تقرير حقوقي: نظام الأسد يتبع أساليب “المافيا” في تهديد واعتقال أقارب المعارضين
الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت إن النظام أجبر أهالي المعتقلين والمعارضين على "التبرؤ من أولادهم" واتهامهم بـ"العمالة للغرب ودعم الإرهاب"
قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إنَّ نظام الأسد يُهدّد ويعتقل ويعذّب أهالي النشطاء السياسيين والعسكريين المعارضين على نحوٍ مشابه لأساليب “المافيا”، في ظل سعيه إلى طمس جرائمه ضد الإنسانية وتشويه صورة معارضيه.
جاء ذلك في تقرير صادر عن الشبكة، اليوم الجمعة، تحدّث عن إجبار نظام الأسد والد الطبيبة الناشطة “أماني بلُّور” على الظهور في الإعلام الرسمي وتبنّي رواية الأجهزة الأمنية.
وأوضح التقرير أن نظام الأسد “لم يكتفِ بعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي بحق المعارضين سياسياً على خلفية الحراك الشعبي، بل إنه قد أجبرهم تحت التعذيب والترهيب على الظهور على شاشة الإعلام الحكومي أو الموالي” والإدلاء بتصريحات وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية.
وأضاف التقرير أن نظام الأسد لجأ في كثير من الأحيان بمناطق سيطرته إلى أهالي المعتقلين أو نشطاء سياسيين خارج سوريا، وأجبرهم على الظهور على وسائل الإعلام والتبرؤ من أولادهم واتهامهم بـ”العمالة للغرب ودعم الإرهاب” وغير ذلك ممّا وصفها التقرير بـ”الاتهامات المعلّبة” التي يردّدها النظام والتابعون له.
وسجّل تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ما لا يقل عن 364 حالة ظهور إعلامي لمعتقلين لدى نظام الأسد، أو لأهالي نشطاء سياسيين أُجبروا على الحديث عبر وسائل الإعلام الحكومية أو الموالية للنظام، بما فيها وسائل إعلام تابعة لحزب الله وإيران وروسيا، وقد تحوّل نحو 300 منهم إلى مختفين قسرياً.
كما تحدث التقرير عن أن نظام الأسد “يبذل بمساعدة حليفيه الروسي والإيراني جهوداً ومبالغ مالية ضخمة تهدف إلى تبرئته من الجرائم وبالتالي طمس وتشويه الحقيقة”.
وفي هذا السياق لفت التقرير إلى أن النظام أسّس هو والموالون له العديد من المواقع والمنظمات، وقام بإخراج مسلسلات وأفلام وثائقية “تصبُّ في خدمة تغيير سردية الأحداث وتُشكِّك في صحة وقوعها”.
“من النفق إلى النور”.. تزوير الحقائق
وذكر تقرير الشبكة أن قناة “الإخبارية السورية” (رسمية) عرضت في 20 نيسان الماضي فيلماً وثائقياً حمل عنوان “من النفق إلى النور” يهدف بشكل رئيسي إلى إيصال رسالة بأنَّ نظام الأسد لم يقُم باستخدام أسلحة كيميائية على منطقة الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق.
وفي سبيل تحقيق هذه الفكرة، استجلبت الأجهزة الأمنية عدداً من العاملين في المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية، والذين بقوا بعد أن سيطر النظام عليها، وأمرتهم الأجهزة الأمنية بتأدية هذه الأدوار مقابل عدم تشريدهم قسرياً أو اعتقالهم وتعذيبهم.
وقال التقرير إن الفيلم عمدَ إلى تشويه صورة الطبيبة “أماني بلُّور” والطبيب “سليم نمور”، اللذين عملا على إسعاف الجرحى والمصابين من قصف النظام بالأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدية على مدى سنوات طويلة.
وفي خدمة ما سمّاه التقرير “الهدف المنحط” لنظام الأسد، قامت أجهزته الأمنية باستدعاء والد الطبيبة “أماني بلُّور” الذي بقي في الغوطة الشرقية، وطلبت منه الظهور في الفيلم، والتحدث لصالح رواية النظام في نفي الهجمات الكيميائية، والقول بأنها “هجمات مصطنعة ومفبركة من قبل الإرهابيين”.
