يوم قرر السوريون كسر القيود إلى غير رجعة
الناشط قاسم جاموس: الشعب السوري عانى ما عاناه من مآس وخذلان لكن الثورة لاتزال متقدة داخل صدر كل سوري ثائر
لم تكن العباراتُ التي خطَّها أطفالُ درعا والتعاملُ الهمجي لأجهزة النظام الأمنية بأعلى المستوياتِ مع ذويهم، إلا الشرارةَ التي أوقدت قبل عشرِ سنوات لهيبَ شعلةِ ثورةِ الكرامة في كافة أرجاءِ سوريا ضد نظامٍ بلغ فسادُه وطغيانُه الزبى.
طغيانٌ كان كافياً ليقرر السوريون وحدهم أنه لا بد من رسم نهايةٍ لنظامٍ استبدادي جثم على صدرِ وطنِهم الكريم وأوغل في الانتهاكاتِ بحق أبنائِه بعد أن حولَ الأسدُ وزمرتُه أجهزةَ الدولةِ الأمنية والعسكرية لأدواتٍ مهمتُها التفننُ بقمع السوريين والبطشِ بهم لا بأعدائِهم.
ولئن انطلقت الصرخةُ الأولى لنداءِ الكرامةِ من درعا إلا أن الصدى سرعان ما ترددَ خلال أيامٍ في ساحاتِ مدنِ وبلداتِ البلادِ التي احتضنت ملايين المحتجين يرددون في وجهِ البندقيةِ أهازيجَ في حبِ الوطن والحرية.
وخلافاً لما تحاولُ وسائلُ إعلامِ النظامِ تصويرَه، لم يختر السوريون الثائرون مع انطلاقِ ثورتِهم السلاحَ لمجابهةِ إجرامِ الأسد بل ضربوا مثالاً يُحتذى بالسلميةِ والوعي الوطني لم يشهد التاريخُ مثيلاً له، وما حَمْلُ المتظاهرين للورودِ الحمراء وتقديمها مع قواريرِ المياه لقواتِ النظام إلا أحدَ أشكالِ الحراكِ السلمي الواعي الذي قابله الأسدُ بالقبضة الأمنيةِ اللغةِ الوحيدةِ التي يجيدها.
ورغم إدراكِهم لعقليةِ النظامِ الأمنية، لم يدخر السوريون وسيلةً سلميةً للمطالبةِ بالكرامة فكانت المظاهراتُ والإضراباتُ والوقفاتُ الاحتجاجيةُ والاعتصاماتُ والعصيانُ المدني، وبالمقابل لم يدخر نظامُ الأسدِ وسيلةً همجيةً لقمعِهم من قصفٍ وبراميلَ متفجرةٍ وأسلحةٍ كيميائية وصولاً إلى الاستعانةِ بـ الإيرانيين والروسِ والمرتزقةِ الباكستانيين والأفغان واللبنانيين والعراقيين وغيرِهم.
ومع تعنتِ النظامِ وفرضِه الحربَ خياراً واحداً ضد المدنِ والبلداتِ الثائرة، دفع مئاتُ آلافِ السوريين أرواحَهم فداءً لوطنِهم في سبيلِ انتزاعِ الحريةِ وإسقاطِ نظامِ القمعِ والتسلط.
سنواتٌ عشر مرت خلالَها الثورةُ بتحدياتٍ ومنحنياتٍ وخذلانٍ على الصعدِ السياسيةِ والعسكرية، غير أن الثابت كان دائماً صمودَ الأحرارِ في ساحاتِ الحريةِ لتعلو أصواتُهم يوماً بعد آخر.
راديو الكل أجرى مقابلتين مع الناشط، قاسم جاموس، والكاتب والصحفي، أحمد كامل، تحدثا خلالهما عن شرارة الثورة والظروف التي رافقت انطلاقها.