدبس

الدرس الأوكراني في صمود الداخل والوحدة قد يبنى عليه في نبذ الصراعات الإيديولوجية باتجاه تهيئة السوريين جيدا لمشروع وطني يصحح الأخطاء بشكل جذري؛ لأنه الأساس الذي تعكس متانته استقطاب قوى تدعم قضية عكستها ثورة السوريين للعودة إلى أيامها الأولى، فالتشاؤم لا يجدي والإفراط في التفاؤل يبقى وهماً في ظل واقع لا يتواءم معه.

راديو الكل – ملف اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى