لوموند: هكذا يتحايل نظام الأسد على اتفاق تفكيك ترسانته الكيميائية
لوموند: النظام ظل قادراً على متابعة نشاطاته الكيماوية رغم الضربات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية على بنيته التحتية
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا يكشف كيف يتحايل نظام الأسد على اتفاق تفكيك ترسانته الكيميائية، عن طريق إخفاء الأسلحة تارة والقضاء على الموظفين “المشبوهين” والاستيراد السري للمكونات الأسلحة الكيميائية تارة أخرى.
وأوضح التقرير أن كلاً من مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والأرشيف السوري، قدما الإثنين الماضي تقريرا إلى عدة هيئات تحقيق وطنية ودولية، يظهر بعمق ودقة كيفية عمل هذا البرنامج الذي تسبب في مقتل مئات المدنيين منذ عام 2011.
ويكشف تقرير المنظمتين المكون من 90 صفحة، كيف تلاعبت سلطات النظام بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي كان يعتقد أنها قامت بتفكيك الترسانة الكيميائية التابعة لقوات الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى أن أهم معلومة في التقرير كانت إعادة نشر خبر للموقع الإخباري “زمان الوصل” عام 2017، يفيد بأن احتياطيات الأسلحة الكيميائية في المعهد 1000 في جمرايا، نقلت قبل 5 أيام من وصول محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إلى مخازن قاعدة اللواء 105 للحرس الجمهوري الواقعة على بعد كيلومترات قليلة.
وقالت لوموند إن تجربة عملية تصنيع الأسلحة الكيميائية بدأت بالتعاون مع معهد 3000 ومعهد 4000، وقد ساهم فيه خبراء من إيران وكوريا الشمالية اللتين تربطهما علاقات تحالف مع دمشق.
ورغم أن مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدأت عام 2013، وتلتها الضربات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية على بنية النظام التحتية في أعقاب الهجوم على خان شيخون عام 2017، إلا أن النظام كان قادرا على متابعة نشاطاته الكيماوية ولاسيما أن الفرع 450 من معهد 3000 -الذي يمثل المركز العصبي للبرنامج الكيميائي للنظام، والذي تم إعلان حله رسميا عام 2013- ما زال يعمل، ربما تحت اسم مختلف.
كما كشفت شهادات المنشقين عن مركز الدراسات والبحوث العلمية عن كيانات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل ورشتين لإنتاج البراميل المتفجرة المليئة بالكلور، إحداهما تقع في جمرايا، والأخرى بالقرب من مصياف، كما تم اكتشاف موقع لإنتاج القنابل الثنائية بالقرب من حلب، بعد أن تم إغلاقه عام 1998.
وبحسب عدد من العاملين السابقين في المركز، لم يؤثر القصف الإسرائيلي، في نيسان 2018 على المعهد 4000 إلا على المباني الإدارية، كما فشل هجوم جوي آخر على المشروع 99، وهو مصنع لبناء صواريخ سكود، مخبأ في جبال تقسيس بين حمص وحماة.
ويشرف الجنرالان، بسام الحسن ويوسف عجيب، على مطاردة المسؤولين المحتمل أنهم غير موالين، وقد “قتل عدة موظفين أو ماتوا في السجن أو اختفوا”، وبحسب التقرير، تم إعدام مهندس المركز أيمن الهبلي من قبل النظام “لتعاونه مع العدو الإسرائيلي” عام 2010.
وساهمت الإجراءات الأمنية الصارمة ومراقبة الموظفين في وقف انشقاقهم وعدم تسريب المعلومات السرية خاصة أن السفر إلى الخارج والانتقال داخل البلاد يحتاج إلى تصريح، وأنه يكفي أن توجد لدى موظف أي معلومات خارج مجال نشاطه ليتم اعتقاله أو طرده، وفقا للصحيفة.
كما اكتشف محققو المنظمتين بفضل قاعدة “بيانات كومتريد” وهي سجل تجاري ضخم تحتفظ به شعبة الإحصاءات بالأمم المتحدة، أنه بين عامي 2014 و2018، تم تصدير 69 فئة من المنتجات التي يحتمل أن تخضع للعقوبات إلى سوريا من 39 دولة، بينها 15 دولة أوروبية.
وتضم الصادرات بشكل أساسي أيزوبروبانول، وهو سلائف لغاز السارين، ويسمح بتسويقه فقط إذا كانت بنسبة تركيزه أقل من 95 بالمئة، وحددت مبادرة العدالة للمجمع المفتوح، والأرشيف السوري، شركات مقرها بلجيكا وألمانيا وهولندا وسويسرا تواجه عقوبات قانونية.
وبالفعل، أُدينت 3 شركات بلجيكية في شباط 2019، وحُكم على مدير إحداها بالسجن لمدة عام، كما فتح تحقيق في هولندا، بسبب انتهاك قيود الاستيراد المفروضة على سوريا، كما تقول لوموند.
وفي 5 من تشرين الأول، قدمت منظمات غير حكومية من بينها الأرشيف السوري، ومبادرة العدالة والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، شكاوى جنائية نيابةً عن ضحايا هجوم الأسلحة الكيميائية إلى مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني، لإدانة النظام بشنه هجمات كيميائية في الغوطتين الشرقية والغربية وخان شيخون والمطالبة بمحاسبته.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رفضت في 11 من أيلول الماضي، إغلاق ملف نظام الأسد الخاص بالعثور على مواد كيميائية يمتلكها داخل سوريا، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، لمناقشة تنفيذ القرار 2118 الخاص ببرنامج نظام الأسد للأسلحة الكيميائية.
وحمَّلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في 8 من نيسان للمرة الأولى، قوات النظام مسؤولية اعتداءات بالأسلحة الكيميائية استهدفت بلدة اللطامنة في محافظة حماة في العام 2017، وذلك بعد أن تم إسناد مهمة تحديد الجهة التي نفذت الهجمات للمنظمة.
وأمهلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في 9 من تموز الماضي، النظام 90 يوماً للإبلاغ عن موقع وكمية الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها بعد أن أكدت ضلوعه بهجمات كيماوية في ريف حماة الشمالي.
وكان مندوب نظام الأسد لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري طالب في 29 من أيلول الماضي بإغلاق ملف نظام الأسد الكيميائي نهائياً زاعماً أن حكومة النظام أوفت بالتزاماتها باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ودمرت كامل مخزونها منذ عام 2014.