تقرير: اعتقال وإخفاء الكوادر الطبية “تكتيك مدروس” للنظام
تقرير الشبكة وثّق 3364 من العاملين في الرعاية الصحية لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منذ 2011
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إنَّ آلاف الكوادر الطبية لا يزالون في عداد المختفين قسرياً في سوريا، على الرغم من انقضاء عام على بدء تفشي كوفيد-19 هناك، مؤكدة أنَّ اعتقال وإخفاء وتعذيب الكوادر الطبية “كان تكتيكاً مدروساً” من قبل نظام الأسد “لزيادة معاناة المجتمع” السوري.
جاء ذلك في تقرير نشرته الشبكة على موقعها الإلكتروني، اليوم الجمعة، وثقت فيه ما لا يقل عن 3364 من العاملين في الرعاية الصحية لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، منذ 2011، غالبيتهم (98%) على يد نظام الأسد، على الرغم من انقضاء عام على بدء تفشي كوفيد-19 في سوريا.
وقال التقرير -الذي جاء في 26 صفحة- إنَّ “استهداف المراكز والطواقم الطبية كان واحداً من أبشع الفظائع التي مورست خلال النزاع السوري، ولم تقتصر الاعتداءات على عمليات القصف العشوائي أو المقصود على المراكز الطبية، وما تتسبب به من قتل وجرح للكوادر الطبية، بل تعدى ذلك إلى ملاحقات مدروسة تطال العاملين في قطاع الرعاية الصحية، والذين ساهموا بشكل أو بآخر في تخفيف معاناة المشاركين في الحراك الشعبي، وعلاج المصابين من المتظاهرين والمعارضين” لنظام الأسد.
وأوضح التقرير أن اعتقال وإخفاء وتعذيب الكوادر الطبية “كان تكتيكاً مدروساً لزيادة معاناة المجتمع.. نظراً لحاجة المجتمع الماسّة إليهم”.
ونقل التقرير عن “فضل عبد الغني” مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قوله: “إن وجود هذا العدد الهائل من الكوادر الطبية خارج مراكز الاحتجاز كان سوف يُساهم بشكل فعال في تخفيف معاناة المجتمع السوري من جائحة كوفيد-19″، وأضاف أن نظام الأسد “المتسبّب الرئيس في تهشيم المجتمع السوري، لا يكترث بمزيد من الآلام والمعاناة، ولا توجد سلطة قضائية أو تشريعية أو إعلامية لتنتقده وتحاسبه”، لافتاً إلى أن النظام لا يستجيب لدعوات الإفراج عن الكوادر الطبية الصادرة، وأن كلاً من المجتمع الدولي ومجلس الأمن ومسارات المفاوضات “فشلت في إطلاق سراحهم أو مجرد الكشف عن مصيرهم”.
ووثّق تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ما لا يقل عن 3364 من العاملين في قطاع الرعاية الصحية لا يزالون قيد الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختفاء القسري في سوريا، منذ آذار 2011 ، حتى شباط 2021، غالبيتهم (98%) على يد نظام الأسد، والبقية على يد ما سماها التقرير “أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا”
ولفت التقرير إلى أن نظام الأسد يتعمد “على نحوٍ مخطط ومدروس ملاحقة واعتقال وإخفاء العاملين في قطاع الرعاية الصحية، الذين شاركوا في تقديم خدماتهم للمصابين”، وأنه “المسؤول عن قرابة 96 % من حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب التعذيب من العاملين في قطاع الرعاية الصحية مقارنة ببقية أطراف النزاع”.
وأشارت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى أن العام 2011 يعد “العام الأسوأ من حيث حصيلة الضحايا بسبب التعذيب من العاملين في قطاع الرعاية الصحية”، ويظهر ذلك بحسب التقرير تعمُّد نظام الأسد “قتل وتعذيب الكوادر الطبية التي شاركت في إسعاف المصابين في أوج الحراك الشعبي السلمي، ثم يأتي تالياً عام 2012 ثم 2014”.
وأوضح التقرير أن الحصيلة الأعلى من الضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب كانت في محافظتي حمص وحلب، تلتهما ريف دمشق ثم درعا فدمشق.
وأضاف تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن “الاستهداف المتكرر على مدى عشر سنوات للمراكز والكوادر الطبية قد أنهك قدرة القطاع الصحي على التعامل مع جائحة كوفيد-19” وحمَّل نظام الأسد وحلفاءه المسؤولية الرئيسة عن الغالبية العظمى من تلك الانتهاكات، وأشار إلى “الإهمال الصارخ في التعامل مع الجائحة”، وأكد أن نظام الأسد لم يتخذ “إجراءات حقيقية وجادّة للحدِّ من تزاحم المواطنين للحصول على المواد الأساسية وفي ذلك مُخالفة صارخة لأبرز الإجراءات الاحترازية للوقاية من المرض”.
وخلص التقرير إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي “باتخاذ خطوات فورية للكشف عن مصير آلاف الكوادر الطبية المختفين قسرياً، وذلك استناداً إلى القرارات الصادرة عنه وفي مقدمتها القرارين رقم 2139 و2254. وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في ارتكاب الانتهاكات بحق الكوادر الطبية”.
واعتبر التقرير أنه “في ظلِّ انقسام مجلس الأمن وشلَلِه الكامل، يتوجب التَّحرك على المستوى الوطني والإقليمي لإقامة تحالفات لدعم الشَّعب السوري، ويتجلى ذلك في حمايته من عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وزيادة جرعات الدَّعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي. والسَّعي بشكل أكبر إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين”.
واختتمت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرها بتوصية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لتقديم الدعم لعوائل المختفين قسرياً وللمنظمات الوطنية العاملة في هذا المجال، ولمنظمات حقوق الإنسان السورية، كما قدم توصيات أخرى إلى كل من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وإلى نظام الأسد.