هل تكبح الضربات الأمريكية شرقي سوريا جماح إيران؟.. وسائل إعلام أمريكية تجيب
صحيفة "واشنطن بوست" قالت إن الغارات الأمريكية "محسوبة" لكنها "ذات تأثير ضئيل"
قالت وسائل إعلام أمريكية إن الضربة العسكرية الأمريكية على المليشيات الموالية لإيران في شرقي سوريا، الخميس الماضي، تشكّل “اختباراً أولياً حاسماً” لمحاولة إدارة بايدن تحقيق التوازن حول سياسة واشنطن تجاه طهران، مع ترجيح خبراء أن تلك السياسة لن تنهي هجمات المليشيات الموالية لإيران ضد القوات الأمريكية.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” تحليل معلقين على الغارات الأمريكية ضد تمركزات المليشيات الإيرانية شرقي محافظة دير الزور على الحدود السورية العراقية، وصفوا فيه الضربات بأنها “ردّ محسوب” على إطلاق الصواريخ على المنشآت الأمريكية في العراق، لكنهم قالوا إنه من المحتمل أن يكون لها “تأثير عملي ضئيل”، ذاك أنها تجنّبت “المناطق الأكثر حساسية” التي تسيطر عليها المليشيات المدعومة من إيران.
ورأت الصحيفة أن الضربات تزامنت مع سعي إدارة بايدن لاتباع سياسة جديدة مع إيران، لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، ورغبته في تقليص الأنشطة العسكرية الأمريكية المستمرة منذ عقود في الشرق الأوسط، غير أن إيران قرأت ذلك بشكل مختلف.
حيث نقلت الصحيفة نفسها عن “تشارلز ليستر” (الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط) قوله إن اهتمام إدارة بايدن الواضح بإعادة صياغة اتفاق نووي مع إيران، أعطى الأخيرة فرصة لاستخدام وكلائها كوسيلة لشراء النفوذ والوقت، موضحاً أن طهران تجيد “التفاوض واختبار الخطوط الحمراء”، في إشارة إلى مسؤوليتها عن الهجوم الأخير ضد القوات الأمريكية في أربيل في 15 شباط الجاري.
لا إفلات من العقاب
ووفقاً لما نقله موقع “الحرة” الأمريكي عن قناة “سي إن إن”، فقد أراد الرئيس الأميركي جو بايدن، إرسال رسالة بسيطة إلى إيران من خلال السماح بهذه الضربات الجوية في سوريا، مفادها: “لا يمكنك التصرف مع الإفلات من العقاب، كن حذراً”.
وقدّر المسؤولون الأمريكيون أن الضربة التي أسقطت فيها طائرتان من طراز F-15E Strike Eagle سبع قنابل دقيقة، قتلت مجموعة من المقاتلين التابعين لمليشيات مدعومة من إيران.
وبالرغم من أن الموقع المستهدف بالضربات في منطقة البوكمال أقصى شرقي محافظة دير الزور، لم يكن مرتبطاً على وجه التحديد بالهجمات الصاروخية، لكن وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” قال إنه “واثق” من أن المليشيات الشيعية المدعومة من إيران استهدفت القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق بهجمات صاروخية.
تحقيق التوازن
وبحسب ما نقله موقع “الحرة” عن مسؤول أمريكي، فإنه يُعتقد أن الموقع الذي تعرض للغارات، يُستخدم كجزء من عملية تهريب أسلحة من قبل المليشيات المدعومة من إيران.
ويعكس قرار الإدارة بضرب موقع للمليشيات في سوريا، وليس العراق، عزمها على تقليل الاحتكاك مع بغداد، التي انتقدت بشدة الهجمات الأمريكية “أحادية الجانب” على أهداف المليشيات خلال إدارة ترامب. وقالت وكالة رويترز للأنباء إن قرار بايدن قصر الضربات على أهداف في سوريا دون العراق -ولو في الوقت الراهن على الأقل- يعطي الحكومة العراقية متسعا لإجراء تحقيقاتها في الهجوم الذي أصيب فيه أمريكيون في أربيل.
ومع ذلك، أعربت الحكومة العراقية عن عدم ارتياحها للهجوم. ورفضت وزارة الدفاع العراقية في بيان في بيان، ما بدا أنه إعلان من وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” بأن العراق شارك المعلومات الاستخباراتية مع الحكومة الأمريكية قبل الضربة، وقالت بغداد: “تعاوننا مع قوات التحالف الدولي يقتصر على هدف محدد. . . محاربة داعش وتهديدها للعراق بما يحفظ سيادة العراق “.
“ردّ مدروس”
وأكد تقرير لمعهد “بروكنغز” – بحسب ما ترجمه موقع “الحرة”- أن الهجمات ضد المليشيات الموالية لإيران كانت أول اختبار حقيقي لإدارة بايدن، وأضافت أن الرد الأمريكي كان مرحّباً به ومدروساً جيداً، لأنه يوازن بين الحاجة إلى الرد على الهجمات بالوكالة الإيرانية مع ضمان عدم غرق دول مثل العراق في عنف واسع النطاق، وعدم استقرار يمكن للحلفاء استغلاله لتعزيز نفوذهم.
وقال التقرير: “ليس من الضروري أن تحاكي السياسة الأمريكية تجاه إيران موقف المواجهة الذي تبنته إدارة ترامب، ولكن يمكنها أن تمارس استخدام القوة ضد الجهات التي تهدد الأفراد الأمريكيين، وذكر أن ذلك يمكن أن يعزز المفاوضات الدبلوماسية حول برنامج إيران النووي.
وأشار إلى أن إيران تعتقد بأن بإمكانها تعزيز قدرتها التفاوضية في هذه المفاوضات إذا رفعت الرهان عن طريق إصابة أو قتل أفراد أمريكيين، وأن إدارة بايدن لديها قدر كبير من “التسامح” مع هجمات وكلاء إيران على الأفراد الأمريكيين.
إلا أن الضربة الأخيرة قد تغير إلى حد ما هذا التصور، وتردع المزيد من الهجمات على الولايات المتحدة وتجبر إيران على كبح جماح وكلائها. وأوضح أنه في حين أنه من غير المرجح أن نرى نهاية كاملة للهجمات الصاروخية الإيرانية بالوكالة، فليس من غير المعقول تماماً أن تسعى طهران إلى تعديل حجم ونطاق الهجمات الصاروخية المستقبلية.