تقرير حقوقي يكشف عدد ضحايا الألغام في سوريا ويؤكد استمرار خطرها
"المرصد الأورومتوسطي" شدّد على أنّ الخسائر البشرية الناجمة عن الألغام ستستمر لمدة طويلة "في حال لم تتم معالجة هذه القضية الحسّاسة"
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الألغام والذخائر غير المنفجرة حصدت على مدى السنوات الماضية أرواح مئات الضحايا المدنيين في سوريا، محذراً من أن العديد منهم لا يزالون عُرضة لمخاطرها في كافة مناطق البلاد.
جاء ذلك في تقرير مطوّل (24 صفحة) نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (غير رسمي -مقره جنيف)، أمس الإثنين، ورصده موقع “راديو الكل”.
وأوضح التقرير الذي حمل اسم “ألغام سوريا.. القتل دون ضجيج”، أن من سمّاهم “مختلف أطراف النزاع في سوريا” متورّطون في زراعة الألغام بدرجات متفاوتة “غير أنّ المسؤولية الأكبر في هذا الإطار تقع على عاتق قوات النظام” وذلك بسبب التجهيزات العسكرية والتسليح المتنوع الذي يمتكله.
وذكر التقرير أن نظام الأسد استخدم الألغام والأجسام المتفجرة فـي بداية الحراك الشعبي ضده، لترويع الناس، وإجبارهم على عدم الخروج في المظاهرات، ثم ما لبث النظام أن استخدم تلك الألغام بمختلف أنواعها في قصف المدن التي سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة.
وأوضح التقرير أنّ الألغام في سوريا تسبّبت في الفترة الممتدة من آذار 2011 إلى آذار 2021، بمقتل نحو (2637) مدنياً، بينهم (605) أطفال و(277) سيدة، و(8) من أفراد الطواقم الطبية، و(6) من الدفاع المدني، و(9) من الكوادر الإعلامية.
وتُظهر الأرقام – بحسَب التقرير- أنّ معظم ضحايا الألغام في سوريا كانوا من محافظتي “حلب والرقة”، إذ تجاوزت نسبتهم نصف مجموع الضحايا ووصلت نحو 50.5%، تلتها محافظة دير الزور التي جاوزت نسبة الضحايا فيها 16%، ثم درعا 9%، ثم حماة 8%، ثم باقي المحافظات والتي بلغت النسبة فيها حوالي 16.5%.
ويؤكد التقرير أن الألغام لا تزال تواصل حصد أرواح المدنيين على الرغم من تراجع وتيرة الأعمال العسكرية، وعلى الرغم مـن الجهود المبذولة من العديد من المنظمات المحلية، وبينها منظمة الدفاع المدني، وذلك بسبب وجود العديد من حقول الألغام غير المكتشفة، وانتشار الكثير منها بين منازل المدنيين وفي الأراضي الزراعية، إضافة إلى تواضُع جهود كشفها ومكافحتها.
وشدّد “المرصد الأورومتوسطي” على أنّ الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الألغام ستستمر لمدة طويلة حتى بعد انتهاء النزاع “في حال لم تتم معالجة هذه القضية الحسّاسة بشكل عاجل من الجهات المختصة، وبالتعاون مع أطراف النزاع”.
وسرد التقرير بشكل مفصّل عدة أنواع للألغام التي استُخدمت خلال سنوات الحرب في سوريا، ومنها ما يسمى بـ”المسطرة”، و”المسبحة”، و”الحجر”، و”الدوسة” و”الليزري”، وهي ألغام أرضيّة مخفيّة تنفجر عند لمسها أو لمس شيء مرتبط بها أو الدعس عليها، ويعد النوع الأخير “الليزري” أخطرها، لأنه ينفجر بمجرد المرور أمامه، ويمكن تفجيره عن بُعد.
وتضمّن التقرير شهادات جمعها فريق “المرصد الأورومتوسطي” لمدنيين أصبحوا ضحايا لألغام كانت مزروعة قرب بيوتهم أو في مزارعهم، وينقل عن الطفل “عمر الحلبي” من “دير حافر” في ريف حلب الشرقي، قوله: “بينما كنت ألعب مع أصدقائي قرب البيت، شاهدنا قطعة حديدية على شكل كرة، فاقتربنا منها وأخذنا نلعب بها حتى انفجرت، ليتبيّن لاحقًا أنّها لغم متفجر. فقدت على أثر الانفجار يدي وقدمي، وبقيت كذلك إلى أن استطعت بعد 7 أشهر تركيب طرفين صناعيين”.
ولفت التقرير إلى أن استخدام الألغام يعد أمراً محظوراً بموجب القوانين والعهود والمواثيق الدولية ذات العلاقة، وفي مقدمتها “معاهدة أوتاوا لحظر الألغام” الصادرة عام 1997، والتي رفض نظام الأسد التوقيع عليها، إلى جانب “نظام روما الأساسي” الذي يحظر تلك الممارسات باعتبار الألغام سلاحاً يستهدف المدنيين الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية.
وخلص التقرير إلى مطالبة “المرصد الأورومتوسطي” أطراف النزاع في سوريا، وبشكل أساسي قوات النظام، إلى التوقف عن زراعة الألغام، وتدمير المُخزّن منها بالكامل، والتعاون مع الفرق المختصة لكشف أماكنها وإبطال مفعولها ووضع علامات تحذيرية في الأماكن التي يُحتمل أن تكون فيها.
وكما طالب التقرير الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة بإطلاق برنامج واسع لتطهير مناطق النزاع في سوريا من الألغام، وتأمين الاعتمادات المالية، والمعدات والتقنيات والكوادر البشرية المتخصصة لذلك، من أجل المساهمة في حماية أرواح المدنيين السوريين.