التصعيد العسكري في إدلب رسائل سياسية روسية بدماء السوريين
محللون : تكثيف القصف سيجعل تركيا تفكر بخيار عسكري.. ومستقبل الشمال مفتوح على احتمالات ليست إيجابية للسوريين
حطت تداعيات التحركات الإقليمية الدبلوماسية الأخيرة بثقلها على الأهالي في شمال غرب سوريا على شكل تصعيد عسكري من خلال رسائل بعث الروس بدماء السوريين باتجاهات متعددة، وتعكس فشلا في المهمة التي جال لإنجازها وزير خارجيتهم سيرغي لافروف على عواصم الخليج، على الرغم من اتفاقه مع تركيا وقطر على آلية مشاورات مشتركة في إطار العمل على حل سياسي في البلاد .
رسائل الروس الدموية وإن تعددت اتجاهاتها لتصل الحدود التركية إلا أنها تشكل انقلابا على اتفاق الألية المشتركة الذي لم يجف حبره بعد، وعلى اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه في سوتشي بين تركيا وروسيا في أيلول / سبتمبر 2018 ، وتدلل على وجود خلافات سياسية بين الجانبين ، كما أنها تلوح للغرب بورقة اللاجئين التي قد يتسبب بها التصعيد العسكري، والهدف هو الحصول على تنازلات سياسية بما يخص العقوبات المفروضة على النظام الذي وصلت فيه الأوضاع في مناطق سيطرته إلى حافة الانفجار .
ورأى الصحفي التركي هشام جوناي أن التصعيد العسكري من روسيا والنظام هدفه قضم المزيد من الأراضي في الشمال السوري والقضاء على المعارضة ، وإخراج الأتراك من المنطقة، وقال إن التصعيد يشكل رسائل ضغط على تركيا من أجل الانسحاب والروس لم يلتزموا بأي اتفاقيات سابقة مع تركيا ولن يقبلوا إلا بسيطرة النظام على جميع المناطق ولكن تكثيف القصف من شأنه أن يجعل الحكومة التركية تفكر بخيار عسكري ربما لا ترجحه في الوقت الراهن.
وأضاف جوناي أن للتصعيد أهدافا أخرى تتعلق بجس نبض الروس لردود فعل الإدارة الأمريكية الجديدة، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود حالة تقاسم للنفوذ بين الجانبين في سوريا
وقال جوناي إن موقف الدول الغربية بعدم الضغط على روسيا بما فيه الكفاية بحكم المصالح المتبادلة شجعها على التمادي في السيطرة على البلاد.
المحلل السياسي صبحي دسوقي من جانبه رأى أن روسيا شعرت أنها خاسرة من الاتفاق الثلاثي التركي الروسي القطري وتحاول بطريقة أو بأخرى توجيه رسائل بأنها هي صاحبة القرار على الأراضي السورية وقال إن تصعيد روسيا يبعث برسائل إلى تركيا بأنها لن تلتزم بأي اتفاق بينهما، والمستقبل مفتوح على احتمالات ليست إيجابية بالنسبة للسوريين والأيام المقبلة ستكون صعبة مرجحا أن يعمد الروس إلى اجتياح إدلب في المستقبل بحجة تطهير سوريا من الإرهابيين .
وأضاف دسوقي أن كل ما يحدث على الأرض السورية من جرائم يرتكبها الروس والنظام والإيرانيون ماكان ليتم لولا الضوء الأخضر من إسرائيل والولايات المتحدة، وهدف روسيا هو الحصول على مكاسب وهي غير عابئة بالدماء التي تسيل، لافتا إلى أن تصريحات الولايات المتحدة لم تصل إلى مرحلة الفعل ، ولو أرادت وقف القتل وفرض حل لكانت فرضته سريعا.
وكانت وزارة الدفاع التركية أكدت أنها تتابع تطورات التصعيد العسكري في شمال غرب بعد مطالبتها روسيا بالوقف الفوري للهجمات التي يشنها النظام.
وقالت الوزارة في بيان إن قوات النظام استهدفت مشفى وتجمعات سكنية في قرية قاح بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، فضلا عن موقف شاحنات ومقطورات بالقرب من سرمدا.
وتعمد الروس والنظام استهداف المناطق السكنية في تصعيد مفاجئ إذ لم يستثن القصف المراكز الطبية ومن بينها مشفى مدينة الأتارب كما يقول مراسل راديو الكل في ريف حلب.
وفي حين دعا الائتلاف الوطني المعارض المجتمع الدولي والدول المهتمة بإنهاء الحرب إلى تحرك فوري واصفا التصعيد العسكري بأنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تعيد الكثير من المسائل إلى نقطة الصفر ، بحث رئيس الائتلاف نصر الحريري في اتصال هاتفي مع المبعوثة الأميركية بالإنابة لشؤون سورية إيمي كوترونا المستجدات الميدانية والسياسية والجرائم المرتكبة من قبل النظام وروسيا بحق المدنيين.
ويأتي التصعيد من جانب روسيا والنظام بعيد تحركات دبلوماسية من جانب روسيا تمثلت بجولة خليجية قام بها وزير خارجيتها ومن أبرز عناوينها إعادة تعويم النظام قبيل الانتخابات الرئاسية والتقارب مع الدول العربية بهدف تخفيف الضغوط الغربية على النظام إلا أنه لم تعلن نتائج محددة في ختامها سوى دخول دولة قطر على خط الحل السياسي من خلال تشكيل آلية تشاور بينها وبين تركيا وروسيا إلا أن التصعيد في شمال غرب البلاد وضع تلك الآلية أمام اختبار نتائجه غير واضحة قبل أن تظهر أولى تحركاتها .
راديو الكل ـ تقرير