المؤتمر الروسي حول اللاجئين السوريين في دمشق.. دعوات بلا أصداء
المؤتمر بات أمام معضلة بعد تحرك المجموعة المصغرة حول سوريا ضد المبادرة الروسية
غابت أصداء الدعوة الروسية لعقد مؤتمر للاجئين السوريين في دمشق، ما يشير إلى فشل جديد في محاولة روسيا اللعب على وتر اللاجئين لاستمالة الدول المحيطة في سوريا، ولاسيما لبنان والأردن وتركيا، التي تؤوي سويةً أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري مسجل.
ولم تعلن أي دولة حتى اليوم، بما في ذلك لبنان، حضورها لمؤتمر اللاجئين في دمشق رغم الجهود الدبلوماسية الروسية في هذا السياق مؤخراً.
وألمح السفير الروسي في الأردن، غليب ديسياتنيكوف، الإثنين الماضي، إلى عقبات تعتري محاولة روسيا في حشد الدعم الإقليمي لإنجاح المؤتمر المزمع عقده في دمشق يومي 11 و12 من تشرين الثاني الحالي.
وقال السفير الروسي: “من المطلوب الانطلاق من أن المؤتمر له طابع إنساني بحت وأنه لا يستهدف إطلاقاً المساهمة في ما يسمى بترسيخ شرعية النظام كما يحاول أن يصنفه بعض اللاعبين المعروفين الهادفين لحرمان هذا الاجتماع من الدعم الدولي المطلوب”.
وبات المؤتمر أمام معضلة بعد أن تحركت المجموعة المصغرة حول سوريا باكراً ضد المبادرة الروسية.
وجاء في بيان المجموعة المصغرة الصادر عن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والسعودية والأردن ومصر والمملكة المتحدة وأمريكا في 22 من تشرين الأول الماضي: “ندعو النظام إلى وقف الإجراءات التي تردع اللاجئين وتمنعهم من العودة وإلى أن يتخذ بدلاً من ذلك الخطوات الإيجابية اللازمة لتوفير العودة الطوعية والآمنة والكريمة”.
ودعا البيان النظام وروسيا إلى اتخاذ الخطوات لتهيئة بيئة آمنة ومحايدة من شأنها أن تمكّن السوريين من إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية تحت إشراف الأمم المتحدة وبشكل يتيح للنازحين واللاجئين والمهاجرين المشاركة فيها.
الكاتب المتخصص في الشؤون الروسية سامر إلياس قال في اتصال مع راديو الكل اليوم الخميس، إن روسيا تحاول الدفع نحو إعادة اللاجئين بغرض تعويم نظام بشار الأسد دون أن تدفع أي فاتورة سياسية مقابل حل هذا التعويم.
وأضاف أن موسكو تعلم أن إعادة اللاجئين تقتضي بالضرورة كسر الحصار عن النظام وسيتوجب على المشاركين البحث في آلية تثبيت العائدين، وبالتالي حصول النظام على مساعدات ودعم لإعادة الإعمار، وهو ما يعني نجاح موسكو بفصل مسار إعادة الإعمار عن الحل السياسي.
وتوقع إلياس، أن تطرح روسيا المزيد من المؤتمرات حول إعادة اللاجئين لأنها تخشى انهيار النظام اقتصادياً بشكل مفاجئ وتحول سوريا لمستنقع أفغاني يغرق قواتها ويضيع الموارد التي بذلتها إلى جانب النظام.
بدروه الكاتب والمحلل سياسي، درويش خليفة، أكد خلال مداخلة مع راديو الكل، أن الروس يريدون من إعادة اللاجئين السوريين بالدرجة الأولى أن يشرعنوا نظام بشار الأسد ولاسيما أن الانتخابات الرئاسية قادمة منتصف العام القادم.
وأضاف أن روسيا تريد من اللاجئين أن يصوتوا في بلدهم وبالتالي يكونون تحت رحمة الأجهزة الأمنية التي ستجبرهم للتصويت لصالح رأس النظام.
واستبعد خليفة، أن تشارك الحكومة اللبنانية في المؤتمر بعد وصول سعد الحريري إلى رئاسة الوزراء، ولاسيما أن الحريري محسوب نوعاً ما على التيار السعودي الفرنسي.
كما استبعد بشدة مشاركة تركيا بالمؤتمر، معتبراً أن الغارة الروسية على معسكر فيلق الشام (المدعوم تركياً) قبل أيام كان بهدف معاقبة أنقرة على موقفها الرافض لتوجه موسكو إزاء ملف اللاجئين.
وخلال الأيام الماضية، دفعت موسكو بثقلها الدبلوماسي عبر وفد مشترك من وزارتي الدفاع والخارجية لإقناع الأردن ولبنان بحضور المؤتمر الذي تنظمه في دمشق.
وأجرى الوفد المشترك برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، مباحثات مع الملك عبد الله الثاني في عمّان يوم 27 من الشهر الماضي.
كما التقى الوفد عقب ذلك بيوم الرئيس اللبناني ميشال عون في بيروت، غير أن لبنان لم يعلن حتى اللحظة موافقته على حضور المؤتمر.
وكان مندوب النظام لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وجّه في 27 من تشرين الأول الماضي، دعوة إلى الدول والوكالات الأممية المعنية بالشأن السوري لحضور المؤتمر، وذلك خلال جلسة لمجلس الأمن عبر الفيديو حول الوضع في سوريا.
وسبق أن أطلقت روسيا مبادرة في 2018 تدفع نحو إعادة اللاجئين من دول اللجوء المجاورة لسوريا، إلا أن تلك المبادرة لم تشهد استجابة تذكر.
وفرّ ملايين السوريين إلى خارج البلاد خلال السنوات التسع الماضية جراء العمليات العسكرية لقوات النظام ضد المدن الثائرة.
وفي 18 من حزيران، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن سوريا لا تزال تتصدر قائمة أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخلياً حول العالم بإجمالي بلغ 13.2 مليون شخص.
وقالت المفوضية في تقرير سنوي، إن ما يقارب سدس الأشخاص المهجرين قسراً حول العالم هم سوريون، مضيفة أن اللاجئين السوريين الذين اضطروا للفرار إلى البلدان المجاورة يعانون من صدمة النزوح المطول.
وكان الوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، قال في آذار الماضي، إن الصراع في سوريا خلّف أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري، فضلاً عن أكثر من 6 ملايين نازح داخل سوريا.