درعا .. الآلاف يهربون من تهديد الاجتياح وآخرون يتحدون “التجويع”

نحو نصف السكان بقوا في منازلهم، بسبب التخوف من الاعتقال على حواجز النظام أو لعدم القدرة على دفع تكاليف النزوح.

يعيش من تبقى من أهالي درعا البلد المحاصرة منذ نحو شهرٍ ونصف تحت تهديد القصف والتخويف بالاجتياح المفاجئ من قبل قوات النظام والميليشيات المرتبطة بإيران، وسط ظروفٍ إنسانية غاية في السوء، حيث يندر الخبز والمواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية.

ومنذ بدء الحصار في أواخر حزيران الماضي نزح ما يقرب من 50 ألف نسمة (نصف السكان تقريباً)، معظمهم في الأيام العشرة الأخيرة مع قصف النظام لمنازلهم، بعضهم اختار درعا المحطة وآخرون التجؤوا إلى الريفين الشرقي والغربي للمحافظة.

الاقتحام بين “ليلةٍ وضحاها”

بحسب مراسل راديو الكل في درعا عمد النظام عبر متعاونين إلى نشر أخبار تفيد بأن الاقتحام سيكون خلال “ليلة وضحاها” مع تعثر المفاوضات مع اللجنة المركزية وعدم قبول أبناء المنطقة بتسليم سلاحهم والسماح له بالسيطرة الكاملة.

وصاحب نشر ذلك الترهيب بأن الاجتياح سيستبيح كل شيء من اعتقال للمدنيين إلى “تعفيش” الممتلكات وتخريب المنازل دون أي رادع، مذكرين بعمليات الاقتحام التي قام بها النظام ومليشياته بالسنوات السابقة.

وأضاف مراسلنا أن القصف المستمر كان سبباً آخر لنزوح المدنيين، مؤكداً أن القصف عشوائي مستمر يستهدف الأبنية السكنية والمرافق الحيوية.

وتسبب قصف النظام على درعا مع بدء محاولات الاقتحام في أواخر الشهر الماضي بمقتل 18 شخصاً، 6 منهم في اليادودة التي تعرضت لقصف بصواريخ من نوع فيل.

“التجويع” بقطع المواد الأساسية

منذ بدء الحصار وتعاني درعا البلد وأهلها من نقص حاد بالمواد المعيشية الأساسية، وهي سياسة اتبعها النظام في المناطق السورية الأخرى خلال السنوات الماضية بهدف التجويع ومن ثم السيطرة.

وقال مراسلنا في المحافظة إن أول شيء قطعه النظام ومنع دخوله بأي طريقة هو حليب الأطفال، مؤكداٍ أن الأحياء المحاصرة شبه خالية الآن من هذه المادة الحيوية.

ولم يقتصر ذلك على الحليب، فمع بدء الحصار أوقف النظام مخصصات فرن درعا البلد من الطحين والمازوت بقصد حرمان المدنيين من مادة الخبز، محدثاً أزمة كبيرة تتفاقم مع استمرار الحصار.

كما أغلق النظام جميع الطرق التي تؤدي إلى أحياء درعا البلد أمام المواد الغذائية ووقف في وجه المساعدات الإنسانية الأممية التي كان يحصل عليها المدنيون بشكل دوري.

وأمام ذلك كله عمل النظام على إحداث أزمة في القطاع الطبي حيث استهدف النقطة الطبية الوحيدة ما أدى إلى إخراجها عن الخدمة، إضافةً إلى منع دخول الدواء للمرضى.

الفقراء بقوا في درعا البلد

ويشير مراسلنا إلى أن نحو نصف السكان بقوا في منازلهم، بسبب التخوف من الاعتقال على حواجز النظام، حيث يجبر النازحون على المرور بتلك الحواجز.

ويوجد قسم كبير من أهالي درعا متخلفين عن الخدمة العسكرية في جيش النظام، إضافة إلى وجود مطلوبين كانوا في صفوف الجيش الحر سابقاً وشبان لم يجروا تسوية في 2018.

ويقول مراسلنا إن البعض اختاروا البقاء بسبب سوء أوضاعهم المعيشية وعدم قدرتهم على تأمين مستلزمات المعيشة بالخارج أو حتى دفع أجرة البيت الذي وصل لنحو 100 ألف ليرة سورية في درعا المحطة.

وعن حياتهم الآن، أكد مراسلنا أنهم يعيشون على المؤن السنوية التي لا يخلو منها بيت في درعا.

لعنة الإيجار في درعا المحطة

ولم تقتصر معاناة أهل درعا البلد على ذلك فارتفاع الإيجار في درعا المحطة التي لجأ قسم كبير منهم إليها كان عائقاً آخر لم يكن في الحسبان.

ونقل مراسل راديو الكل عن بعض النازحين أن الإيجار الشهري لبعض المنازل في هذه المنطقة حيث يسيطر النظام وصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف ليرة سورية، عدا عن الأزمة الكبيرة في تأمين المنزل بسبب الأعداد الكبيرة.

وتطورت الأحداث في درعا منذ 29 الشهر الماضي بشكل متسارع بعد محاولة النظام اقتحام أحياء درعا التي تضم 11 ألف عائلة من 3 محاور.

ويرفض أبناء درعا تسليم سلاحهم الخفيف الذي احتفظوا به منذ تسوية 2018 بعد سحب سلاحهم المتوسط والثقيل، ما اعتبروه إخلالاً بالاتفاق الذي رعاه الروس.

وتقول اللجنة المركزية إن “السلاح الفردي الذي يطلب النظام استلامه، هو سلاح شرعي بموجب اتفاق التسوية الذي رعته روسيا في 2018”.

خاص – راديو الكل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى