صحيفة أمريكية تشيد بـ”التجربة الكازاخية” في التعامل مع “عوائل داعش” بمخيم الهول
الصحيفة طالبت الدول الأوروبية بالسير على خطا كازاخستان في اتخاذ "نهج أكثر إنسانية" مع مواطنيها المحتجزين في "مخيم الهول"
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن دولة “كازاخستان” قدّمت “درساً مُلهماً” لدول أوروبا في إنقاذ رعاياها من “جحيم مخيم الهول” شرقي سوريا.
وأشادت الصحيفة الأمريكية في تقرير تحليلي – بحسَب ما ترجمه موقع “الحرة”- بما سمّته “تجربة كازاخستان المُلهمة” في إعادة جميع رعاياها من مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة السورية.
وأوضحت الصحيفة أن “كازاخستان” دولة غير ساحلية تقع في آسيا الوسطى، وهي أبعد ما تكون عن كونها “لجنة لحقوق الإنسان” وتصفها منظمة “فريدوم هاوس” الحقوقية بأنها تخضع لـ”نظام حكم استبدادي”، ولكنها ورغم ذلك “قدّمت درساً ملهماً لدول أوروبا” حين أنقذت رعاياها من الأوضاع الإنسانية المزرية في مخيم “الهول” سيّئ الصيت.
وطالبت الصحيفة أن تسير بقية الدول الأوروبية على خطا كازاخستان التي اتخذت “نهجا أكثر إنسانية” في الإقدام على إعادة مواطنيها من ذلك المخيم المترامي الأطراف والذي بحسب الكثير من منظمات حقوق الإنسان يعاني قاطنوه من الأطفال والنساء أوضاعا صحية ومعيشية قاسية للغاية.
وأعادت الحكومة الكازاخية 607 من رعاياها المحتجزين في “مخيم الهول”، عبر برنامج حكومي أطلق عليه اسم “عملية زوسان”، وقبل ذلك عادت 32 امرأة كازاخية مع 89 طفلاً إلى البلاد، بعيداً عن البرنامج الحكومي.
وأعادت كازاخستان إلى أراضيها 157 امرأة و413 طفلاً، في حين يواجه 37 مقاتلاً بالغاً، المحاكمة عقب إرجاعهم إلى بلادهم.
وأرسلت الحكومة الكازاخية النساء والأطفال إلى مراكز “إعادة التأهيل”، حيث يخضعون لعملية طويلة لمساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع.
وبحسَب بعض التقارير الإعلامية، فإن بعض العائدين تمكّن من الاندماج نوعاً ما بعد جهد وتعب، فيما لا يزال بعض منهم يتمسك بـ”الفكر المتطرّف”، إذ وجدت السلطات المختصة منشورات دعائية لتنظيم داعش، كانت إحدى العائدات خبّأتها في لعبة لطفلها.
وقال نائب وزير الخارجية الكازاخي السابق “يرزان أشيكباييف” في وقت سابق من هذا العام، لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن حكومته تبذل قصارى جهدها لمساعدة النساء والأطفال العائدين، وأضاف: “نحاول إعادتهم إلى طبيعتهم.. ونود أن نراهم أناساً عاديين”.
وفي السياق نفسه، أوضحت نائبة وزير التعليم “بيبيجول أسيلوفا” أن المشرفين وجدوا صعوبة في البداية الأمر للتواصل مع الأطفال العائدين، وأردفت: “عندما كنا نطلب منهم أن يرسموا كانت لوحاتهم ورسوماتهم تتمحور حول الحرب والقصف، ولكنهم أصبحوا قابلين للتأهيل بشكل أسرع”.
وقدّرت “أسيلوفا” أن أكثر من نصف الأطفال العائدين إلى المدرسة صاروا تلاميذ متفوقين بين أقرانهم.
ورحّبت واشنطن بـ”الخطوة الإنسانية” التي أقدمت عليها الجمهورية السوفياتية السابقة، وقال “كريس هارنيش” المسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية: “اتخذت كازاخستان خطوة جريئة للغاية من خلال كونها أول دولة تعيد أعداداً كبيرة من مواطنيها إلى أوطانهم”.
وتنقل “وول ستريت جورنال” عن “ناثان سيلز” منسق مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: “كرست الولايات المتحدة الكثير من الجهود لمساعدة الكازاخيين في تصميم وبناء، ومن ثم تنفيذ برامج إعادة التأهيل الخاصة بهم”.
وأضاف: “البلَدان عملا معاً لبناء برامج تستند إلى أحدث المعارف في العديد من المجالات مثل معالجة صدمات الطفولة، عبر الاستعانة بخبراء تربويين ورجال دين معتدلين”.
ولفت سيلز إلى أن “المؤشرات جيدة حتى الآن”، لكنه حذر من أن الأمور لن تنجح دون متابعة واهتمام مستمرين.
بالمقابل، يعترف المسؤولون الكازاخيون أن بعض المشاركين في برنامج إعادة التأهيل يحتفظون بآراء “راديكالية”، وفي هذا الصدد يقول وزير الخارجية الكازاخي السابق “أشيكباييف”، إن تطبيق القانون يمكن أن يساعد في تخفيف المخاطر، مستدركاً: “من المحتمل ألا نحقق نجاحاً بنسبة 100 في المئة وسنواجه بالتأكيد مشاكل”.
وتشكّل قضية “عوائل داعش” الأجانب المحتجزين في مخيمي “الهول” و”روج” بمحافظة الحسكة، ما يشبه “أزمة دولية” داخل الأراضي السورية، حيث ترفض غالبية دولهم استعادتهم رغم مناشدات الوحدات الكردية والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وفي 8 من شهر شباط الماضي، نشر الموقع الإلكتروني الرسمي لـ”مجلس حقوق الإنسان” (أحد هيئات الأمم المتحدة ومقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا)، بياناً دعا فيه خبراء حقوق الإنسان في المجلس، سلطات 57 دولة لاستعادة مواطنيها من مخيمي “الهول” و”روج” للنازحين في سوريا بشكل فوري، مشيرين إلى ظروف احتجاز “لا إنسانية” يتعرض لها قاطنو المخيمين.
ويُعد “مخيم الهول” (45 كم شرقي الحسكة) أكثر المخيمات سوءاً داخل الأراضي السورية حتى إنه أطلق عليه اسم “مخيم الموت”، ويشكل اللاجئون العراقيون العدد الأكبر من قاطنيه، حيث يتجاوز عددهم هناك 30 ألفاً، من أصل نحو 60 ألفاً (أكثر من 80 بالمئة منهم نساء وأطفال)، بينهم كذلك نازحون سوريون وعوائل عناصر تنظيم داعش الأجانب.
ويشهد المخيم أوضاعاً إنسانية مأساوية سجّل خلالها وفيات بين الأطفال بسبب قلة الرعاية الصحية أو البرد، إضافة إلى أوضاع أمنية مضطربة.