تقرير لـ”إندبندنت” يتحدث عن تسمم مناطق في شمال شرقي سوريا بالنفط
الصحيفة البريطانية قالت إن مصافي النفط البدائية بسوريا، تقذف النفايات والمعادن المسببة للسرطان مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ.
نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تقريراً أمس الاثنين، بعنوان “كانت خضراء وأصبحت جهنم.. كيف يسمم النفط شمالي سوريا؟”، تحدثت فيه عن المخاطر الكبيرة الناتجة عن التسربات النفطية في مناطق شمال شرقي سوريا، على الأهالي والسكان والطبيعة، مشيرة إلى أن النفط السوري أضحى سماً يحول كل ما هو أخضر إلى جحيم أسود.
وقالت الصحيفة في التقرير، إنه قبل اندلاع الحرب في سوريا، كانت قرية خراب أبو غالب في محافظة الحسكة، تتميز بالمراعي الخضراء والطبيعة التي يقصدها الناس للاستجمام، لكن الحرب غيرت لون الأرض، وباتت بؤرة خطيرة لسم خطير يزحف ببطء.
وتغير حال هذه القرية الصغيرة، والمناطق المجاورة، بعد أن تحول مجرى مائي إلى نهر أسود يشق الأراضي الزراعية حاملا كميات من النفط المتسرب، والذي يشكل خطراً على صحة السكان.
ونقلت الصحيفة عن سكان في المنطقة قولهم، إن منشأة نفط قريبة من المكان تسببت في هذا الدمار الذي حل بالطبيعة، محملين التسريب النفطي وعمليات الحرق في المنشأة مسؤولية ارتفاع عدد الوفيات بينهم، بسبب السموم التي تخترق أجواء المنطقة.
وبحسب ما ورد في التقرير الذي نقله موقع قناة “الحرّة”، رصدت مراسلة الصحيفة مرور جنازتين قرب مجرى التسرب النفطي، تذكر بمصير السكان الذين يحيط بهم الخطر، فيما لا أفق لحل هذه المشكلة البيئة التي تفتك بالحياة هناك.
وتقول المراسلة، إنه قبل 4 أيام من وصولها إلى المكان، توفي رجل مسن وامرأة في منتصف العمر بسبب صعوبات في التنفس ومشاكل في الصدر وفشل كلوي.
كما تهاجم رائحة النفط الكريهة السكان في منازلهم، حيث تحرمهم من تنفس الهواء النقي وتقلق نومهم.
وبيّن التقرير أن حقول الرميلان، تعاني من تسريبات خطيرة، حيث غمرت سيول النفط الخام الحقول والقرى عام 2020.
وفي مناطق شمال شرقي سوريا، تعمدت الطائرات الحربية استهداف منشآت النفط، ما أتلف صهاريج التخزين وخطوط الأنابيب والآلات، وتسبب الأمر بتسريب خطير يمكن رؤيته في أراضي القرى المجاورة.
ولفت تقرير “إندبندنت” أنه بعد سيطرة عناصر تنظيم “داعش” على تلك المنطقة، في عام 2014، استخدموا المعدات الموجودة لاستخراج النفط وتكريره بطرق غير آمنة، للحصول على عوائد مالية تمول عمل التنظيم المتطرف.
وأوضح التقرير أن تدمير مصافي النفط الرسمية وخط الأنابيب إلى المصفاة الرئيسية في حمص إلى ظهور الآلاف من المصافي المؤقتة، كل منها يقذف النفايات في الأرض، بما في ذلك المعادن الثقيلة المعروفة بأنها مسببات للسرطان مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ.
كما يتم حرق الغازات، بما في ذلك ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين، والمنتجات الثانوية لإنتاج النفط وتكريره، أو إطلاقها في الغلاف الجوي.
وأكدت الصحيفة أن ما يفاقم المشكلة هو أن سوريا مرت بحالة غير مسبوقة من الجفاف في الآونة الأخيرة، مما أدى إلى نقص حاد في المياه، خاصة أن خبراء حذروا من أن التسرب النفطي يهدد المياه الجوفية، والتي في حال اختلطت بالمواد النفطية، لن يتمكن السكان من الاستفادة منها.
وقال خبراء للصحيفة إن الصراع في سوريا أدى إلى تدمير إنتاج النفط في هذه المنطقة، حيث كانت تنتج قبل الحرب حوالي 400 ألف برميل يوميا، ويقدر الآن أنه انخفض إلى نحو 20 ألف برميل.
وأدت الأزمة المستمرة والقتال العنيف ونقص الاستثمار، إلى قلة إعادة الإعمار أو الصيانة للمنشآت القليلة التي لا تزال تعمل في تلك المناطق، مما تسبب بتسريبات نفطية باتت تشكل خطراً على البيئة وعلى صحة السكان.