تقرير أمريكي: الأسد فقد “ورقة السيادة” واستسلم لوجود أجنبي “طويل الأمد” في سوريا
تقرير "معهد واشنطن" قال إن "نظام الأسد تنازل عن السيطرة على حدوده ومجاله الجوي والبحري إلى جهات مختلفة"
قال معهد دراسات أمريكي، إن نظام الأسد استسلم لوجود أجنبي يبدو أنه سيكون دائماً على الأراضي السورية، وذلك بعدما تنازل عن السيطرة على حدوده ومجاله الجوي إلى جهات مختلفة، إضافة إلى ما أسماها “السيطرة الشكلية” على بعض المناطق.
وفي تقرير أصدره “معهد واشنطن” أمس الأول الأربعاء، ذكَر “فابريس بالونش” (وهو زميل زائر في المعهد المذكور)، أن الوضع على الحدود السورية مع دول الجوار لم يتغير خلال العامين الماضيين، اللذين شهدا سيطرة النظام على مساحات جديدة من أراضي البلاد، في وقت تعارض فيه روسيا وشريكتاها في محادثات آستانة (إيران وتركيا) “أي جهود رسمية لتقسيم البلاد أو ترسيخ وجود كيان كردي منفصل في الشمال”، ولا سيما أن “المشاكل التي أعقبت تقسيم السودان شككت صانعي السياسة الغربيين بشأن جدوى مثل هذا الحل في سوريا”.
ورغم معارضة فكرة تقسيم سوريا، يرى “بالونش” أن عدة قوى خارجية باتت تتقاسم البلاد بشكل غير رسمي عبر “مناطق نفوذ متعددة والسيطرة من جانب واحد على معظم حدودها”، الأمر الذي يحرم نظام الأسد “من أداة رئيسية للسيادة”.
نظام الأسد يفتقد المقوم الرئيسي “للسيادة”
على الرغم من سيطرة نظام الأسد على ثلثي الأراضي السورية، بما في ذلك جميع المدن الرئيسية (دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودرعا ودير الزور)، يقلل تقرير “معهد واشنطن” من شأن تلك السيطرة، التي لم تؤمن للنظام امتلاك “ورقة السيادة الحقيقية” وهي الحدود، حيث تسيطر قوات النظام على 15 في المئة فقط من الحدود البرية الدولية للبلاد، بينما تنقسم المساحة المتبقية بين جهات أجنبية.
ويضيف التقرير أنه على الرغم من أن “الجمارك السورية” التابعة للنظام هي المسؤولة “رسمياً” عن المعابر مع العراق (البوكمال) والأردن (نصيب) ولبنان (العريضة والجديدة والجوسية والدبوسية)، فإن السيطرة الحقيقية والفعلية هي لجهات ثانية، حيث “يسيطر حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى، المدعومة من إيران، حاليا، على حوالي 20 في المئة من حدود البلاد”.
وتابع: “يسيطر حزب الله على الحدود اللبنانية، وأقام قواعده على الجانب السوري (الزبداني والقصير) التي يسيطر منها على منطقة القلمون الجبلية. وبالمثل، تدير الميليشيات الشيعية العراقية كلا جانبي حدودها من البوكمال إلى التنف”.
وتمتد قبضة القوات الموالية لإيران أيضاً إلى العديد من المطارات العسكرية السورية، وهي غالباً وسيلة لنقل الأسلحة الإيرانية إلى مليشيا “حزب الله”، و”خط المواجهة مع إسرائيل” في مرتفعات الجولان، على حد تعبير “بالونش” الذي يعلق بالقول: “هذا الوضع يكشف اندماج سوريا الكامل في المحور الإيراني”.
الحدود الشمالية
إذا كان النظام يسيطر اسمياً فقط على بعض المعابر جنوبي وغربي وشرقي سوريا، فإنه يفتقد حتى السيطرة الاسمية على حدود البلاد الشمالية “حيث تبسط تركيا ووكلاؤها النفوذ”، بحسب التقرير نفسه.
يقول بالونش: “في عام 2013، بدأت تركيا بناء جدار حدودي في منطقة القامشلي، معقل الأكراد السوريين. ومنذ ذلك الحين وسعت هذا الحاجز على طول الحدود الشمالية بأكملها”.
وكان أحد الأهداف منع تسلل عناصر “حزب العمال الكردستاني”، المحظور في تركيا، والذي يعد المنظمة الأم للفصائل الكردية التي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمالي سوريا، كما كان الهدف الآخر هو منع تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا.
الجزء الوحيد من الحدود الشمالية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد هو معبر “كسب” شمالي اللاذقية، الذي أغلقت السلطات التركية الجانب المقابل منه منذ العام 2012.
ومن “كسب” إلى أقصى الشمال الشرقي تتقاسم السيطرة على الحدود فصائل موالية لتركيا، و”هيئة تحرير الشام”، وقوات سوريا الديمقراطية، وفق ما رصده التقرير.
الفشل ليس في الحدود البرية فقط!
إضافة إلى فشل النظام في حيازة “ورقة السيادة” المتمثّلة بالحدود البرّية، فإنّه -وفق “بالونش”- فشل أيضاً في إعادة بسط سيطرته على سماء سوريا ومياهها الإقليمية، حيث تخضع مناطقها البحرية لمراقبة القاعدة الروسية في طرطوس، ويتم التحكم في معظم مجالها الجوي من القاعدة الروسية في “حميميم”.
كما تعتمد إيران على الأصول الجوية لموسكو للحماية من الضربات الإسرائيلية “وهي ضمانة محدودة” -كما يقول بالونش- لأن روسيا لا تحمي أنشطة طهران الأكثر استفزازاً مثل نقل الصواريخ إلى حزب الله أو تعزيز مواقعها في الجولان.
أما الولايات المتحدة فهي تحتفظ بممر جوي بين نهر الخابور والحدود العراقية، حيث توجد آخر قواتها البرية.
ويختم “بالونش” تقريره بالقول، إن نظام الأسد على الرغم من تصريحاته حول “استعادة كافة الأراضي السورية”، يبدو أنه “راضٍ” عن الخضوع لفكرة “السيادة المحدودة”، معتبراً أنه حتى لو انسحبت الولايات المتحدة من شرقي سوريا، فإن البلاد ستبقى “في أيدي ثلاثية أستانا”، ولذلك ليس لدى الأسد خيار في هذا الشأن.