رغم الخذلان وتدخل روسيا وإيران.. المعارضة تفشل 10 سنوات من مساعي النظام الحسم عسكرياً
قائد عسكري في الجيش الوطني: هناك استعدادات "قوية" من كافة قيادات وعناصر الجيش الوطني لأي صراع مفتوح في سوريا
لم يكن لدى السوريين مع انطلاقِ ثورتِهم عام 2011 سوى أصوات حناجرِهم والكثيرَ مما عُهِدَ عنهم من شجاعةٍ دفعتْهم للتظاهرِ في شوارعٍ تترصدُها أجهزةُ الأمنِ المدججةُ بالأسلحة.
سنواتٌ عشر مرت على اندلاعِ شرارةِ الثورة، شهدت خلالها الجغرافيا السورية بكاملِ أرجائِها تقريباً تحولاتٍ وتبدلاتٍ في قوى السيطرة، كان عنوانُها الأبرزُ التدخلَ العسكري الخارجي الذي كان له بالغُ الأثرِ في إطالةِ عمرِ نظامِ الأسد.
بدايةُ التحولاتِ كانت مع تجلي أحقيةِ ثورةِ الكرامة منذ الأشهرِ الأولى، حيث آثرَ مئاتُ الضباطِ والمجندين الانشقاقَ والانحيازَ لصالحِ أبناءِ وطنِهم ليجدوا أنفسَهم لاحقاً في موقع المسؤوليةِ للدفاع عن القرى والمدنِ الثائرة في وجه آلةِ الأسد القمعية.
وشيئاً فشيءً بدأت المدنُ والقرى تخرجُ عن سيطرةِ الأسد بفعلِ الغضبِ الشعبي والانشقاقاتِ وخسارة قواتِ الأسد هيمنتَها على المناطق تباعاً عقبَ تشكيلِ المقدم حسين الهرموش لواءَ الضباطِ الأحرار في حزيران عام 2011، ومن ثم إعلانِ العقيد رياض الأسعد عن تشكيلِ الجيش السوري الحر الذي كان له دورٌ محوريٌ في حماية المظاهراتِ وطردِ مليشياتِ الأسد من المدنِ والقرى الثائرة.
وبهمةِ فصائلِ الجيشِ الحر، فقد نظامُ الأسدِ السيطرةَ على أكثرَ من ثمانين 80 بالمئة من مساحةِ سوريا خلال العامَين 2012 و2013، لتصبحَ فصائلُ المعارضة على بعد كيلومترات فقط من القصرِ الرئاسي.
ومع استشعارِه السقوطَ الوشيكَ استعانَ النظامُ بمليشيا حزبِ الله بدايةً ومن ثم بالمليشياتِ الطائفيةِ الموالية لإيران بشتى جنسياتِها من عراقيينَ وأفغان وباكستانيين.
غير أن نقطةَ التحولِ المفصلية كانت إعلانَ روسيا التدخلَ عسكرياً إلى جانبِ النظامِ نهايةَ أيلول 2015 متذرعةً بمحاربةِ تنظيمِ داعش الذي تمددَ هو الآخر بشكلٍ مفاجئٍ في ذاتِ العام لتشهدَ الجغرافية السورية خلال السنواتِ التالية تغيراتٍ شتى في قوى ومناطقِ السيطرة.
وعقب تدخلِها رسمياً وضعت روسيا كاملَ ثقلها العسكري إلى جانبِ قواتِ النظامِ والمليشياتِ الإيرانية لتتمكن خلالَ الأعوامِ الخمسة الماضية من استعادة السيطرةِ على كاملِ الجنوبِ السوري ومحيطِ العاصمة دمشق مروراً بريفَي حماة وحمص وليس انتهاءً بمساحاتٍ واسعةٍ من محافظتَي حلب وإدلب.
كما كان السوريون على موعدٍ مع التدخلِ العسكري للتحالفِ الدولي ولاسيما عقبَ هجومِ داعش على مدينةِ عين العرب في أيلول عام 2014، وهو التدخلُ الذي كان له بالغُ الأثرِ في هزيمةِ داعش من جهة وظهورِ الوحداتِ الكردية على الساحةِ وسيطرتِها على معظمِ شمال شرق سوريا من جهةٍ أخرى.
تغيراتٌ وتحولاتٌ لم تكن ناجمةً عن تقصيرِ السوريين تجاه ثورتِهم أو توانيهم عن تقديم التضحياتِ بل جاءت نتيجةَ خذلانٍ دولي وعربي ارتسمت أبرزُ معالمِه بوقفِ الدعمِ الأمريكي والعربي لفصائلِ المعارضة وسطَ صمتٍ مطبقٍ للمجتمعِ الدولي عن فظائعِ قواتِ النظام وروسيا والمليشياتِ الإيرانية.
ومع ثباتِ خرائطِ السيطرةِ خلالَ العامِ الماضي عقب تفاهماتٍ تركيةٍ روسيةٍ يتطلعُ السوريون إلى معالمِ حلٍ سياسي موعودٍ يفضي إلى عمليةِ انتقالٍ سياسي تضع حداً لنظامٍ دمرَ سوريا وأوغلَ في دماءِ أبنائِها لمنعِهم من نيلِ الحرية.