ووفقاً للتقرير يبدو أن النظام “قد تعمَّد الإساءة وتشويه صورة الطبيبة أماني بلُّور؛ نظراً للدور الكبير الذي لعبته خلال وجودها في مشفى الكهف”، وبعد تشرديها قسرياً من الغوطة الشرقية عقبَ سيطرة النظام عليها بعد هجومه الكيميائي على مدينة دوما في نيسان 2018.
وفي هذا السياق عرض التقرير أبرز إنجازات الطبيبة الناشطة “أماني محمد بلُّور”، التي جعلت النظام يستهدفها وعائلتها، والتي كان آخرها مشاركتها في جلسة خاصة لمجلس الأمن، عن الوضع الإنساني في سوريا، التي أدلت خلالها بشهادتها عن هجوم النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق في 21 آب 2013.
نظام ديكتاتوري أو “مافيا”؟
وكشف التقرير كيف أن نظام الأسد عاقب المعارضين السياسيين له بشتى الأساليب، ولعلَّ أشدَّها وحشية هو “استهداف العائلة والأصدقاء والأقرباء”، الأمر الذي يُشير -بحسب تعبير التقرير- إلى أنه ليس نظاماً سياسياً دكتاتورياً فحسب “بل هذه التصرفات الهجمية عادة ما تلجأ إليها المافيا”.
ووثّق التقرير ما لا يقل عن 20847 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام، على خلفية صلات القربى التي تربطهم بنشطاء في الحراك الشعبي أو معارضين، منذ آذار 2011 حتى 21 أيار 2021.
ويشكل هؤلاء (أقارب المعارضين) نحو 16 % من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام، ومن بينهم ما لا يقل عن 137 شخصاً تجاوزت أعمارهم السبعين عاماً.
بينما بلغت حصيلة من تعرضوا للاعتقال على خلفية صلات قربى تربطهم بمطلوبين للنظام وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7929 شخصاً بينهم 147 طفلاً و180 سيدة.
وأكَّد التقرير أن نظام الأسد أجبر أقرباء النشطاء السياسيين الموجودين في مناطق سيطرته على الظهور على وسائل الإعلام الموالية له، و”الحديث وفقاً لما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية بما في ذلك إدانة أقربائهم، والتبرؤ منهم”. كما “استولى بالمطلق على جميع وسائل الإعلام الحكومية” وسخَّرها لنفي الانتهاكات التي مارسها ولصقها بمن يسمّيهم “الإرهابيين”، في سعي منه “لخلق حالة من الضبابية والجدل والتشكيك”.
وأشار التقرير أن النظام اتبع “أساليب المافيا” عبر تهديد المعارضين السياسيين بقتل واغتصاب واعتقال عائلاتهم، ولم يسلم من ذلك النساء والأطفال، كما اتبع تكتيك اعتقال وإخفاء وتعذيب أهالي الأشخاص الناشطين في الحراك الشعبي بشكل واسع ومدروس “من أجل ردعهم ومعاقبتهم على نشاطهم ضده، ولإرهاب شرائح أخرى من المجتمع من اتخاذ خطوات مماثلة خشية على ذويهم”.
وختمت “الشبكة السورية” التقرير بمطالبة مجلس الأمن بالإفراج الفوري عن قرابة 21 ألف مواطن سوري معتقلين أو مختفين قسرياً بسبب مشاركة أقرباء لهم في الحراك الشعبي ضد النظام، والإسراع في تطبيق “الانتقال السياسي نحو حكم ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان في سوريا”.
كما طالب روسيا بتحمل مسؤولية ردع النظام عن “ممارساته المافيوية” ومطالبته بإطلاق سراح الـ 21 ألف مواطن سوري، والتَّوقف عن تهديد وملاحقة ذوي النشطاء.
سوريا – راديو الكل