دراسة: نصف سكان دمشق “تحت خط الفقر” وساعات العمل من ضمن “الأعلى عالمياً”
الدراسة قالت إن أكثر من 70% من العوائل في العاصمة السورية تعتمد على مصدرين أو ثلاثة للدخل لتأمين لوازم المعيشة
أكّدت دراسة حديثة أن أكثر من نصف السكان في العاصمة السورية دمشق يعيشون تحت خط الفقر، مع ارتفاع معدل ساعات العمل إلى مستويات تُعد من ضمن “الأعلى عالمياً”.
جاء ذلك في بحث نشره مركز “السياسات وبحوث العمليات” (OPC)، قال إن اقتصاد دمشق شهد خلال السنوات العشر الماضية “تغيرات هيكلية” نتيجة ظروف الحرب والإجراءات الأمنية والعسكرية القسرية التي فُرضت على مختلف أنحاء البلاد.
وبحسَب ما أورده موقع “الحرة” الأمريكي، رصدت الدراسة الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في العاصمة السورية في ثلاثة أقسام هي: العمل والاستهلاك والإنفاق، وشملت 600 مقابلة موزعة على ثلاثة مناطق سكنية وهي: نهر عيشة (فقير)، الزاهرة (متوسطة الدخل)، وركن الدين (مرتفعة الدخل).
القسم الأول: التوظيف
أظهرت البيانات أن متوسط أسبوع العمل بدوام كامل في دمشق كان 52.5 ساعة، ويعد أعلى من المعدل العام في المنطقة، وأعلى من المعدل المسموح به بموجب “قانون العمل السوري”.
ووفقاً للدراسة، يعمل 41.1 في المئة من المشمولين بالاستبيان 41-60 ساعة في الأسبوع، بينما قال 24.4 في المئة إنهم يعملون أكثر من 60 ساعة في الأسبوع.
وتُظهر تحولات سوق العمل من عام 2011 إلى اليوم تحولاً رئيسياً في التوظيف من القطاع الخاص إلى القطاع الحكومي. حيث قال 45 في المئة ممن شملهم الاستبيان إن لديهم وظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة، بينما ذكر 30.3 في المئة أن مهنتهم الحالية “عامل”، فيما بلغت نسبة المهنيين المستقلين (مثل المهندسين والمحامين) 23.1 في المئة.
وذكرت بيانات الدراسة أن 10.4 بالمئة من الرجال يمارسون أكثر من عمل في وقت واحد، لتأمين لوازم المعيشة الباهظة.
القسم الثاني: الدخل
خلصت الدراسة إلى أن “الظروف المتدهورة” في دمشق، أدت إلى زيادة اعتماد السكان بشكل حاد على المساعدات، وقال ربع المشمولين في الاستبيان إن التحويلات من الأصدقاء والأقارب في الخارج، تشكّل مصدراً رئيسياً للدخل.
في المقابل، أشارت الأرقام إلى أن عائلات 53٪ من مجموع المستجيبين تعيش تحت خط الفقر.
وفي الدراسة نفسها، أوضح 70.7 في المئة من المستجيبين أن أسرهم تعتمد على مصدرين أو ثلاثة مصادر رئيسية للدخل، بينما ذكر 19.2 في المئة أن أسرهم تعتمد على مصدر دخل واحد فقط.
وبلغت نسبة الذين ذكروا في الاستبيان أن رواتبهم هي أحد المصادر الرئيسية لدخل الأسرة، 64 في المئة، بينما أفاد 25.8 بالمئة منهم بأن الحوالات المالية من الأصدقاء والأقارب في الخارج باتت هي المصدر الرئيسي لدخلهم.
وبلغت نسبة المستجيبين الذين قالوا إن المساعدات العينية والنقدية التي تقدمها المنظمات الإغاثية هي مصدر دخلهم الرئيسي، 41.8 في المئة.
القسم الثالث: الاستهلاك
أوضحت الدراسة أن ذوي الدخل المنخفض هم الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية والمعيشية في العاصمة السورية، حيث انخفض مثلاً استهلاك البيض عام 2020 إلى أقل من نصف ما كان عليه عام 2018 من بين أقل المنفقين.
أما بالنسبة لاستهلاك اللحوم الحمراء، فلاحظت الدراسة أن الفئات الأعلى إنفاقاً انخفض استهلاكها لعام 2020 إلى أقل من نصف ما كان عليه عام 2018.
وزادت أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من الضعف في العام الماضي، مع تحذيرات “برنامج الغذاء العالمي” التابع للأمم المتحدة من أن 60 في المئة من السوريين، أو 12.4 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق منذ العام 2011.
وإضافة إلى هذا وذاك، أشارت الدراسة إلى أن معظم السوريين الآن يكرّسون معظم أوقاتهم لإيجاد الوقود للطهي وتدفئة منازلهم، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على مادة “الخبز”، مع معاناة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، الذي لا يصل إلى بعض المناطق سوى بضع ساعات فقط، تكفي بالكاد لشحن الهواتف.
ويمرّ اقتصاد نظام الأسد حالياً في أسوأ مراحله منذ العام 2011، حيث هبطت الليرة السورية إلى أدنى مستويات قيمتها على الإطلاق مقابل العملات الأجنبية، ما أدى إلى انخفاض كبير جداً في قيمة الرواتب، وارتفاع تكاليف أساسيات الحياة، وظهور أزمات متعددة متتالية في مناطق سيطرة النظام.
ومنذ العام 2018 تقول إحصائيات الأمم المتحدة إن نحو 90 بالمئة من السوريين يعيشون “تحت خط الفقر”، في ظل ارتفاع مطّرد بأعداد المحتاجين إلى أبسط مقومات الحياة.
وفي شباط الماضي، قال “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة، إنّ 12.4 مليون شخص في سوريا “يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام”، في زيادة كبيرة وُصفت بأنها “مقلقة”.
وأوضح البرنامج أن هذا الرقم يعني أن “60 بالمئة من السكان السوريين يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي”، ويمثل ذلك زيادة حادة، حيث كانت أعداد السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي تصل إلى 9.3 ملايين شخص في أيار 2020.