“رايتس ووتش” تحذر من استثناء اللاجئين السوريين والفلسطينيين من حملة لقاح كورونا في لبنان
المنظمة الحقوقية الدولية قالت إن برنامج الحكومة اللبنانية للتلقيح ضد فيروس كورونا "يتّسم بالتدخل السياسي وغياب المعلومات"
حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من “استثناء الفئات المهمّشة” من حملات التلقيح ضد لقاح كورونا في لبنان، في إشارة إلى اللاجئين والعمال المهاجرين الذين قالت إنهم يشكّلون ثلث عدد سكان البلاد.
وقالت المنظمة الحقوقية الدولية (غير حكومية، مقرّها في نيويورك)، في تقرير لها اليوم الثلاثاء، إن برنامج الحكومة اللبنانية للتلقيح ضد فيروس كورونا “قد يستثني الفئات المهمّشة، بما فيها اللاجئون والعمال المهاجرون”، على الرغم من وعود بيروت بتنفيذ “برنامج عادل”، أشارت المنظمة إلى أنه “يتسم بالتدخل السياسي وغياب المعلومات”.
ولفت تقرير “هيومن رايتس ووتش” إلى أن بيانات الأمم المتحدة تُظهر أن معدل وفيات اللاجئين السوريين جراء كورونا تبلغ أربعة أضعاف المعدل الوطني، فيما تشكل وفيات اللاجئين الفلسطينيين بالفيروس ثلاثة أضعاف المعدل.
ورغم تلك البيانات -يتابع التقرير- يظهر على منصة التسجيل والمتابعة الحكومية على الإنترنت لتلقي لقاح كورونا أن 2.86% فقط من الذين تلقوا اللقاح، و5.36% من المسجلين لتلقيه، هم غير لبنانيين “رغم أنهم يشكلون 30% من السكان على الأقل”.
ونقل التقرير عن “نادية هاردمان”، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش” قولها: “واحد من أصل كل ثلاثة أشخاص في لبنان هو لاجئ أو مهاجر، ما يعني أن ثلث السكان معرضون لخطر الاستثناء من خطة التلقيح. على الحكومة أن تستثمر في الوصول الهادف لبناء الثقة لدى فئات طالما هُمّشت، وإلا باءت جهود التلقيح ضد كورونا بالفشل”.
وكانت وزارة الصحة قد قالت إنها تهدف إلى تلقيح 80% من السكان قبل نهاية 2021، وإن خطة التلقيح الوطنية تشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن جنسياتهم. على أن تُعطى الأولوية في المرحلة الأولى من حملة التلقيح للعاملين في القطاع الصحي والأشخاص فوق الـ75، ثم من هم فوق الـ65، يليهم من هم فوق الـ54 ولديهم أمراض معيّنة.
ولفت التقرير إلى تصريحات لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، “حمد حسن” قال فيها إن الحكومة حصلت على 33,600 جرعة من لقاح “أسترازنيكا” في 24 آذار الماضي، ما سمح بإعطاء الأولوية لفئة جديدة، تضم المعلمين والعاملين في قطاعات منتجة (الزراعة والصناعة)، في حملة تلقيح تبدأ في نيسان الحالي، وعلق التقرير على التصريح بأنه حتى 5 نيسان، تم إعطاء اللقاح لـ 3,638 فلسطينياً و1,159سورياً فقط، علماً أن 19,962 لاجئاً وموظفاً طبياً فلسطينياً و6,701 لاجئ سوري، مؤهلون للحصول على اللقاح في المرحلة الأولى من الحملة، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.
وعبّر التقرير عن مخاوف المنظمة الحقوقية من أن كميات اللقاح المتوفرة ستوزع “على أساس الانتماء السياسي وتستثني الفئات المهمشة، بدلاً من اتباع معايير توزيع شفافة قائمة على الأدلة وتنطبق على جميع المقيمين في لبنان بالتساوي”.
ونقل التقرير عن لاجئين سوريين قابلتهم “هيومن رايتس ووتش” أنهم يخشون التوقيف أو الاحتجاز أو حتى الترحيل في حال سجلوا على منصة الحكومة للقاح، خصوصاً إذا لم تكن لديهم إقامتهم قانونية في لبنان، وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن 20% فقط من أصل 1.5 مليون لاجئ سوري “لديهم الحق القانوني للإقامة في لبنان بسبب سياسات الجنسية اللبنانية التقييدية، ما يجعل الغالبية العظمى عرضة للتوقيف التعسفي والاحتجاز والمضايقات وحتّى الترحيل”، مع التشديد على أن غالبية اللاجئين السوريين ليس لديهم معلومات كافية حول طريقة التسجيل على اللقاح.
وتابعت “هاردمان” في التقرير نفسه: “في البداية تم الترحيب بخطة لبنان الشاملة لتلقيح جميع المقيمين على أراضيه، لكن سرعان ما تبين أن تنفيذ الخطة مليء بالثغرات. إذا كان لبنان يريد تحقيق توزيع لقاحات عادل خلال هذا العام وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد، عليه أن يضمن وصول الجميع إلى المعلومات”.
وختمت “هيومن رايتس ووتش” تقريرها بالإشارة إلى أن “التمييز على أساس الأصل القومي أو مكان الإقامة يتعارضان مع القانون الدولي، وينتهكان على وجه الخصوص التزامات لبنان بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، مشددة على أن “الحكومات مسؤولة عن توفير المعلومات اللازمة لحماية وتعزيز الحقوق، بما في ذلك الحق في الصحة”.
ويعيش في لبنان نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري وفقاً لإحصاءات حكومية رسمية، بينما تحصي الأمم المتحدة في سجلاتها مليوناً منهم، ويعيش معظمهم أوضاعاً معيشية صعبة بسبب تدهور الاقتصاد اللبناني إلى مستويات حادة، زاد من وطأتها انتشار فيروس كورونا منذ أكثر من عام.