هكذا أشرفت روسيا على تهجير ملايين السوريين
راديو الكل
لم يكن امتلاء الشمال السوري المحرر بملايين النازحين ومئات مخيمات النزوح أمراً وليد الصدفة عقب التدخل العسكري الروسي إلى جانب قوات النظام ضد السوريين المطالبين بالحرية.
وسعت روسيا بكامل ترسانتها إلى قلب مجريات الأحداث لصالح الأسد غير آبهة بمصير ملايين السوريين الرافضين لحكمه.
وزجت موسكو بكامل قوتها العسكرية ضد المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة على كامل الخريطة السورية رغم ادعائها قتال تنظيم داعش.
وتمكنت قوات النظام من تقطيع أوصال المناطق الثائرة وحصارها وتجويع أهلها ومن ثم شن عمليات عسكرية ضدها، أفضت إلى عمليات نزوح وتغيير ديمغرافي.
وفي ظل الخذلان الدولي لم يجد أهالي المناطق الثائرة غير الانصياع للخيار الأخير المتاح أمامهم ألا وهو النزوح إلى إدلب لتجنب بطش النظام، الذي نكلت قواته بالسوريين وقتلت مئات الآلاف منهم.
ومع كل سيطرة جديدة لقوات النظام وروسيا على الأرض، كانت الحافلات الخضراء بانتظار عائلات، حتى غدا الشمال السوري يختزل سوريا بأكملها.
ورغم أن أولى عمليات التهجير بدأت من مدينة حمص في أيار 2014 قبيل تدخل القوات الروسية، إلا أن زخم عمليات التهجير وارتفاع وتيرتها لم يبدأ إلا عقب إعلان روسيا دخول القتال إلى جانب النظام.
وخلال 5 سنوات كانت روسيا بشكل مباشر أو غير مباشر طرفاً في تهجير مدن ومناطق حلب والغوطة الشرقية ودرعا ومجمل ريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي والقلمون الشرقي والزبداني ومضايا داريا والمعضمية والتل ووادي بردى ومخيم خان الشيح ويلدا وببيلا ومخيم اليرموك.
غير أنها لم تكتفِ بتهجيرهم من تلك المناطق بل لاحقتهم مجدداً في إدلب وهجرت مطلع العام الحالي مليون شخص من قرى وبلدات جنوب إدلب وشمالي حماة في إطار هجمة عسكرية واسعة.
وفي كل عملية تهجير تكتفي الأمم المتحدة بالصمت وإحصاء عدد المهجرين دون أي إجراء لوقف تلك سياسة التغيير الديمغرافي التي أشرفت روسيا وإيران على تنفيذها، بل فشلت المنظمة الأممية حتى في إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.
ومع تكرار السيناريو في كل منطقة ثائرة، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن سوريا لا تزال تتصدر قائمة أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخلياً حول العالم بإجمالي بلغ 13.2 مليون شخص.
وقالت المفوضية في تقرير سنوي، إن حوالي سدس الأشخاص المهجرين قسراً حول العالم هم سوريون، في حين أفاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، في آذار الماضي، إن الصراع في سوريا خلّف أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري، فضلاً عن أكثر من 6 ملايين نازح داخل سوريا.
ومع استمرار روسيا ونظام الأسد في انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في آذار الماضي، ينظر النازحون في الشمال السوري بقلق إلى مصيرهم خوفاً من قصة نزوح وشقاء جديدة قد تلوح في الأفق.