الدفاع المدني: مخاوف من موجة نزوح جديدة نحو مخيمات الشمال المهددة “بكارثة إنسانية”
فريق "الخوذ البيضاء" تحدث عن نتائج تصعيد النظام في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الغربي خلال أربعة أيام
حذّر فريق “الدفاع المدني السوري” من أن تصعيد النظام الحالي قد يؤدي إلى حدوث موجة نزوح جديدة في جنوبي إدلب وغربي حماة، نحو مخيمات الشمال المهددة أساساً “بكارثة إنسانية”.
وفي تقرير له أمس الثلاثاء، تحدث “الدفاع المدني” عن تصعيد قوات النظام قصفها على قرى جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب غربي حماة، خلال الأيام الماضية.
وقال فريق “الخوذ البيضاء” إن قوات النظام استهدفت الأحياء السكنية والأراضي الزراعية بالتزامن مع عودة جزئية للمدنيين لجني محاصيلهم، ما أدى إلى سقوط ضحايا بينهم أطفال، “في وقت تسعى فيه روسيا والنظام لمنع إدخال المساعدات عبر الحدود، ما يُنذر بكارثة إنسانية بات تلوح بالأفق وعقاب جماعي لأكثر من 4 ملايين مدني في شمال غربي سوريا”.
واستهدف قصف قوات النظام، صباح أمس الثلاثاء، قرية “أبلين” بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل طفل وإصابة اثنين آخرين من عائلة واحدة، وشهدت قرى “بلشون” و”البارة” و”بليون” قصفاً مماثلاً دون وقوع إصابات.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية أدى القصف المستمر على قرى وبلدات جبل الزاوية لمقتل شخص في بلدة “بليون” وآخر في قرية “بلشون” و7 إصابات بينهم طفلة، بحسب “الدفاع المدني”.
أما في “سهل الغاب” بريف حماة الغربي، فأوضح تقرير “الخوذ البيضاء” أن قوات النظام تعمّدت مع موسم الحصاد قصف الأراضي الزراعية المحيطة بقرى “الزيارة” و”المشيك” و”زيزون”، ما أدى لاندلاع حرائق ضخمة، وخسارة أكثر من 800 دونم أغلبها من محصول القمح، في ظل صعوبة كبيرة في الوصول لجميع النقاط وإخمادها من قبل فرق الإطفاء في “الدفاع المدني السوري”، كونها منطقة مكشوفة على قوات النظام.
ولفت التقرير إلى أن تصعيد النظام يأتي بالتزامن مع موسم قطاف الأشجار المثمرة “ما يحرم المدنيين من جني محاصيلهم ومحاربتهم بلقمة عيشهم، حيث يعتبر موسم الكرز والمحلب مورد أساسي للأهالي في المنطقة، إضافة لمحصول القمح غذاء السكان الرئيسي”.
وأشار التقرير إلى أن تصعيد قوات النظام “يتزامن أيضاً مع بدء امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في المراكز الامتحانية القريبة من القرى المستهدفة ما يشكل تهديداً خطيراً على سيرها وحرمان عدد كبير من الطلاب من متابعتها وخسارة عام دراسي كامل”.
ووثق فريق الدفاع المدني منذ بداية 2021 حتى أمس الأول الاثنين 7 حزيران، أكثر من 525 هجوماً من قبل النظام وروسيا، تسببت بمقتل 58 شخصاً بينهم 12 طفلاً و9 نساء، فيما أصيب أكثر من 155 شخصاً بينهم 7 أطفال، وتركزت تلك الهجمات على منازل المدنيين والحقول الزراعية وعدد من المنشآت الحيوية.
وأردف التقرير: “تبقى المخاوف من موجة نزوح جديدة عن عشرات القرى في جبل الزاوية وسهل الغاب في ظل استمرار التصعيد، نحو مخيمات الشمال المهددة أساساً بكارثة إنسانية مع اقتراب موعد التصويت في مجلس الأمن حول آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود واحتمالية استخدام روسيا حليفة النظام (الفيتو) لإيقاف إدخالها من معبر باب الهوى الحدودي الذي يشكل شريان الحياة الوحيد لمناطق شمال غرب سوريا”.
ووصف الدفاع المدني ما يقوم به النظام وروسيا من قصف للمدنيين و”عقاب جماعي” بمحاولة منع إدخال المساعدات، بأنه “تحدٍّ صارخ للإنسانية وللقانون الدولي الإنساني”، مشدداً على أن الحل طويل الأمد للأزمة الإنسانية في سوريا “هو حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254″، و”هذا ما يجب أن يكون على رأس أولويات المجتمع الدولي المطالب بالوقوف إلى جانب السوريين ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه” بحسب التقرير نفسه.
وتخضع مناطق شمال غربي سوريا (إدلب وريف حلب الغربي وريفي حماة واللاذقية الشمالي) لعدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، بدءاً من دخولها اتفاق “خفض التصعيد ضمن مباحثات أستانا في أيار 2017، وصولاً إلى “اتفاق موسكو” الذي حمل توقيعي الرئيسين التركي والروسي يوم 5 آذار من العام الماضي.
وتواصل قوات النظام وحلفاؤها منذ توقيع اتفاق وقف النار الأخير، انتهاكاتها في مناطق شمال غربي سوريا بشكل مستمر، عبر القصف العشوائي للمناطق المدنية والأراضي الزراعية، أو من خلال عمليات التسلل على الجبهات.
وفي تموز الماضي، استخدمت روسيا (الفيتو) لتمديد قرار إيصال المساعدات عبر الحدود، ثم سمحت بمرور قرار ثانٍ قدّمته ألمانيا وبلجيكا، يسمح بذلك عبر نقطة حدودية واحدة هي “معبر باب الهوى” على الحدود مع تركيا.
وتهدّد موسكو بالتصويت ضد تمديد تدفق المساعدات عبر “باب الهوى” في تموز القادم، مطالبة بأن يكون إيصال المساعدات حصراً بالتنسيق مع نظام الأسد.
ويُفترض أن ينتهي العمل بآلية إيصال المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر (باب الهوى) على الحدود التركية في 11 تموز المقبل، في حال استخدمت روسيا “الفيتو” في وجه تمديد هذه الآلية.
وصدرت عن مسؤولين أممين خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية عدة تحذيرات من “كارثة إنسانية” تهدّد مناطق شمال غربي سوريا، في حال عدم تمديد المساعدات، كما وصفت تلك التصريحات معبر “باب الهوى” بأنه “شريان الحياة” المتبقي لملايين المدنيين في تلك المنطقة.