سوريا.. المجاعة تقرع الأبواب
إذا كان الجفاف أحد العوامل التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات في العام 2011، فإنه يضاف الآن إلى الأزمة المعيشية الآخذة بالتدهور، وشح الكهرباء والمياه والمحروقات والموارد والمساعدات وانعدام الأمن الغذائي لنحو 12,4 مليون شخص.
المجاعة تطرق الأبواب في العام الجديد فلا موارد في بلاد تئن تحت وطأة احتلالات تبحث عن ثروات في ركام البلاد وخرائبها، والغرب لا يريد دفع أموال لإعادة إعمار وإنعاش اقتصاد يحتاج لـ 800 مليار دولار، والنظام يحكم قبضته الأمنية على رقاب الأهالي مراهنا على عامل الوقت وعلى انفتاح عربي لجلب الأموال.
الليرة فقدت 99 بالمئة من قيمتها
ورأى الدكتور عبد الحكيم المصري وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة أن المعاناة شديدة ونحو تسعين بالمئة من السكان تحت خط الفقر مع توقف القطاعات ومن أبرزها الزراعة، والليرة السورية لم يبق من قيمتها سوى نحو 1 بالمئة.
وقال إن الأراضي الزراعية الأساسية هي خارج سيطرة النظام وهو لا يملك القطع الأجنبي من أجل الاستيراد الأمر الذي ينعكس على الأهالي.
وأضاف المصري أن رفع النظام سعر صرف الدولار من 1256 ليرة إلى 2512 ليرة أدى إلى مضاعفة أسعار المواد المدعومة، وهو ما ينعكس على تكاليف الزراعة.
استعمار اقتصادي روسي إيراني
وقال المصري هناك استعمار اقتصادي روسي إيراني لسوريا، وتجاوزت ديون النظام الخارجية 200 مليار دولار، إضافة إلى العجز المتراكم، والخطر الأكبر هو طباعة أوراق نقدية.
وبالنسبة لأوضاع الزراعة في الشمال السوري قال الدكتور المصري إنه يحقق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للمواد الأساسية الاستراتيجية ولا سيما القمح على الرغم من احتمال الجفاف في الموسم الحالي.
تهجير ممنهج
وقال الباحث السياسي سعد الخطيب أن التجويع في سوريا لا يعود إلى أسباب بيئية بل إلى سياسة النظام والاحتلالات الروسية والإيرانية، من خلال تهجير ممنهج للأهالي بهدف التغيير الديمغرافي.
وأضاف أن إيران خصوصا تسعى إلى تفريغ البلاد من سكانها لتأتي بميليشياتها، مشيرا إلى أن النظام بدوره يقوم بتهريب السوريين إلى الخارج.
وقال الخطيب: لو أرادت إيران وروسيا إنعاش الاقتصاد السوري لكان بإمكانهما إشباع السوريين الخبز بالحد الأدنى مع الأخذ بالاعتبار مليارات الدولارات التي تم صرفها على الآلة الحربية التي دمرت البلاد.
وأضاف الخطيب أن روسيا وإيران دخلتا البلاد من أجل السيطرة على ثروات البلاد، والمشكلة الاقتصادية سببها هاتين الدولتين بالتعاون مع نظام الأسد العميل الذي لديه استعداد للتخلي عن جميع ثروات سوريا من أجل أن يبقى على الكرسي.
المناخ والزراعة
وكان رئيس حكومة النظام حسين عرنوس قال إن احتياجات سوريا من القمح كانت العام الماضي مليوني طن لم يتوفر منها سوى 365 ألف طن
ومن جانبه عزا وزير الزراعة في حكومة النظام حسان قطنا انخفاض إنتاج القمح إلى عوامل المناخ لكنه حذر بنفس الوقت من أن العام الحالي سيكون الأخطر والأسوأ بسبب الجفاف
صحيفة البعث تنتقد الحكومة
وحمّلت صحيفة البعث الموالية حكومة النظام مسؤولية مفاقمة الأزمة الغذائية من خلال انسحابها من دعم القطاع الزراعي ما تسبب بتراجع إنتاج القمح إلى نسبة لم تشهدها البلاد منذ نصف قرن.
وبحسب برنامج الغذاء العالمي فإن حوالي 12,4 مليون شخص ما يقرب من 60 في المئة من السكان يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي في حين انخفض تمويل المساعدات الإنسانية من خلال الأمم المتحدة، ابتداءً من حزيران/ يونيو 2021، ولم يتوفر سوى 15 بالمئة فقط من الأموال التي طلبتها من الدول المانحة وهي 4.2 مليار دولار.
ويأتي ذلك والسوريون في مختلف المناطق بأمس الحاجة للمساعدات بسبب استمرار انخفاض مستوى المعيشية والجفاف ما يزيد من احتمالات تعرض البلاد لمجاعة حقيقية، بدأت ملامحها مع ازدياد رفع الدعم عن المواد الأساسية واستمرار تدهور سعر صرف الليرة ورفع المصرف المركزي سعر الدولار من 1256 ليرة إلى 2512 ليرة.