كيف أجبرت الأزمات الإقتصادية النظام على الحديث عن بعض أسرار النفط، وهل سوريا دولة نفطية؟
كشفت الأزمات المتلاحقة التي يعيشها النظام قسما من الحقائق التي كانت لمدة طويلة محجوبة عن الأهالي وتعد جزءا من أسرار الدولة ومن بينها ملف النفط الذي أبقاه النظام لعقود طي الكتمان لجهة الكميات التي تنتجها الحقول والآبار والتي تعد إلى جانب القطن سلع استراتيجية لا تدخل معظمها خزينة البلاد أو في موازناتها ، بل توضع عائدتها من خلال التصدير في الحسابات المصرفية للأسرة الحاكمة .
ولم يكن التصريح الشهير للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنه يحب النفط وسيبقي قواته شرق الفرات لحماية الآبار وحده ما سلط الضوء على أهمية ملف النفط في سوريا بل أيضا تصريحات مسؤولي النظام الذين اضطروا للرد طالما القضية كشفت ، وعلى رأس هؤلاء بشار الأسد الذي اتهم الولايات المتحدة باللصوصية ، بينما أعلن قبل يومين رئيس حكومة النظام حسين عرنوس عن الرقم الذي كانت تنتجه آبار النفط في سوريا ..
د. المصري : سوريا دولة غنية بالنفطي وانتاجها الحقيقي يقدر بمليون برميل يوميا
وقال د. عبدالحكيم حسين المصري وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة أن بعض الإحصائيات قدرت إنتاج سوريا من النفط بنحو مليون برميل يوميا وأخرى قدرته بـ 600 ألف برميل ، وهذا يعني أنها من الدول الغنية بالنفط مشيرا إلى أنه إذا تم استثمار حقول الغاز في بانياس التي ينقب فيها الروس فإن سوريا من الممكن أن تحتل المرتبة الثالثة في العالم في إنتاج الغاز .
وأضاف المصري أنه منذ اكتشاف النفط اتبع النظام استراتيجية تقلل من أهمية النفط والترويج بأن نوعيته رديئة لدرجة أنه يشكل عبئا على الاقتصاد ، ولكنه في نفس الوقت كان يبيعه دون أن يكون مسجلا ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط ” أوبك ” وتذهب عائداته إلى جيوب الأسرة الحاكمة .
اقتصاد سوريا من أقوى اقتصادات الدول العربية
وأضاف المصري أن تعدد الثروات ومصادر الاقتصاد في سوريا يجعلها من أقوى اقتصاديات الدول العربية ولا سيما أنها متعددة الثروات ولديها القطاع الزراعي ومن أبرز منتجاته الحمضيات والقطن والحبوب وأيضا الفوسفات والملح الذي يعد من أجود الأنواع في العالم .
وقال إن الخريطة الاقتصادية السورية تشير إلى سيطرة روسيا وإيران على ثروات البلاد ، وكان المواطن السوري يتوقع أن تصبح البلاد مدمرة ، وليس أن تكون مباعة لهاتين الدولتين .
ورأى المحلل السياسي حسن النيفي أن إخفاء نظام الأسد عائدات ثروات البلاد هي مسألة ليست جديدة ، فالجميع يعلم أنه منذ حافظ الأسد وسوريا عبارة عن عقار وأن الأسرة الحاكمة هي المالكة لهذا العقار ولا أحد يسألهم ، مشيرا إلى أزمة رفعت الأسد الذي نهب البنك المركزي حين قرر الخروج من البلاد وأيضا خلال أزمة احتلال العراق للكويت حين ابتز النظام أمير الكويت للحصول على أموال ضخمة مقابل مشاركة قوات سورية فيما سمي آنذاك حرب تحرير الكويت .
