“العفو الدولية”: أعضاء مجلس الأمن خذلوا السوريين “خذلاناً تاماً” خلال 10 سنوات
المنظمة قالت في تقريرها إن السوريين بحاجة إلى "تحقيق العدالة" أكثر من أي وقت مضى
حثّت منظمة العفو الدولية، أمس الجمعة، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تجاوز الشلل الذي يعانيه تُجاه الملف السوري بسبب “حق النقض”، والدفع باتجاه إجراء مساءلة على الانتهاكات المستمرة في سوريا، لضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
جاء ذلك في تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية (غير حكومية، مقرها لندن) بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة الشعبية في سوريا ضد نظام الأسد.
وقالت “منظمة العفو الدولية” (المعروفة اختصاراً باسم “إيمنستي”) إن نظام الأسد، وفيما بعد “جماعات المعارضة المسلحة”، عرّضوا “ملايين المدنيين لهجمات برية وجوية غير قانونية، والاحتجاز الواسع النطاق والممنهج، والتعذيب الذي أدى إلى وفيات في الحجز، والاختفاء القسري، وعمليات الحصار التي أدت إلى التجويع، والتهجير القسري”.
وأشار التقرير إلى أن روسيا والصين استخدمتا “حق النقض” (الفيتو) 15 مرة، على الأقل، طوال العقد الماضي، ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرامية إلى ردع الانتهاكات في سوريا.
ونقل التقرير عن “لين معلوف” نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، قولها إن “أعضاء مجلس الأمن الدولي يملكون السلطة والتفويض لمساعدة الشعب السوري. وبدلاً من ذلك خذلوه خذلاناً تاماً.
وبعد مضي عشر سنوات، يستمر مرتكبو الانتهاكات المروعة – ومن بينها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب – في التسبب بمعاناة هائلة للمدنيين فيما يفلتون من قبضة العدالة”.
وأضافت “معلوف”: “لقد أساءت روسيا والصين مراراً وتكراراً استخدام سلطة حق النقض لتقييد دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود والتي تنقذ الأرواح، ولمنع إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعرقلة إصدار القرارات التي يمكن أن تفرض حظر الأسلحة أو العقوبات الهادفة على الأشخاص المنتمين إلى كافة الأطراف والمسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
واتهمت “العفو الدولية” كلاً من روسيا وإيران وتركيا بتقديم الدعم لـ”أطراف النزاع المسؤولين عن ارتكاب الفظائع في سوريا”، وأشارت إلى أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية شاركتا بشكل مباشر “في النزاع المسلح” وشنّتا “هجمات غير قانونية” أدت إلى “دمار واسع النطاق”.
وأردفت “لين معلوف” في التقرير الذي نشرته “العفو الدولية” على موقعها الرسمي: “إن الدول وضعت بلا خجل – ولمدة أطول كثيراً مما ينبغي – الولاءات والمصالح السياسية قبل أرواح ملايين الأطفال، والنساء، والرجال، وسمحت فعلياً باستمرار مسلسل الرعب في سوريا من دون أن تلوح نهايته في الأفق”، وتابعت: “لقد حان الوقت للدول التي تدعم القوات الموجودة على الأرض كي تدرك أنها لا تستطيع تجاهل العدالة والمساءلة، إذا أريد أن تظهر أي بارقة أمل في مستقبل آمن ومشرّف للشعب السوري”.
بارقة أمل في “إقامة العدل”
ولفت تقرير “إيمنستي” إلى أن “أولى بشائر الأمل بإقامة العدل” في سوريا، ظهرت في الأشهر الأخيرة برغم عشر سنوات من الجمود، وتحدّثت المنظمة عمّا سمّتها “أول إدانة” لمسؤول تابع لنظام الأسد، من خلال حكم القضاء الألماني بالسجن على الضابط المنشق عن قوات الأسد “إياد الغريب” الشهر الماضي “بسبب دوره في المساعدة والتحريض على تعذيب المحتجين المحتجزين في دمشق”.
وأشار التقرير إلى طلب كندا، في 3 آذار الحالي، إجراء مفاوضات رسمية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لمساءلة نظام الأسد على انتهاكات حقوق الإنسان، في خطوة مماثلة لطلب هولندي مشابه في العام الماضي.
وعلقت “معلوف” بالقول: “بدون إقامة العدل، فإن دوامة إراقة الدماء والمعاناة ستستمر في سوريا، وتتصدر حفنة من الدول هذه المهمة باتخاذ خطوات حاسمة نحو إقامة العدل. وقد آن الأوان كي يحذو الآخرون حذوها”.
عقد من جرائم الحرب
واتهم تقرير منظمة العفو الدولية كلاً من نظام الأسد ومن سمّاها “جماعات المعارضة المسلحة” على السواء، طيلة استمرار النزاع بارتكاب “انتهاكات متكررة للقانون الإنساني الدولي”.
وأضاف التقرير أن قوات نظام الأسد “المسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” شنت “هجمات غير قانونية أسفرت عن وقوع عشرات آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية، من بينها المشافي، والمدارس، والمنازل. واستخدمت أسلحة متفجرة غير دقيقة من ضمنها البراميل المتفجرة والذخائر العنقودية المحرّمة دولياً، وحتى الأسلحة الكيماوية. وفي بعض الحالات شُنت الهجمات غير القانونية بواسطة الطائرات الروسية وبدعم منها”.
وأشار التقرير إلى أن قوات النظام “اعتقلت تعسفياً، وأخفت قسراً، عشرات آلاف الأشخاص بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم ومن ضمنهم المحامون، والمدافعون عن حقوق الإنسان، والصحفيون، وعمال المساعدات الإنسانية، والنشطاء السياسيون”، مبيّنةً أن المعتقلين يُحتجزون “في أوضاع غير إنسانية ويواجهون التعذيب بصورة مألوفة، ما يؤدي إلى حدوث آلاف الوفيات في الحجز”.
ويأتي تقرير “منظمة العفو الدولية” في وقت يشهد فيه العالم زخماً من التصريحات الصادرة عن مسؤولي دول غربية أو مسؤولين أممين ومنظمات حقوقية حول الوضع في سوريا، مع حلول الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة الشعبية فيها ضد نظام الأسد في آذار 2011.
وتشير غالبية التصريحات إلى ضرورة الدفع باتجاه الحل السياسي في سوريا، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات وجرائم حرب خلال السنوات العشر الماضية.