بعد تصريحات بوريل حول المفقودين والتحقيقات بأنشطة أسماء الأسد هل يعود الاتحاد الأوروبي للملفات السورية؟
محللون: الضغوط الأوروبية والمحاكمات دون الولايات المتحدة ليست فعالة وتبقى في إطار التصريحات
سُجلت خلال الأيام القليلة الماضية مواقف أوروبية لافتة إزاء النظام بدت مركزة، حيث استندت إلى ملفات إنسانية وسياسية في القضية السورية بعد محاكمات ودعاوى ضد متورطين في جرائم وعشية تحديد موعد انعقاد النسخة الخامسة من مؤتمر بروكسل من أجل “دعم سوريا ومستقبل المنطقة ” في نهاية الشهر الحالي، في حين جاء الرد عنيفا من النظام ولا سيما بخصوص تصريحات مفوض الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل في البرلمان الأوروبي ربط فيها بين المساعدة في إعادة الإعمار وبين الانتقال السياسي وإجراء التحقيقات في قضايا المفقودين باستخدام الآلية الدولية “.
ومع هذه التصريحات برز تطور لافت من جانب بريطانيا إذ فتحت الشرطة تحقيقا بشأن أسماء الأسد بعد حصولها على أدلة تشير إلى أن أسماء مذنبة بالتحريض على الإرهاب من خلال دعمها العلني لقوات النظام مايعني أنها قد تواجه محاكمة محتملة واحتمال فقدان جنسيتها البريطانية وفق صحيفة التايمز ، إلا أنه وبالتزامن مع هذا الإجراء ذكرت مصادر صحفية أن نائب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام بشار الجعفري دعي للمشاركة في مؤتمر عالمي ينظمه المركز الأوروبي لدراسات التطرف في جامعة كمبريدج ببريطانيا ، تحت عنوان : عقد من الحرب على سورية – مسارات مستقبلية.
ورأى المحلل السياسي سامر خليوي أن الضغوطات الأوروبية لا تستطيع منفردة دفع العملية السياسية خاصة أن الموقف الأوروبي يتبع بشكل دائم إلى موقف الولايات المتحدة التي لم تتخذ بعد موقف جدي إزاء القضية السورية .
وأبدى نظام الأسد وعلى لسان معاون وزير خارجيته أيمن سوسان رد فعل عنيف إزاء تصريحات المفوض الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل ووصف الاتحاد الأوروبي بأنه استعمار حديث قاطعا الطريق أمام أي احتمال لإعادة العلاقات ليس من جانب الاتحاد الأوروبي بل من جانب النظام.
ولعل ما أثار النظام في تصريحات بوريل ليس فقط تحميله مسؤولية فشل العملية السياسية بل تأكيده أن الاتحاد سيتعامل مع موضوع المفقودين وفق الآليات الدولية وهي التي طبقت على زعماء ومسؤولين آخرين في العالم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وهو مايراه النظام يعكس جدية لدى الأوروبيين في توجيه إدانات لمسؤوليه ومن بينهم بشار الأسد.
وعدَّ المحلل خليوي أن لا أحد يعبأ بتصريحات النظام حتى روسيا باتت مقتنعة أن بشار الأسد لم يعد جزءا من الحل بل هو المشكلة وليس هناك أي جديد بالنسبة للموقف الأوروبي إزاء بشار الأسد، فهم لا يرون له دورا في مستقبل سوريا، والنظام هو من يحتاج إلى الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة الإعمار وأوروبا ليست في عجلة من أمرها.
وكان بوريل أكد أن الاتحاد الأوروبي سيستمر في ممارسة الضغط على النظام وأنه لن يتم التطبيع ورفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار قبل بدء الانتقال السياسي هذا هو ما سيكون مفادا لرسالة مؤتمر بروكسل حول سوريا الذي سيعقد نهاية الشهر الحالي مؤكدا أن نظام الأسد يعرقل جميع المفاوضات في العملية السياسية للأمم المتحدة التي تدعم إجراء انتخابات ديمقراطية.
ورأى المحلل السياسي عبد السلام حاج بكري أن الدول الأوروبية تتحدث كثيرا بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية ولكن الحقيقة أن أفعالها لا تصل إلى حجم أقوالها، وحديثها عن المفقودين يندرج في هذا الإطار مشيرا إلى أنه حتى المحاكمات المتفرقة هنا وهناك لا ترتقي إلى مستوى الجرائم التي ارتكبها النظام، وهناك العشرات من ذوي الضحايا مستعدون لتقديم دعاوى إلا أنه ليس هناك جدية من قبل الأوروبيين.
وقال حاج بكري إن لدى أوروبا لديها الكثير من الإثباتات حول ارتكاب رموز النظام إلا أنها لا تبدي استجابة للمتطلبات التي يعبر عنها الكثير من السوريين في أوروبا مشيرا إلى أن رفعت الأسد الذي ارتكب مجزرة حماة عاش سنوات طويلة في أوروبا مستثمرا أمواله دون أن يتعرض لأي محاكمة على جرائمه، بل تم رفع قضايا عليه تتعلق بالتهرب الضريبي.
وعزا حاج بكري ازدياد التصريحات الأوروبية إزاء قضايا المفقودين إلى التحركات التي يقوم بها الناشطون والمحامون السوريون في أوروبا، ولكن لم يجر حتى الآن حدث فاعل يحمل مؤشرات على أن شيئا كبيرا أو مهما قد ينتج عن محاكمات مجرمي الحرب في سوريا.
وقال حاج بكري إن الحديث عن تحقيقات بشأن أسماء الأخرس قد يستمر سنوات بين أخذ ورد، متسائلا أنه حتى إن أقرت الشرطة في بريطانيا بأنها مجرمة فهي لن تتأثر بها إذ إنها تعيش في سوريا وتبقى فيها.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية أشارت إلى احتمال صدور نشرة حمراء من الإنتربول بحق أسماء الأخرس ما قد يمنعها من السفر خارج سوريا تحت تهديد تعرضها للاعتقال.
وكانت الولايات المتحدة أدرجت في ديسمبر الماضي عددا من الأفراد والكيانات على القائمة السوداء، بينها أسماء الأسد، لدورها في عرقلة الجهود الرامية إلى حل سياسي إلى جانب عدد من أفراد أسرتها.
وبالنتيجة فإن قرار التغيير هو بيد الولايات المتحدة، التي لم تبد حتى الآن موقفا نهائيا وواضحا بالنسبة للنظام، ربما بانتظار ما سيحمله بيدرسون إلى واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة بحسب ما تحدث في وقت سابق ، في حين أن المحاكمات التي تجري في أوروبا ليست مؤثرة واستهدفت حتى الآن منشقين عن النظام ولم تستهدف المجرمين المستمرين في القتل والتعذيب بينما استمرار العقوبات الأوروبية التي جرى الحديث عنها مؤخرا وربطها بمساعدات إعادة الإعمار فإنها لم تؤد سوى إلى التضييق على الأهالي، ليس لأن العقوبات غير مؤثرة إنما لأن النظام يستخدمها ذريعة وشماعة لإلقاء مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية على الغرب .