المجتمع الدولي يتبع مصالحه ولايهمه مايفعل النظام بالشعب السوري
ورأى حسن النيفي أن بشار الأسد حين يقول إن الأمريكيين هم لصوص هو يقصد أنهم يأخذون النفط منه وليس من البلاد ، وقال إن سوريا تعتمد بشكل رئيس على النفط والحبوب والقطن ومعظمها يأتي من شرق الفرات وهذا الجزء من الاقتصاد تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا ، ولذلك فإن النظام يصعد هجومه على الولايات المتحدة .
وأضاف أنه على الرغم من الاحتياطي الكبير للنفط في سوريا إلا أن الولايات المتحدة ليست بحاجة لنفط سوريا بحكم إنتاجها الضخم وسيطرتها على نفط الخليج وغيره وهي تستطيع الحصول على نفط سوريا سواء وجدت في المنطقة أم لا .
وقال النيفي إن النظام يتذرع بشكل دائم بأن أسباب الأزمة الإقتصادية يعود إلى سيطرة الولايات المتحدة على منابع النفط في حين أن المجتمع الدولي الذي يتعامل مع النظام يدرك أن سوريا تحكمها طغمة وليس لديه مشكلة في التعامل معه طالما يخدم مصالحه ، مشيرا إلى موقف الولايات المتحدة الذي يتحدث عن تغيير سلوك النظام ، أما ماذا يفعل النظام بالشعب السوري فليست هناك مشكلة بالنسبة لديها ..
عرنوس : سيطرة الولايات المتحدة على النفط سبب رئيس للأزمة
ومنذ أطلق بشار الأسد تصريحه قبل نحو عام بأن الأمريكيين يسرقون نفط شرق الفرات ومسؤولو النظام ما انفكوا يعزفون نفس النغمة بسبب استفحال أزمة النظام الإقتصادية إلا أن اللافت في التصريحات الجديدة هي الحديث عن أرقام حول كميات النفط التي كانت تنتج قبل العام 2011 كما في حديث رئيس حكومة النظام حسين عرنوس أول أمس إذ قال إن سوريا كانت تنتج 387 ألف برميل يوميا أما الآن فهي لا تنتج سوى عشرين ألف برميل .
ولم يكن عرنوس الذي دفعه النظام إلى الواجهة ليظهر على وسائل إعلام النظام ويتحدث عن تلك الأرقام والتي تعد قليلة ولا تعكس الحقيقة ، لولا أن الهدف هو توظفيها بتبرير رفع أسعار المحروقات التي شلت حركة البلاد .
النظام يوظف الكشف عن بعض أسرار النفط سياسيا
توظيف الكشف عن بعض أسرار النفط استخدمه النظام في المفاصل الرئيسية للأزمات التي تعرض لها ففي العام 2011 مع تصاعد الاحتجاجات سرب عبر وسائل إعلامه أن إجمالي النفط المنتج في النصف الأول من ذاك العام وصلت 70.092 مليون برميل من النفط وكان الهدف من ورائه طمأنة للأهالي بوجود اقتصاد واعد .
وأيضا مع بداية استلام بشار الأسد الحكم حاول إطلاق وعود بمستقبل زاهر ينتظر السوريين إذ أعلن وزير وزير النفط آنذاك ، عن اكتشاف حقول ضخمة من النفط . ولكن بعد بضع سنوات وحين استقر وتمكن من الحكم عاد نفس الوزير إلى الحديث بأن حقول النفط المكتشفة في طريقها للاضمحلال وكمياتها قليلة جدا .
ولا يوجد دراسات وإحصاءات رسمية صريحة حول احتياطي النفط في سوريا ، وتصديره طيلة العقود الماضية كان يتم في السوق السوداء خارج منظمة أوبك وبالقبض المباشر ” كاش ” ما فتح الباب أمام تكهنات تقدر الاحتياطي بين مليارين ونصف إلى أكثر من مئة مليار عدا عن الغاز فبحسب نشرة إكونوميست إنتاليجانس يونت وصل إنتاج النفط بين عامي 1995 و2004 إلى 600 ألف برميل يوميا أي ما يعادل ثلث إنتاج الكويت .