تقرير يحذر من تداعيات “كارثية” في حال وقف إيصال المساعدات للشمال السوري
بينها زيادة معدلات الفقر لمستويات غير مسبوقة وحدوث "انهيارات اقتصادية متعاقبة" وانعدام الخدمات الطبية الأساسية في المنطقة
حذّر فريق “منسقو استجابة سوريا” من تفاقم الأزمة الإنسانية في شمال غربي البلاد، في حال منعت روسيا تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، من خلال المنفذ الوحيد المتبقّي في معبر “باب الهوى” على الحدود التركية.
جاء ذلك في “إحاطة حول الواقع الإنساني الحالي في شمال غرب سوريا”، أصدرها “منسقو الاستجابة”، اليوم الجمعة.
وقال بيان “منسقو الاستجابة” إن “المحاولات الروسية المكثفة لإيقاف قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المناطق المنكوبة في سوريا.. أبعد ما تكون عن نطاق الإنسانية”، ولا سيما أن روسيا تعمل على حصر دخول المساعدات الإنسانية عبر طرق تابعة لنظام الأسد وحلفائه، واستطاعت تعطيل عدة قرارات في مجلس الأمن “مقابل الحصول على مكتسبات سياسية”.
وشدّد البيان على ضرورة “الالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بموضوع دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا والعمل على منع الجانب الروسي القيام بتصرفات عدائية ضد السكان المدنيين من خلال العمل على فرض سياسة التجويع الممنهج بغية تحصيل مكاسب سياسية إقليمية ودولية، أو العمل خارج نطاق مجلس الأمن الدولي في حال الإصرار الروسي الصيني على تعطيل القرارات”.
كما حذّر فريق “منسقو الاستجابة” من “تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا عامةً وشمال غرب سوريا على الأخص تبعاً لإجراءات منع المساعدات، ما يتسبب بكارثة إنسانية قد تحل بالمدنيين، الأمر الذي يشكل مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين”.
وحث البيان على “ضرورة الالتزام بقوانين الحرب لتسهيل إيصال المساعدات إلى المدنيين ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية، وذلك عبر تسهيل المرور السريع للمساعدات وعدم التدخل فيها بشكل تعسفي بما يضمن حرية تنقل العاملين في المجال الإنساني”.
وأضاف البيان أن “العوائق” التي تضعها روسيا في طريق المساعدات الإنسانية المقدمة للمدنيين في شمال غربي سوريا “ستتسبب في تضخيم معاناتهم وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية، ما يتطلّب القيام بإجراءات تضمن إيصال المساعدات إلى الفئات الأشد احتياجاً لها وعدم استهداف أو مضايقة فِرق الإغاثة الإنسانية خلال قيامها بأعمالها، الأمر الذي سيسبب مجاعة شاملة في شمال غرب سوريا”.
وحول الآثار المترتّبة على احتمال منع روسيا إيصال المساعدات الإنسانية، بيّن فريق “منسقو الاستجابة” أن ذلك سيؤدي إلى “زيادة معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة تصل إلى أكثر من 90% من السكان المقيمين” في شمال غربي سوريا، إضافة إلى “ازدياد حالات سوء التغذية الحاد عند الأطفال والأمهات بشكل أكبر عن النسب السابقة”.
وتوقع “منسقو الاستجابة” في حال استخدام روسيا “الفيتو” ضد قرار تمديد المساعدات حدوث “انهيارات اقتصادية متعاقبة وخاصةً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وفقدان الليرة السورية قيمتها الشرائية”، و”ازدياد أعداد القاطنين في المخيمات، نتيجة لجوء الآلاف من المدنيين إلى الاستقرار بها وعجزهم الكامل عن التوفيق بين المأوى والغذاء”.
ومن الآثار المتوقعة لخطوة إيقاف إيصال المساعدات أيضاً “انعدام الخدمات الطبية الأساسية في المشافي والنقاط الطبية في المنطقة، وخاصة مع تزايد المخاوف من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19″، وفق البيان نفسه.
إضافة إلى “ازدياد الحالة المأساوية ضمن المخيمات المخدَّمة من قبل المنظمات الإنسانية، بسبب العجز عن تقديم المساعدات، مع العلم أن تلك المخيمات تعاني بشكل كبير من ضعف المساعدات المقدمة”.
وطالب بيان “منسقو الاستجابة” مجلس الأمن الدولي بعدم السماح “بالعودة إلى سياسة الوضع القائم في شمال غرب سوريا”، ووجوب عدم التقليل “من شأن العواقب التي قد تنجم عن السماح لروسيا بالتمادي في تعنّتها دون أية مساءلة”.
كما حثّ البيان مجلس الأمن “على الإصرار على التعجيل بتجديد آلية دخول المساعدات الانسانية عبر الحدود إلى سوريا”، ودعوة جميع أعضاء مجلس الأمن إلى “مضاعفة التزامهم بالعملية السياسية بهدف التوصل إلى حل دائم يحترم احتراماً كاملاً حق الشعب السوري في تقرير المصير والاستقلال”.
وأمس الأول الأربعاء، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “مارك لوكوك”، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، من عواقب إخفاق مجلس الأمن الدولي في تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا.
وقال “لوكوك” إن تفويض مجلس الأمن الخاص بآلية المساعدات الأممية العابرة للحدود في الشمال الغربي من سوريا (معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا) “سوف ينتهي في غضون 6 أسابيع فقط”، مشيراً إلى أن “الفشل في تمديد هذه الآلية سيؤدي إلى إنهاء عمليات التسليم المباشرة (للمساعدات) من قبل الأمم المتحدة على الفور”.
وفي العام 2014، اتخذ “مجلس الأمن الدولي” قراراً يتيح عبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا من أربع نقاط حدودية (باب السلامة وباب الهوى مع تركيا، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن).
وفي تموز الماضي، استخدمت روسيا حق النقض لتمديد قرار إيصال المساعدات عبر الحدود، ثم سمحت بمرور قرار ثانٍ قدّمته ألمانيا وبلجيكا، يسمح بذلك عبر نقطة حدودية واحدة هي “معبر باب الهوى” على الحدود مع تركيا.
وتهدّد موسكو بالتصويت ضد تمديد تدفق المساعدات عبر “باب الهوى” في تموز القادم، مطالبة بأن يكون إيصال المساعدات حصراً بالتنسيق مع نظام الأسد.
ويُفترض أن ينتهي العمل بآلية إيصال المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر (باب الهوى) على الحدود التركية في 11 تموز المقبل، في حال استخدمت روسيا “الفيتو” في وجه تمديد هذه الآلية.