“واشنطن بوست” حول لقاء “بايدن-بوتين”: السوريون يحتاجون أفعالاً لا أقوالاً
الصحيفة الأمريكية قالت إن "بايدن" يجب أن يضغط على روسيا بشأن سوريا لا أن "يرشيها"
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالاً حول اللقاء المزمع الأسبوع القادم بين الرئيسين الأمريكي والروسي في جنيف، ودوره في تسليط الضوء على “الأزمة الإنسانية” في سوريا.
وقال كاتب المقال “جوش روغين” -بحسَب ما ترجمته صحيفة “القدس العربي”- إن “بايدن” سيلتقي “بوتين” في وقت باتت فيه حياة الملايين من السوريين “على المحك”، مع تهديد موسكو بإيقاف آلية إيصال المساعدات الإنسانية من معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.
وأشار الكاتب إلى أنه لو توصّل الرئيسان لشكلٍ من التعاون في الموضوع الإنساني في سوريا، فستكون إشارة عن الجهود المشتركة بين البلدين، وستزيد من آمال ملايين الناس الذين يعانون، وفي حالة أصرّ “بوتين” على “تجويع السوريين” فعلى “بايدن” التقدم ومساعدتهم.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن نحو 3 ملايين شخص معظمهم من النازحين في سوريا تجمّعوا في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، وهم بحاجة ماسة للمساعدة، ولا يزالون عُرضة للقصف من قبل قوات نظام الأسد.
وعلى الرغم من مواصلة بشار الأسد وشركائه الروس والإيرانيين ارتكاب الكثير من جرائم الحرب، إلا أن كاتب المقالة يرى أن “سلاح الجوع والحرمان من الطعام هو الأقوى والذي استخدموه كوسيلة لكسر إرادة السوريين الذين يعارضون النظام”، بعد دخول الحرب عامها الحادي عشر.
وتُكمل الصحيفة أن روسيا تعمل الآن “وبشكل مُخجل” على إغلاق آخر معبر للمساعدات الإنسانية، والذي يُنقل من خلاله الطعام والدواء إلى أجزاء سوريا التي لا يسيطر عليها الأسد، محذرة من أن عدم موافقة روسيا بحلول 10 تموز القادم على قرار لمجلس الأمن الدولي يتيح استمرار آلية إيصال المساعدات عبر “باب الهوى”، “فإن السكان المحتاجين سيواجهون مصيراً رهيباً حسبما تقول منظمات الإغاثة الإنسانية”.
ونقل الكاتب عن عدد من المسؤولين الأمريكيين البارزين أن موضوع المعبر الحدودي سيكون على أجندة الرئيس “بايدن” في لقائه مع “بوتين” الأسبوع المقبل بسويسرا، وأكدوا أن الإدارة الأمريكية على تواصل مباشر مع الحكومة الروسية وعلى مستويات عدة.
وأضافت “واشنطن بوست” أن أجندة لقاء “بايدن- بوتين” مزدحمة، لكن الملف السوري يُعد رئيسياً للطرفين مع اقتراب الموعد النهائي لإغلاق معبر “باب الهوى”.
وتساءل الكاتب إن كان بوتين مستعداً لعقد صفقة يمكن أن تكون أساساً للتعاون في سوريا، وهل إدارة بايدن مستعدة في الوقت نفسه لجعل الموضوع أولوية، والضغط بشدة على الروس، لا “رشوتهم”، من أجل عمل ما هو صحيح.
ونقلت الصحيفة تعليقاً لـ”بريان كاتوليس” (الزميل في مركز التقدم الأمريكي) وصف فيها اللقاء بأنه “لحظة الوضوح”، حيث تكشف طريقة تعامل روسيا والولايات المتحدة مع سوريا ليس عن موقف بوتين فقط، بل “ستفصح عن التزام إدارة بايدن في الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية باعتبارهما أولوية في سياستها الخارجية”.
وخلف الأضواء -تتابع الصحيفة- يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن روسيا تريد تخفيف العقوبات عن نظام الأسد مقابل السماح بمرور المساعدات، واصفة ذلك بأنه “سيكون بمثابة مكافأة لبوتين على عدم تجويعه المدنيين، وهي فكرة بشعة”.
ويرى الكاتب أنه في حالة رفض بوتين التعاون مع بايدن في ملف الإغاثة الإنسانية، فستواجه الولايات المتحدة وشركاؤها بمن فيهم تركيا، تحدياً كبيراً للعمل خارج نظام الأمم المتحدة لتوفير الإغاثة لإدلب، مطالبة واشنطن بـ”التجهّز” للتعامل مع إمكانية حدوث ذلك.
وشدّدت الصحيفة الأمريكية على أن تحركات وأفعال بايدن في جنيف حول الملف السوري، ستكون بمثابة “امتحان” حول استعداد الولايات المتحدة لمواجهة التوسع الروسي والصيني في المنطقة.
ونقلت “واشنطن بوست” في هذا الصدد رسالة من قادة لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي، إلى وزير الخارجية “أنتوني بلينكن”، حثوه فيها على ممارسة أعلى ضغط ضد بكين وموسكو.
وجاء في الرسالة أن “الحملة الروسية لإغلاق المعبر الحدودي (باب الهوى) ووقف نقل المساعدات الإنسانية، هي جزء من جهد أوسع للسيطرة على منافذ شرق المتوسط وتشجيع المجتمع الدولي على إعادة تأهيل نظام الأسد، وفتح المجال أمام أموال إعادة الإعمار التي ستقوي من سيطرة الأسد وتؤمّن موطئ القدم الروسي الإستراتيجي”.
ويختم الكاتب مقالته بأن الشرق الأوسط وسوريا هو جزء من “لعبة التنافس الكبرى” بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة ثانية، لافتاً إلى أن إدارة بايدن لا يمكنها تجاهل هذا، كما لا يمكنها “التخلي عن ملايين الأبرياء الذي يجوعون أمام الأنظار”، مؤكداً أن “فريق بايدن” يقول “الأشياء الصحيحة” حول سوريا، لكن الأمر “بجاجة إلى أفعال أقوى من الكلمات”.