هل تنجح واشنطن بتعليق عضوية نظام الأسد بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟
حذرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، من تحول استخدام الأسلحة الكيميائية إلى أمر مقبول دولياً، في حال فشل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بمحاسبة موسكو ونظام الأسد على جرائمهم الكيميائية.
وقالت المجلة في تقرير الخميس، إن “المعركة من أجل مستقبل منع انتشار أسلحة الدمار الشامل تجري داخل منظمة دولية مغمورة ولكنها مهمة ومقرها في لاهاي”.
وأضافت أن “المواجهة التي تلوح في الأفق في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستحدد ما إذا كان العالم سيعود إلى قاعدة عدم استخدام الأسلحة الكيميائية أو ما إذا كانت الدول ستحذو حذو روسيا ونظام الأسد في تسميم المنشقين واستخدام الغازات ضد مواطنيها”.
وقالت المجلة “حتى الآن، نجحت موسكو ونظامها العميل في دمشق في تأخير عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهم عازمون على وقف أي جهد لفرض عواقب سوء سلوكهم”.
وتابعت بالقول “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منظمة بطيئة”، محذرة من أنه “ما لم تقم الولايات المتحدة ببناء تحالف ضد إفلات موسكو ونظام الأسد من العقاب، فمن المرجح أن يظل هذا هو القاعدة”.
وأكد التقرير أن “الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وثقا بدقة استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية”، كما وثقت الولايات المتحدة أيضاً في عام 2018 استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية 50 مرة على الأقل ومع ذلك يواصل النظام وموسكو إنكار هذه الحقائق”.
ورأى التقرير أن روسيا أدركت أن تكاليف استخدام الأسلحة الكيميائية يمكن تحملها، وعلى الرغم من إصدار الدول الأعضاء بالمنظمة إدانات قوية لموسكو عقب محاولة تسميم نافالني بغاز الأعصاب “نوفيتشوك” لكنها لم تبذل أي جهد لمحاسبتها.
وفي الصيف الماضي، أصدر المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إنذاراً نهائياً لنظام الأسد يطالبه بالامتثال لاتفاقية الأسلحة الكيميائية في غضون 90 يوماً أو مواجهة تعليق العضوية داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكن الموعد النهائي مر دون اتخاذ إجراء.
وفي تفسيره للرد الباهت للمنظمة على استخدام روسيا ونظام الأسد للأسلحة الكيميائية، أوضح التقرير أن إحدى المشكلات الرئيسية تتمثل في أن مسؤولي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليس لديهم السلطة لبدء تحقيقات في المنشآت والأنشطة المشبوهة فإما أن توافق الدولة ذات الصلة أو أن توجه الدول الأعضاء المنظمة للقيام بذلك.
ومن هذا المنطلق تستغل موسكو تردد بعض الدول في الانخراط ضد دولة عظمى حيث يعلم الأعضاء أنهم يمكن أن يكونوا هدفًا انتقاميًا لموسكو إذا لم يصوتوا على طريقة الكرملين.
ورغم هذه العقبات، ترى المجلة أنه لدى واشنطن الآن فرصة لتشكيل تحالف لسن عقوبات ضد روسيا ونظام الأسد من أجل ردع أي استخدام للأسلحة الكيميائية في المستقبل.
وفي مؤتمر الدول الأطراف المزعم عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، ينبغي على الولايات المتحدة أن تقود الجهود لتعليق عضوية نظام الأسد رسميًا، وهو إجراء يتطلب تصويت ثلثي الأصوات.
ووفقًا لتحليل أجرته “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” لبيانات تصويت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مدى أكثر من عامين فإن تحقيق أغلبية الثلثين أمر “مخيف” عندما تمتنع البلدان عن التصويت أو تصوت مع موسكو حيث صوتت 59 دولة بشكل منتظم أو شبه منتظم لروسيا أو جلست على الحياد لصالح موسكو وهذا يمكن أن يوقف أو يؤخر القرارات مرة أخرى.
وأكد التقرير أن إدارة بايدن سوف تحتاج إلى بذل الجهد لجمع الأصوات المطلوبة لتهميش نظام الأسد، ولم يعد لديها وقت لتخسره في هذا المسعى.
واقترح التقرير أن يساعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في الخلاف على الأصوات من خلال إجراء مكالمات هاتفية إلى البلدان التي لم تعرب بعد عن دعمها لتعليق عضوية نظام الأسد، وعليهم أن يطلبوا الدعم، على وجه الخصوص، من الدول التي تميل إلى الامتناع عن التصويت ولكن لديها علاقات تجارية أو اقتصادية أو تنموية أو عسكرية أو أمنية مهمة مع الولايات المتحدة.
ولكن حتى لو لم تستطع الولايات المتحدة حشد الأصوات المطلوبة هذه المرة، فإن متابعة هذه الإجراءات ستضع الدول في حرج من تدوين أسمائهم في محضر رسمي يتعلق بفشلهم في محاسبة روسيا ونظام الأسد، وهذا من شأنه أن يشكل سابقة مهمة تتمثل في أن واشنطن لن تسمح للأعضاء بالبقاء على الهامش بشأن هذه القضايا المهمة.
وختم التقرير بدعوة الدول الأعضاء إلى تعليق حق روسيا ونظام الأسد بالتصويت في حال عدم التزامهم بقواعد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي وقّعا عليها.