تقرير حقوقي يرصد أهم الدوافع وراء لجوء ونزوح السوريين خلال السنوات العشر الماضية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكدت أن "الانتهاكات الفظيعة" التي مارسها نظام الأسد كانت هي "الدافع الأبرز وراء سعي السوريين نحو اللجوء"
أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن انتهاكات النظام وجرائمه ضد الإنسانية كانت العامل الأبرز وراء سعي السوريين إلى اللجوء خلال السنوات العشر الماضية.
جاء ذلك في تقرير مطوّل أصدرته الشبكة الحقوقية، بمناسبة “اليوم العالمي للاجئين” الذي يوافق 20 حزيران من كل عام.
وقالت الشبكة السورية إن “اليوم العالمي للاجئين” له “وقع أليم على الشعب السوري منذ نحو عشر سنوات حتى الآن، حيث بدأ ملايين السوريين بالفرار من النزاع المسلح الداخلي، الذي طال أمده لسنوات؛ مما شجع مزيداً من السوريين على طلب اللجوء”.
وشدد التقرير على أن “الانتهاكات الفظيعة” التي مارسها نظام الأسد، والتي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضدَّ الإنسانية، كانت هي “الدافع الأبرز وراء سعي السوريين نحو اللجوء”.
وفي معرِض التقرير، وثقت الشبكة السورية عدة أنواع من الانتهاكات ضد المدنيين، التي عدّتها دافعاً رئيسياً لمغادرتهم بلادهم وتحوّلهم إلى لاجئين.
ويأتي على رأس الانتهاكات “القتل خارج نطاق القانون”، حيث وثّقت الشبكة مقتل 227 ألفاً و781 مدنياً، بينهم 29 ألفاً و520 طفلاً، و16 ألفاً و155 امرأة، على يد “أطراف النزاع والقوى المسيطرة”، منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021.
وأوضح التقرير أن نظام الأسد يُعدّ “المتسبّب الرئيس” في الغالبية العظمى من الانتهاكات، حيث يتصدر عمليات قتل المدنيين فـي سوريا بنسبة بلغت قرابة 88 % من إجمالي حصيلة الضحايا، تليه القوات الروسية بنسبة نحو 3 %، ما يعني أن نظام الأسد والمليشيات الإيرانية والقوات الروسية مسؤولون عن قرابة 91 % من عمليات قتل المدنيين منذ بدء الحراك الشعبي فـي آذار 2011.
إضافة إلى ذلك، وثّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 14 ألفاً و537 شخصاً تحت التعذيب، بين آذار 2011 وحزيران 2021، بينهم 180 طفلاً و92 امرأة، على يد “أطراف النزاع والقوى المسيطرة”، مشيراً إلى أن نحو 99 بالمئة منهم قضوا على يد نظام الأسد.
أما فيما يتعلق بانتهاكات “الاعتقال التعسفي”، فأفاد تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بأن ما لا يقل عن 149 ألفاً و457 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاحتجاز أو الإخفاء القسري، بينهم 4930 طفلاً، نحو 88 بالمئة منهم على يد نظام الأسد.
كما أكد التقرير أن نظام الأسد مسؤول عن نحو 85 بالمئة من حالات الاختفاء القسري، التي بلغت نحو 101678 شخصاً، بين آذار 2011 وآذار 2021.
وأشار التقرير إلى عدة أسباب دفعت ملايين السوريين إلى اللجوء أو النزوح والفرار من مناطقهم، أهمها القصف بمختلف أنواع الأسلحة، ولا سيما القصف الجوي الذي استخدمه نظام الأسد ثم حليفه الروسي “بعد تدخله العسكري غير الشرعي في أيلول 2015 بشكل عشوائي أو مقصود، وعلى نحو كثيف جداً بهدف قتل وإصابة أكبر قدر ممكن من السكان”.
هذا بالإضافة إلى الملاحقات الأمنية والاعتقالات التعسفية، حيث لفت التقرير إلى أن نحو 2.1 مليون سوري تعرّضوا لتجربة الاعتقال.
كما لفت التقرير إلى أن من بين الأسباب التي دفعت السوريين إلى الفرار، حصار مناطق بأكملها ومنع دخول المساعدات إليها “في شكل مـن أشكال العقاب الجماعي”، ثـم “عقد اتفاقيات مصالحة إجبارية” تهدف إلى تشريد أهل تلك المناطق.
وتابع التقرير أن نظام الأسد وحلفاءه لم يكتفوا بتشريد السوريين، حيث امتدّت الانتهاكات بحق اللاجئين والنازحين لتصل إلى “عمليات نهب وسرقة طالت منازلهم وأراضيهم الزراعية، ووصل الأمر بقوات النظام إلى تنفيذ “عمليات انتقامية تحمل صبغة طائفية” تمثّلت بنبش القبور وإخراج الجثامين منها.
وبيّن التقرير أن مواصلة النظام هذه “الممارسات العنيفة” تمنع عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية.
كما أشار التقرير إلى أن “الظروف القاسية في بلدان اللجوء تجبر بعض اللاجئين السـوريين علـى العـودة إلـى مناطـق النظام “غير الآمنة”، وقدّرت الشبكة أن إجمالي العائديـن مـن اللاجئين مـن كافـة دول العالم لا يتجاوز 7 %، غالبيتهم مـن لبنان ثم الأردن.
وشدّد التقرير على أن “شروط العودة الآمنة الطوعية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لـم تتحقق بعد فيما يتعلق باللاجئين السوريين”، وأنها “لن تتحقق” طالما أن نظام بشار الأسد وأجهزته الأمنية المتورطة فـي جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لا يزال يحكم مناطق واسعة مـن سوريا.
وختمت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرها بمطالبة المفوضية العليـا لشؤون اللاجئين، بـ”إشعار اللاجئين بمخاطر العودة فـي ظل عدم تغير النظام الحاكم الحالي في سوريا، إضافة إلى ضرورة “متابعة وضع اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا والإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها”.
كما حثّ التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة على بذل “جهود حقيقية لتطبيق قرار الانتقال السياسي 2254 ضمـن جدول زمني صارم لا يتجاوز 12 شهراً على أبعد تقدير، مما يحقق عودة آمنة وكريمة وطوعية للمواطنين السوريين”.
وطالب التقرير أيضاً جميع دول العالم التي يوجد فيها لاجئون سوريون بـ”عدم سحب إقاماتهم، أو إرسالهم إلى مناطق غير آمنة وغير مستقرة، أو إعادتهم إلى سوريا”، و”مساعدتهم على الاندماج في المجتمع، ولم الشمل، وإعطائهم كافة حقوقهم تطبيقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.