مذكرات “خدام” تروي الشهور الأخيرة قبل اغتيال الحريري: هكذا أهانه بشار الأسد
"الحلقة الثانية" من مذكرات "خدام" كشفت جانباً من الطريقة التي يتدخل فيها نظام الأسد بالأوضاع في لبنان قبيل اغتيال الحريري
قال “عبد الحليم خدام” في “الحلقة الثانية” من مذكراته التي تنشرها صحيفة “الشرق الأوسط”، إن قرار بشار الأسد تمديد فترة الرئاسة للرئيس اللبناني الأسبق “إميل لحود”، أوقع سوريا في مواجهة مع الإرادة الدولية، وتحدث عن “إهانة” رئيس الوزراء اللبناني الأسبق “رفيق الحريري” من قبل الأسد.
وشرح “خدّام” في المذكرات أن موضوع التمديد للحّود في العام 2004، كان “يشغل الرأي العام اللبناني المنقسم، بين أكثرية ساحقة معارضة للتمديد وأقلية مؤيدة، إضافة إلى رفض دولي شامل لمسألة التمديد”، ترافق مع دعوات “لوقف التدخل السوري في لبنان وانسحاب القوات السورية”.
وأوضح خدام أن “أي موقف غير عقلاني من النظام في سوريا” في ذلك الوقت “سيؤدي إلى أضرار كبرى تلحق بالبلاد”، ويضيف أنه كان يقنع بشار بخطورة التمديد للحّود.
وتسرد المذكّرات أن بشار الأسد استدعى رئيس وزراء لبنان “رفيق الحريري” في تموز 2004، بحضور “اللواء غازي كنعان” و”العميد رستم غزالة” و”العقيد محمد خلوف”، وأسمعه كلاماً قاسياً ختمه بالقول: “فأنا الذي أختار، ومن يخالفني سأكسر عظمه”، وأوضح “خدام” أن قسوة الكلام “أدت إلى ارتفاع ضغط الحريري وإصابته بنزيف في أنفه”.
ويروي خدام أنه عاتب بشار بطريقة تعامله مع الحريري، وقال له “ماذا فعلت؟، أنت تتحدث مع رئيس وزراء لبنان الذي يمثّل المسلمين في لبنان. هل حسبت صدى كلامك إذا انتشر؟ وهل حسبت نتائج مثل هذا الكلام؟”.
ويتابع خدام أنه -بطلب من بشار- التقى الحريري في “بلودان” بريف دمشق، وكان متأثراً و”مجروحاً” من كلام بشار معه، وقال: “لا أنسى لقائي مع بشار الأسد ما دمت حياً”، وهنا يشير خدام إلى أنه حاول التخفيف من حدة التوتر وإقناع الحريري بأن يأخذ الأمور “برويّة”.
ويضيف خدّام أنه -قبلَ أن يسافر إلى فرنسا لإجراء فحوص طبية- اجتمع ببشار في 18 آب عام 2004، وأكد له الأخير أنه لن يمدد للحّود وقال: “قررتُ عدم التمديد. لا أحد في العالم موافق عليه، والدول العربية غير موافقة، وغالبية اللبنانيين معترضون، وأبلغتُ الرئيس لحود أن لا نية لدينا في التمديد له، والرجل عرف موقفنا بشكل واضح”.
ويكمل خدام أنه بعد بضعة أيام، وأثناء وجوده في فرنسا، اتصل به الحريري وأبلغنه أن بشار غيّر رأيه فيما يتعلق بالتمديد، واستدعاه إلى دمشق، وكانت المقابلة قصيرة، وكان الأسد متوتّراً، وأبلغه أنه قرر دعم التمديد للعماد لحود، كما قال له: “عليك أن تحدد موقفك: هل أنت مع سوريا أو ضدها..اذهب وفكّر في الموضوع وأبلغني قرارك بالموافقة أو الرفض”.
ويشير خدام إلى أن الحريري استشاره في الاتصال “أريد نصيحتك”، فكان جواب خدّام: “أنت لا تستطيع أن تتحمل نتائج الرفض.. من الأفضل أن توافق، وبعدها تغادر لبنان وتعلن استقالتك من الخارج”.
ثم يسرد خدّام في المذكّرات كيف أن قرار التمديد لإميل لحود جعل نظام الأسد في مواجهة القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن، والذي تضمّن قراراً يدعو سوريا إلى سحب قواتها من لبنان، وعدم التدخّل في شؤونه الداخلية، كما تضمّن دعوة لبنان إلى إجراء انتخابات رئاسية دون تدخّل خارجي، وأكد القرار استقلال وسيادة لبنان وإنهاء التنظيمات المسلّحة غير الحكومية، وصدر القرار وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهكذا أصبح النظام في سوريا تحت رقابة مجلس الأمن.
كما تكشف مذكرات خدّام جانباً من الطريقة التي كان بشار الأسد وضباطه المتنفّذون يتحكمون فيها بالأوضاع في لبنان قبيل اغتيال الحريري، وتركز المذكرات على دور كل من “رستم غزالة” و”غازي كنعان” بالضغط على الساسة في لبنان -ومنهم الحريري- بنفس العقلية الأمنية التي كانت تُدار بها سوريا.