ماذا تحقق من شعار الشعب السوري “ما بينذل ” وهل النتائج مرتبطة بالمقدمات بالنسبة للثورات؟
محللون: الشعب السوري أذل النظام والثورة وضعت البلاد على طريق الخروج إلى الحرية
منذ انطلاقتها قبل عشر سنوات وحتى الآن تتعدد الإجابات على السؤال الكبير وهو لماذا قامت الثورة السورية وهل كانت فعلا خارجيا بأدوات داخلية وحربا كونية شنها العالم ضد النظام، أم بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وانتشار الفقر، أو انعدام الحياة السياسية وتفرد النظام في الحكم؟
والإجابة بالنسبة لجمهور الثورة هي واضحة ومحددة وببساطة هي أن المواطن السوري لم يعد يحتمل نظاما يعامله معاملة غير إنسانية بوصفه قيمة مرتبطة بوجوده ماديا وروحيا.
ولكن هل حقق المواطن السوري الذي انتفض ضد الذل ومن أجل كرامته ما يريد..
سؤال يطرحه واقع التطورات الآن، بعيدا عمن ينتظرون نتائج ميكانيكية لمقدمة فعل ثوري، أو أولئك الذين يرون فشلا في هذا الشعار، ولا سيما أن التاريخ الشخصي لكل سوري تغير وكذلك التاريخ الجمعي وأيضا بنية النظام التي أصابها الهدم وباتت البلاد أشبه بهيكل عظمي، وبالنظر إلى الصورة العامة من تلك الزوايا قد تكون الإجابة الأوضح ..
الثورة من “أنا إنسان” إلى “بدكم حرية” ..؟
ولا تزال كلمات المواطن السوري ” أنا إنسان ماني حيوان” عالقة في الأذهان وهي عبارة اختصرت بحرقة ولوعة سياسة النظام طيلة عقود من ظلمه للسوريين، وكانت لسان حال جميع من أطلق صرخته ضد الاستبداد وإن تفنن النظام فيما بعد في مواجهة الأهالي، إلى حد الرقص على جثث القتلى كما حدث في بلدة البيضا في مدينة بانياس على الساحل السوري.
ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن ملايين السوريين رفضوا البقاء في مناطق سيطرة النظام بعد الحصار الذي أطبق به على مدنهم وبلداتهم تحت عنوان التجويع أو الركوع وانتشروا في الشمال السوري المحرر أو في الدول المجاورة، مفضلين التشرد والعيش بخيام على البقاء تحت حكم آل الأسد في حين طرح واقع السوريين الحالي أسئلة حول النتائج ..
المظاهرات الكبرى في الشمال دليل على تمسك الشعب بالثورة
وقد يجيب الكثير بأن مشاهد المظاهرات الكبرى التي انطلقت في الذكرى العاشرة للثورة السورية في مدن وبلدات الشمال السوري وزينت بعلم الثورة، أكبر رد على تمسك السوريين بشعارات الثورة ورفض الذل، في حين يعيش الأهالي تحت سيطرة النظام ذلا يدلل على استمرار النظام في نهجه.
وهذه رؤية واسعة قد تكون من إطار واحد إذا ما تم النظر بعين الاعتبار إلى أوضاع الأهالي في الشمال، كما هي من زاوية واحدة في حال تم النظر إلى الأهالي الذين يقفون في طوابير الذل من أجل الحصول على خبز لأولادهم.
نعم زخم جديد أعطته الذكرى العاشرة للثورة السورية يعيد تأكيد شعاراتها التي انطلقت منها، ولكن مع استمرار الأسئلة دون إجابة ومع استمرار ربط النتائج بالمقدمات يبقى السؤال الأوسع ما الذي تحقق حتى الآن؟
الشعب السوري هو من أذل النظام سياسيا ومعنويا
الدكتور طلال المصطفى الأكاديمي والباحث في مركز حرمون للدراسات يرى أن الانتصار الحقيقي للسوريين يكمن في كسر حاجز الخوف والثورة أذلت النظام وألغت إمكانية أن يبقى إلى الأبد وهذه المسألة عند معظم السوريين.
ورفض الدكتور مصطفى مقولة إن الثورة هزمت لأنها لم تصل إلى السلطة، وقال إن الثورة انتصرت في ذاكرة السوريين، فالثورة ليست معادلة فيزيائية، والجميع يدرك أن النظام كان ساقطا خلال أيام لولا المؤامرة الكونية التي يتحدث بها وهي في الحقيقة مؤامرة ضد الشعب السوري والنظام أحد أركانها.
وأضاف الدكتور المصطفى يكفي أن هناك نصف الشعب السوري خارج عن إرادة النظام ، ولا يوجد سوري يؤيد النظام، مؤكدا أن الصمت الآن في مناطق سيطرته يعود للإرهاب الذي يمارسه ضدهم.
الثورة وضعت البلاد على طريق الخروج إلى الحرية
ورأى الأكاديمي الدكتور فايز قنطار أن النظام أشعل في البلاد حريقا بحرق نفسه به، فالأهالي في الداخل هم ضحية لإجرام النظام، الثورة خرجت من قمقم القمع وفتحت المجال واسعا باتجاه الحرية والثورات عبر التاريخ لا تكون نتائجها بالضرورة سريعة لكن الأهم أن الثورة بدأت ولا رجعة
وقال الدكتور قنطار إن الثورة مستمرة على الرغم من القتل والتدمير ، ووضعت سوريا على طريق الخروج من سلطة العصابة الاستبدادية وهي لم تفشل فالشعب السوري أسقط الآلة العسكرية والأمنية التي بناها النظام عبر عقود ما اضطره إلى استدعاء وحوش الأرض وبالأخص روسيا التي تمتلك ثاني أقوى جيش في العالم، ويكفي الشعب السوري فخرا أنه وقف ضد هذه القوى.