المعارضة السورية: الاستنكار الدولي لـ”مسرحية” انتخابات الأسد يجب أن ترافقه “إجراءات حقيقية”
المعارضة السورية شدّدت على أن انتخابات النظام "المسرحية" ليست بديلاً عن "العملية السياسية الانتقالية"
تؤكد المعارضة السورية أن انتخابات النظام الرئاسية “المسرحية”، ليست بديلاً عن العملية السياسية الانتقالية التي يجب أن تجري تحت مظلة الشرعية الدولية.
وترى المعارضة أن حلفاء النظام “يساهمون بتوفير الوقت له من أجل الإبقاء على الخيار العسكري”، وأن الانتخابات التي أجريت “لا تعدّ بديلاً” عن الانتخابات التي تجرى وفق “سِلال” عملية الانتقال السياسي.
ووفق القرار الأممي 2254 الصادر في العام 2015، فإن العملية السياسية في سوريا تنطلق عبر تشكيل حكم انتقالي، وإقرار دستور، وإجراء الانتخابات.
وعلى أساس هذا القرار الأممي تم تقسيم العملية السياسية إلى 4 سلال تتمثل في: الحكم الانتقالي، والانتخابات، والدستور، ومكافحة الإرهاب.
وفي تصريحات لوكالة “الأناضول”، قال “طارق الكردي” عضو هيئة التفاوض السورية، وعضو اللجنة الدستورية إن “نظام الأسد لا يريد الحل السياسي، ودائماً كان نهجه الحل العسكري”.
وأضاف: “من هنا تأتي المسرحية التي قام بها النظام وأسماها انتخابات، في سياق الالتفاف على القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية، ومن ضمنها القرار 2254”.
وأكد الكردي، تمسّك قوى الثورة والمعارضة بـ”الحل السياسي، وفقاً للقرار والقرارات ذات الصلة”، وأكمل مشدداً: “سنسعى بجهدنا لمنع نظام الأسد من قتل العملية السياسية، وسنظل نمارس الضغط على حلفاء النظام، بمساعدة المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتهم الأشقاء في تركيا”.
ولفت الكردي، إلى أن “نظام الأسد يعرقل العملية السياسية منذ انطلاقها، ولا شيء جديداً الآن، فهو مستمر في ممارساته التي تهدف إلى تعطيل وقتل العملية السياسية”.
واعتبر أن هذا الأمر “يضع مسؤولية كبرى على حلفاء النظام، وفي مقدمتهم روسيا، الضامن للنظام في العملية السياسية بشكل عام، ولجنة صياغة الدستور بشكل خاص”.
روسيا مطالبة بالأفعال:
وحول مستقبل العملية السياسية، قال الكردي، “نحن مع الاستمرار في التعاطي الإيجابي مع لجنة صياغة الدستور، وفق المحددات الوطنية والموضوعية، وفي مقدمتها إقرار منهجية عمل للجنة”.
وأضاف “حتى تستطيع تحقيق النتيجة المرجوة في الوصول إلى مسودة دستور جديد تُطرح للاستفتاء العام، لابد من التنفيذ الصارم لكافة بنود القرار 2254، عبر تحقيق الانتقال السياسي، وإقامة البيئة الآمنة والمحايدة له”.
وأشار “الكردي” إلى أن البرقية التي أرسلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى الأسد “تضمنت إشارة واضحة بضرورة المضي قدماً في العملية السياسية”.
وتابع الكردي: “نريد أن نرى أفعالاً من الطرف الروسي وليس أقوالاً فقط، عبر إلزام نظام الأسد بالالتزام الكامل بالعملية السياسية، والتطبيق الفوري لبنود القرار الأممي”.
وختم بالقول: “نثمّن عالياً موقف كل الدول الداعمة لنضال الشعب السوري في الوصول إلى حريته وإقامة دولة مدنية ديموقراطية”.
خرق للعملية السياسية:
وأفاد “عبد المجيد بركات” عضو اللجنة الدستورية، وعضو الائتلاف الوطني السوري للأناضول أن “ما قام به النظام في مسرحيته الانتخابية ليس الأول في خرق العملية السياسية، التي تعاني بالأساس من ترهل واستعصاء، وغياب للقواعد الإجرائية الضابطة، ولجدول زمني يحدد مدتها”.
