“العفو الدولية” تتهم لبنان بارتكاب عمليات تعذيب واسعة ضد لاجئين سوريين
أمنستي: "انتهاك السلطات اللبنانية الصارخ لحق اللاجئين السوريين في الإجراءات القانونية الواجبة جعل العدالة مهزلة"
كشفت منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن اللبنانية ارتكبت انتهاكات مروعة بحق لاجئين سوريين اعتقلتهم بشكل تعسفي في كثير من الأحيان، بتهم تتعلق بالإرهاب، كما “استخدمت بعض أساليب التعذيب الفظيعة المتبعة في أكثر السجون السورية شهرة”.
جاء ذلك في تقرير للمنظمة اليوم الثلاثاء، يحمل اسم “أتمنى لو أموت: لاجئين سوريين محتجزين بتهم تتعلق بالإرهاب تعرضوا للتعذيب في لبنان”.
ويوثق التقرير مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبتها المخابرات العسكرية اللبنانية في المقام الأول ضد 26 محتجزا بينهم 4 أطفال، بما في ذلك انتهاكات ضد حقهم بالحصول على محاكمة عادلة وكذلك التعذيب بما في ذلك الضرب بالعصي المعدنية والكابلات الكهربائية والأنابيب البلاستيكية. كما أفاد المحتجزون بتعليقهم رأساً على عقب أو إجبارهم على البقاء في أوضاع مجهدة لفترات طويلة من الزمن.
وبحسب التقرير، تم منذ العام 2011 احتجاز مئات اللاجئين السوريين في لبنان بشكل تعسفي بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب، وفي بعض الأحيان بتهم تتعلق بانتمائهم إلى جماعات مسلحة.
ووقعت أغلب عمليات التعذيب في مركز المخابرات العسكرية بمنطقة أبلح أو مكتب الأمن العام في بيروت أو في وزارة الدفاع.
قال المحتجزون إنهم واجهوا بعض أساليب التعذيب نفسها المستخدمة بشكل روتيني في السجون النظام مثل “السجادة الطائرة” (يتم الربط على لوح قابل للطي)، و “الشبح” (يتم تعليق شخص من معصميه وضربه)، أو “البلنغو”، (يتم تعليق فرد بواسطته لساعات مع ربط معصميه خلف ظهره).
وقال العديد من المعتقلين إن “قوات الأمن اللبنانية أشارت إلى معارضتهم للرئيس بشار الأسد أثناء ضربهم، مما يشير إلى أن الهجمات ربما كانت ذات دوافع سياسية”.
وقال كريم، الصحفي، الذي احتُجز لمدة ثمانية أيام في مكتب الأمن العام في بيروت، إن “المحققين سألوه عما إذا كان يدعم الرئيس السوري وعندما قال إنه لم يفعل ذلك ضربوه بقسوة”.
وقال باسل، وهو معتقل سوري سابق، لمنظمة العفو الدولية، إنه “بعد نقله إلى سجن الريحانية، تعرض لضرب مبرح كل يوم لمدة ثلاثة أسابيع حتى أن جروحه تتفاقم. ي النهاية كانت هناك ديدان داخل جراحه”.
وقال لاجئ آخر محتجز إن “مندب الأمن تسبب له بإصابة بالغة بضربه على أعضائه التناسلية لدرجة أنه تبول دماً لعدة أيام. وأضاف أنه أثناء ضربه، قال له المندوب: “أنا أضربك هنا لكيلا تستطيع إحضار المزيد من الأطفال إلى هذا العالم، حتى لا يلوثوا هذا المجتمع”.
كما وثقت منظمة العفو الدولية سوء معاملة امرأتين تعرضتا للتحرش الجنسي والاعتداء اللفظي أثناء الاعتقال حيث أُجبرت إحداهما على المشاهدة رجال الأمن أثناء تعذيب ابنها وأُجبرت امرأة أخرى على مشاهدة زوجها وهو يتعرض للضرب.
ووفقاً للمنظمة، لم تُجر أي تحقيقات في أي من اتهامات التعذيب التي وثقتها منظمة العفو الدولية، حتى في الحالات التي أبلغ فيها المعتقلون أو محاموهم القاضي أنهم تعرضوا للتعذيب.
وطالبت المنظمة السلطات اللبنانية أن بتنفيذ فوري لقانونها الخاص بمناهضة التعذيب وأن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
قالت ماري فوريستير، الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية: “يقدم هذا التقرير لمحة عن المعاملة القاسية والتعسفية والتمييزية التي تمارسها السلطات اللبنانية مع اللاجئين السوريين المحتجزين للاشتباه في تهم تتعلق بالإرهاب”، مضيفة أنه “في العديد من الحالات، وجد اللاجئون الذين فروا من الحرب والقمع الوحشي والتعذيب على نطاق واسع أنفسهم محتجزين بشكل تعسفي بمعزل عن العالم الخارجي في لبنان، حيث يواجهون العديد من الفظائع نفسها المستخدمة في السجون السورية”.
وأضافت أنه “لا شك في وجوب محاسبة أعضاء الجماعات المسلحة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان على أفعالهم، لكن انتهاك السلطات اللبنانية الصارخ لحق اللاجئين السوريين في الإجراءات القانونية الواجبة جعل العدالة مهزلة”.
وأشارت إلى أن “السلطات اللبنانية تجاهلت تماماً القانون الدولي لحقوق الإنسان في كل مرحلة، من الاعتقال إلى الاستجواب والاحتجاز والمحاكمات الجائرة”، مطالبة “بضمان التحقيق الفعال في مزاعم التعذيب ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات المروعة”.
وبحسب المفوضية الأممية لشؤون الإنسان، لجأ إلى لبنان نحو مليون سوري، فيما تقول الحكومة اللبنانية إن أعدادهم تقارب المليون ونصف المليون لاجئ.