“العدالة التصالحية” مصطلح “غير بريء” لبيدرسون أم خطأ بالترجمة؟
ردود غاضبة من جهات معارضة على مصطلح "العدالة التصالحية" الذي ذكره بيدرسون
أثار مصطلح “العدالة التصالحية” الذي طرحه المبعوث الأممي إلى سوريا لأول مرة، الأربعاء الماضي، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي حول أعمال اللجنة الدستورية السورية ولا سيما الجولة الرابعة، ردوداً غاضبة من قبل جهات معارضة ما دفع ستة من أعضاء قائمة المجتمع المدني إلى إصدار بيان توضيحي.
وقال بيدرسون أمام مجلس الأمن، الأربعاء، إن “أعضاء الوفود الثلاثة للجنة الدستورية السورية (وفد المعارضة والنظام والمجتمع المدني) قدموا موقفهم من الجولة “رقم 4″، التي انتهت في الرابع من الشهر الحالي في جنيف بالاتفاق على جدول أعمال الجولة القادمة في 25 كانون الثاني القادم.
وأوضح بيدرسون خلال الإحاطة، بأن المعارضة قدمت 23 نقطة تركزت على المبادئ الـ 12 الأساسية التي تم التأكيد عليها في سوتشي وعلى ولاية اللجنة، في حين قدم وفد النظام 8 نقاط تتلخص بـ “الإرهاب ودعم جيشه والعقوبات واللاجئين والتنوع الثقافي والوحدة الوطنية”، في حين قدم بعض أعضاء المجتمع المدني عدة نقاط تتعلق بالعودة اللاجئين والعدالة التصالحية.
استخدام مصطلح “العدالة التصالحية” دفع المعارضة السورية للرد من خلال عدة جهات، أبرزها رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي قال عبر تويتر: “سنة وثلاثة أشهر منذ تشكيل اللجنة الدستورية والمبعوث الدولي يتجنب أو لم يستطع تفعيل باقي المحاور في 2254 ثم يخرج علينا بما يسمى العدالة التصالحية مع قاتل المليون شهيد .نحن وشركاؤنا والأمم المتحدة أمام تحد أخلاقي قبل كل شيء علينا مواجهته جميعاً. رفض النظام للحل لا يكافئ بمجاراته”.
وأضاف “العدالة في سوريا واحدة لا نقبل الانزياح عنها .عدالة انتقالية تأخذ لملايين السوريين حقوقهم حسب ما تقتضيه العهود والأعراف الدولية وما نصت عليه قرارات مجلس الأمن يحاسب فيها كل من ارتكب الجرائم تجاه الشعب السوري ويتم جبر الضرر وتعويض كل من أوذي بجريرة هذا النظام المجرم وفظاعاته”.
من جانبه، رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، قال عبر تويتر رداً على ذلك المصطلح بالقول: “سلة الحكم وهيئة الحكم الانتقالي هي جوهر القرار الأممي (2254)، ومهمة تيسير تنفيذه منوطة بالمبعوث الأممي إلى سوريا حسب التفويض الممنوح له من قبل مجلس الأمن، وقبولنا الحديث عن الدستور حالياً لا يعني أننا تجاوزنا هذا الجوهر الرئيسي، فلا معنى للدستور دون مرحلة حكم انتقالي”.
وأضاف “هيئة الحكم الانتقالي، بالضرورة معها العدالة الانتقالية، هي أعصاب لا ينبغي أن تُغيبها الأمم المتحدة ومبعوثها، لأن ذلك سيعني تمييع للقرار الأممي 2254 وحرف مساره نحو خطوات تخدم النظام، ولا أحد سوى النظام”.
كما أن هيئة القانونيين السوريين الأحرار المعارضة علقت على مصطلح بيدرسون الجديد في بيانٍ لها قالت فيه: إن “إدراج مصطلح العدالة التصالحية في وثائق الأمم المتحدة الخاصة بالمفاوضات المتعلقة بالملف السوري يعني إقراره ضمن آليات الحل السياسي، ما يعني أن بيدرسون ينعي عملية الانتقال السياسي بشكل رسمي”.
