مصادر روسية تكشف بعض محاور النقاشات بين بايدن وبوتين حول سوريا
المصادر قالت لصحيفة "الشرق الأوسط" إن بوتين حاول إقناع بايدن برفع العقوبات على الأسد من مدخل "إنساني"
كشفت مصادر روسيّة بعض محاور النقاشات بين الرئيسين الأمريكي والروسي فيما يخصّ الملف السوري، خلال لقائهما الأول في جنيف يوم الأربعاء الماضي.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر روسية (لم تكشف هويتها أو وظيفتها) قولها إن “الجوانب السياسية ومستقبل التسوية السياسية في سوريا غابت عن النقاشات الروسية – الأمريكية خلال القمة، في حين تم التركيز بشكل أساسي على الوضع الإنساني والمعيشي”، موضحة أن تلك المعطيات كانت قد برزت بعد القمة مباشرة.
ووفقاً للمصادر نفسها، فقد تخلّل لقاء جنيف الذي استمر نحو 4 ساعات، طلب روسي مباشر بضرورة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على نظام الأسد “لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية المعيشية”، مشيرة إلى أن موسكو أولت أهمية لدفع ملف المساعدات الإنسانية، وضرورة أن يكون مرورها وتوزيعها في كل المناطق السورية عبر نظام الأسد فقط، في إشارة إلى رفض روسيا وصول تلك المساعدات عبر حدود خارجة سيطرة النظام.
وتضيف المصادر الروسية، أن بوتين حاول أن يقنع الجانب الأمريكي بأن العقوبات المفروضة على نظام الأسد تؤثر في معيشة السوريين، وكان وصف ذلك في لقاء مع قناة “إن بي سي” بأنه “غير إنساني”، وأنه “لا يمكن تبرير هذا التعامل القاسي مع الناس بأي شيء.
وأوضحت المصادر أن بوتين عندما تحدث عن ملف المساعدات الإنسانية ورفع العقوبات أشار إلى أن العقوبات الغربية الأحادية “تنعكس فقط على الشعب السوري، وليس على أطراف النظام التي لم تتضرر منها عملياً”.
وبحسَب “الشرق الأوسط”، قوبل التلميح الروسي إلى رفع العقوبات عن نظام الأسد من “المدخل الإنساني” برفض أمريكي، حيث أوضح المصدر الدبلوماسي الروسي، أن واشنطن لا ترى أن نظام بشار الأسد شرعي يمكن التعامل معه، كما تحدث الجانب الأمريكي عن عدم اعتراف واشنطن بشرعية ونزاهة “انتخابات الرئاسة” التي أجراها النظام في أيار الماضي.
وذكرت المصادر أن مندوب روسيا لدى المجلس “فاسيلي نيبينزيا” استبق النقاش حول إيصال المساعدات إلى سوريا بالقول إن “الحفاظ على الآلية العابرة للحدود سيعني أيضاً الاستمرار في دعم الإرهابيين الذين يعيشون على ما يبتزون وكيف يسيطرون على التهريب؛ المساعدات الإنسانية التي تأتي على طول هذا الممر تقع في أيدي الإرهابيين”.
بينما أفاد مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان” بأن “بايدن” شدّد خلال المشاورات الخاصة بسوريا على أن “ملايين الأشخاص الجياع” يحتاجون إلى الدعم في شمال شرقي وشمال غربي سوريا.
وفي هذا الصدد، أكد المصدر الدبلوماسي الروسي لـ”الشرق الأوسط” أن موسكو “لم تكن لديها أوهام حول احتمال التوصل إلى تفاهمات حول سوريا مع الجانب الأمريكي، كما بالنسبة إلى كل الملفات التي طرحت خلال القمة”.
وزاد أن واشنطن “ما زالت مصرّة على تقديم مداخل مختلفة تماماً للتعامل مع الوضع في سوريا، وهي قوة احتلال موجودة من دون دعوة من الجانب السوري، وتدعم النزعات الانفصالية في مناطق وجودها العسكري”.
وعلى الرغم من ذلك، لفت المصدر الروسي إلى “ارتياح” موسكو بسبب بروز “روح إيجابية ورغبة في تحقيق تقدم في عدد من الملفات”، موضحاً أن النقاش حول ملف المساعدات الإنسانية برز بين الملفات الخلافية، “لكن الطرفين اتفقا في المحصلة على أن تتم مواصلة المناقشات بشأنه بهدف التوصل إلى تفاهمات لاحقاً”.
ورأى المصدر الروسي أن مخرجات القمة و”الروح الإيجابية” التي ظهرت خلالها “لا بد أن تنعكس على المناقشات المنتظرة الشهر المقبل في مجلس الأمن، وأن يتم العمل من أجل إيجاد صياغات مقبولة أو نوع من التوافق”.
وأردف المصدر نفسه أن ملف “إعادة إعمار سوريا” سيكون مطروحاً على أجندة الحوارات المستقبلية بين موسكو وواشنطن، موضحاً أن “الأمريكيين طرحوا فكرة أن الإعمار سيكون مفيداً مهماً في المستقبل لجهة انضمام المجتمع الدولي، بما في ذلك الشركات الأمريكية، إلى هذه العملية، لكن من السابق لأوانه الحديث حالياً حول هذا الملف”.
وفي المقابل، قال الدبلوماسي الروسي إن الملفات السياسية حول مستقبل التسوية في سوريا غابت عن المناقشات، كما غابت ملفات أخرى ظلت مثار سجالات حادة بين موسكو وواشنطن خلال الفترة الأخيرة، بينها موضوع الوجود الإيراني في سوريا الذي لم يطرح خلال قمة جنيف لأن “الوقت لم يكن كافياً”، في حين ناقش الرئيسان ملف إيران النووي.
كما لم يتمَّ التطرق خلال المناقشات إلى مسألة الوجود الأمريكي في سوريا، والخطوات التي قامت واشنطن بها أخيراً لتعزيز هذا الوجود.
ووفق المعطيات الروسية، فقد اقتصر النقاش حول الموضوع العسكري الميداني على الحديث عن “أهمية المحافظة على قنوات التنسيق العسكرية بهدف منع وقوع احتكاكات جديدة بين القوات الروسية والأمريكية في سوريا”، فضلاً عن مناقشة “آليات العمل المشترك لملاحقة المجموعات الإرهابية أو ما تبقى منها وتقويض نشاطها”.