وأضاف بركات: “غياب إرادة دولية لإنجاح العملية السياسية دفع النظام للتمادي في خروقاته للعملية السياسية، وأن يقوم بتطبيق الإطار التنفيذي لأحد هذه السلال، وهو الانتخابات بشكل منفرد، خارج إطار العملية السياسية والتفاهمات الدولية”.
واعتبر بركات أن “النظام أطلق رصاصة الرحمة على هذه العملية، وأدخلها الموت السريري”.
وأضاف: “إن لم تكن هناك ضوابط تُلزم الأطراف بالعملية السياسية، وجدول زمني لها، فلن تكون سوى عملية عصف ذهني يستفيد منها النظام فقط”.
وعن هذه الفائدة، أوضح أن النظام “يقوم بتحقيق مكاسب على مستوى ساحات أخرى خاصة العسكرية”.
شرعية العملية السياسية:
وحمّل “بركات” المجتمع الدولي “مسؤولية الفشل والخروقات التي تعاني منها العملية السياسية وخاصة للدول الراعية للعملية السياسية، ومنها روسيا، التي ألزمت نفسها بإدخال النظام في العملية السياسية، وخاصة في اللجنة الدستورية”.
وأردف: “على ما يبدو أن روسيا والنظام وحلفاءه ينظرون للعملية السياسية على أنها وقت مستقطع، يستطيع النظام عبرها ترميم سمعته على الساحة الدولية، وإعادة إنتاج نفسه بهكذا انتخابات”.
واعتبر بركات، أن “التصريحات والمواقف الدولية التي استنكرت العملية الانتخابية لا ترتقي بأن تكون أدوات ضغط على النظام في منعه من مزيد من الخروقات للعملية السياسية”.
وأوضح أنه “إذا لم تقترن هذه التصريحات والمواقف بإجراءات حقيقية فسوف يستمر النظام في تماديه بتعامله غير الجاد مع العملية السياسية، وخروقاته لها”.
لكن بركات، استدرك بالقول: “نحن في المعارضة لا زلنا ننظر للعملية السياسية على أنها المظلة الشرعية، التي يجب أن يكون أي حل سياسي عبرها”.
وتابع: “لا زلنا نتعامل مع العملية السياسية بشكل جدّي، رغم معرفتنا التامة بأن النظام لن يكون جاداً في تعامله معها، وأنه يحاول خلق عملية موازية، مبنية على أساسات دولية وإقليمية بعيداً عن الغطاء الشرعي”.
وختم بركات بالقول: “راسلنا معظم الدول المؤثرة في الملف السوري، ووضعنا المجتمع الدولي أمام مسؤوليته أمام هذه الخروقات التي يقوم بها النظام”.
وتعد “انتخابات الرئاسة” الأخيرة التي منحت بشار الأسد ولاية رابعة مدتها 7 سنوات، هي الثانية من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، ففي العام 2012 عدّل نظام الأسد الدستور، وفي صيف 2014 أجرى أول انتخابات “تعددية” فاز فيها “بشار” بنسبة 88.7%.
وصدرت قبل “الانتخابات” عدة مواقف دولية عبّرت عن رفض تلك “المسرحية” ونتائجها، وأكّدت أنها لن تمنح بشار الأسد “أي شرعية”، ولن تؤدي إلى “أي تطبيع” مع نظامه.
ومنذ سيطر حافظ الأسد على الحكم في سوريا بانقلاب عام 1970، وحتى العام 2007، سارت “انتخابات الرئاسة” على طريقة “الاستفتاء”، حيث توضع في البطاقة الانتخابية كلمتا “نعم” و”لا”، دون وجود أي مرشحين سوى حافظ أو ابنه، بينما لم يختلف الأمر كثيراً خلال انتخابات 2014 و2021، حيث أدخل بشار الأسد مرشحين اثنين “كومبارس” لإتمام “مسرحية الاستحقاق الدستوري”.