بيدرسون يدعو مجلس الأمن إلى “الوحدة” لإحراز تقدم بالحل السياسي في سوريا
المبعوث الأممي قال لأعضاء مجلس الأمن: "لا أحتاج إلى تذكيركم أن هناك خمسة جيوش أجنبية تتدافع داخل سوريا"
دعا المبعوث الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون” مجلس الأمن إلى “الوحدة” من أجل إحراز تقدم في الحل السياسي للملف السوري، عبر تنفيذ القرار الأممي 2254، محذّراً من “بوادر تصعيد محتمل” في سوريا، و”تآكل” الترتيبات الحالية بشأن وقف إطلاق النار.
جاء ذلك في إحاطة قدّمها “بيدرسون” أمام مجلس الأمن، أمس الجمعة، لأول مرة منذ 18 شهراً، بحسب ما نقل موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
وحول الوضع الميداني في سوريا، خاطب بيدرسون الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالقول: “لا أحتاج إلى تذكيركم أن هناك خمسة جيوش أجنبية تتدافع داخل سوريا”.
وتحدث المبعوث الأممي عن وجود “مخاطر تهدد بتفكيك الترتيبات الحالية، وتآكلها ببطء “بسبب الوتيرة شبه المستمرة للعنف المحدود عبر الخطوط الأمامية”. وأضاف: “الأسوأ من ذلك، أنه يمكن أن تنهار (الترتيبات) بسرعة من خلال تصعيد أكثر دراماتيكية”.
ودعا بيدرسون إلى أن يكون وقف إطلاق النار في عموم سوريا “قضية مشتركة، لتجنب هذه المخاطر، والحفاظ على سلامة المدنيين، ولتكون بمثابة الخطوة الأولى نحو إعادة توحيد سوريا في نهاية المطاف واستعادة سيادتها”.
وذكر المسؤول الأممي ما سماها “بوادر تصعيد مقلقة” ظهرت في حزيران الحالي، متمثّلة في الهجوم على مستشفى “الشفاء” في عفرين، الذي أدانه “بشدة”، إضافة إلى التصعيد الأخير في إدلب وسقوط قتلى مدنيين وحدوث موجة نزوح جديدة.
وتابع بيدرسون: “هناك مؤشرات مقلقة على احتمال أن تنظيم داعش يستجمع قواه، بالنظر إلى زيادة وتيرة هجماته الأخيرة ومدى انتشارها”.
خيبة أمل
وفي إحاطته، أشار “بيدرسون” إلى إمكانية إيجاد “أرضية مشتركة محتملة” بين اللاعبين الرئيسيين في الملف السوري “لتعزيز الاستقرار الداخلي والإقليمي وبناء الثقة”.
وأردف: “أعتقد أننا جميعاً نشعر بخيبة أمل لأننا لا نحرز تقدماً حقيقياً على المسار السياسي لتنفيذ القرار 2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري والانتخابات التي تدار تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وأوضح المبعوث الأممي أن “فجوة عدم الثقة” بين النظام والمعارضة السورية، والوضع المعقّد على الأرض، يجعلان من إحراز تقدم مبكر نحو تسوية شاملة “أمراً غير مرجّح”.
ودعا “بيدرسون” إلى “بناء الثقة من خلال الأفعال لا الأقوال”، وتابع بالقول: “يجب أن يكون اللاعبون الرئيسيون مستعدين للجلوس على الطاولة متحلين بالنوايا الحسنة اللازمة، ولديهم شيء لتقديمه”.
تعميق المشاورات
وكشف “بيدرسون” أنه بصدد “تعميق المشاورات المواضيعية الاستكشافية التي تساعد على تحديد الخطوات الأولى التي يمكن للأطراف السورية والدولية تقديمها”، وشدّد على “تواصل منتظم” مع العديد من أعضاء مجلس الأمن والدول الرئيسية في المنطقة.
ويُفترض أن يتوجه المبعوث الأممي إلى العاصمة الإيطالية روما، لإجراء مشاورات مع وزراء الخارجية المشاركين في الاجتماع الوزاري بشأن سوريا، بتنظيم من إيطاليا والولايات المتحدة، وأضاف: “آمل أن أكون في موسكو قريباً، وأن أستشير تركيا وإيران أيضاً. سيكون هناك اجتماع بصيغة أستانا في مدينة نور سلطان بأوائل تموز”.
اللجنة الدستورية
وحول ملف “اللجنة الدستورية” لفت “بيدرسون” إلى أنه لا يزال يسعى لتسهيل عمل اللجنة، وأبلغ مجلس الأمن أنه يعتقد أن معظم السوريين يشعرون بـ”خيبة أمل” لأن “اللجنة التي اجتمعت خمس مرات، لا تعمل بجدّ على وجه السرعة لتحقيق نتائج وتقدمٍ في تفويضها المتفق عليه، لإعداد وصياغة إصلاح دستوري يُطرح للموافقة الشعبية”، وأكد أن نائبته “خولة مطر” موجودة حالياً في دمشق في سياق هذه الجهود.
وحدتكم حاسمة
كما تطرق “بيدرسون” إلى الوضع الإنساني في سوريا، مشدداً على أن الحالة الإنسانية لها الأولوية، في ظل حاجة المدنيين في جميع أنحاء سوريا بشدة إلى المساعدات المنقذة للحياة.
ودعا المبعوث الأممي إلى “ضرورة الحفاظ” على وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وتوسيع نطاقها، مبيّناً أن الاستجابة على نطاق واسع عبر الحدود لمدة 12 شهراً إضافياً “تُعدّ ضرورية لإنقاذ الأرواح”، وخاطب الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالقول: “وحدتكم هنا ستكون حاسمة”.
وفي 29 كانون الثاني الماضي، وصف “بيدرسون”، الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، التي انعقدت في جنيف في 26 من الشهر نفسه، بأنها “مخيبة للآمال”.
ولفت المبعوث الأممي في مؤتمر صحفي عقده في اختتام تلك الجلسة، إلى الموقف المتعنت لوفد النظام، وقال إنه أبلغ اللجنة المصغرة للدستور بعدم إمكانية الاستمرار “على هذا النحو”.
وأمس الجمعة، أكدت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة بالأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد”، خلال الجلسة نفسها، أن الطريق لتحقيق السلام في سوريا، يكون فقط عبر إنهاء الحرب، وتنفيذ القرار الأممي رقم 2254.
والقرار 2254 يعد أهم القرارات الصادرة في مجلس الأمن حول الملف السوري، وينص على تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات برعاية أممية، ويطالب بوقف أي هجمات ضد المدنيين.
كما يدعو القرار الصادر في 18 كانون الأول 2015، الذي صوت عليه أعضاء مجلس الأمن الـ 15 بالإجماع، إلى اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسوريا في غضون ستة أشهر.