ولم يصدر أي تعليق أممي من بيدرسون حول استخدام ذلك المصطلح حتى اليوم الجمعة 18 كانون الأول، في حين أصدر 6 أعضاء من المجتمع المدني باللجنة الدستورية بياناً يتحدث عن المصطلح مشيرين إلى حدوث خطأ في الترجمة الأممية للنقاط التي قدموها مكتوبة لبيدريسون.
وبحسب البيان “ورد في النسخة الانجليزية من الإحاطة أن بعض أعضاء وفد الثلث الثالث قدموا نقاطاً منها ما تحدث عن “restorative justice” وهو ما تم ترجمته في النسخة العربية بـ”العدالة التصالحية”، وهذا المصطلح لم يرد في أي كلمة من كلماتنا أثناء الجولة الأخيرة، فقد قدمنا مداخلات حول العدالة الانتقالية “Transitional Justice”، وكلماتنا مسجلة وبعضها قد تم طبعه وتوزيعه على الموجودين في الجولة”.
ونوه البيان إلى أن “ستة من أعضاء الثلث الثالث قدموا ورقة عن عودة اللاجئين تم فيها استخدام مصطلح “العدالة التعويضية” خلال الحديث عن حق اللاجئين باسترداد ممتلكاتهم، وأن لا يُلجأ للتعويض إلا في حال تعذر الرد كالتالي: “…وضمان حقوقهم في أن يستعيدوا أي مساكن أو أراض أو ممتلكات حرموا منها بطريقة تعسفية أو غير قانونية. وأن يعتبر الرد سبيل الانتصاف المفضل وعنصراً أساسياً من عناصر العدالة التعويضية…”.
وأضاف “بما أننا لا نستطيع مشاركة مداخلاتنا ولا محاضر الجلسات مع العموم التزاماً بمدونة السلوك، فإننا نطالب الأمم المتحدة بأن يكون الحديث عن مداخلاتنا أكثر دقة، وأن لا يتم استخدام مصطلحات لم نستخدمها، وأن لا يتم اختزال ما قدمناه بطريقة يظهر فيها عمل الثلث الثالث هامشياً، رغم إيماننا بأن مسؤوليتنا تحتم علينا نقل آلام الناس وطرح مطالبهم وتلبية تطلعاتهم”.
ويُنظر إلى العدالة التصالحية على أنها نهج واسع لحل المشكلات التي تشمل الضحية والجاني وشبكاتهم الاجتماعية ووكالات العدالة والمجتمع في إصلاح الضرر الناجم عن الجريمة.
ويأتي هذا الحديث بعيد انتهاء أعمال الجولة الرابعة للجنة الدستورية السورية في جنيف، والتي انتهت لأول مرة بعد ثلاث جولات معطلة، بالاتفاق على جدول أعمال الجولة الخامسة، في 25 كانون الثاني القادم.
وبدأت أعمال اللجنة الدستورية في تشرين الثاني 2019، باجتماعات في جنيف السويسرية، لتتوقف في ذات الشهر، وسط اتهامات للنظام بالمراوغة لتعطيل عمل اللجنة، وفي 29 تشرين الثاني الماضي، فشلت الجولة الثانية دون عقد اجتماع بسبب عرقلة النظام.
وفي 29 من آب الماضي، اختتمت الجولة الثالثة من أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف دون تحقيق نتائج تذكر، وذلك بعد رفض النظام تمديد أعمال الجولة.
واللجنة الدستورية شكلتها الأمم المتحدة من أجل صياغة دستور جديد لسوريا ضمن مسار العملية السياسية وفق القرار الأممي 2254، وهي مقسمة بالتوازي بين النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.
وتتألف اللجنة الدستورية من 150 عضواً، بواقع 50 ممثلاً لكل من المعارضة والنظام والمجتمع المدني، ومن المنتظر أن تقوم بعملية إعادة صياغة الدستور السوري، تحت إشراف أممي.