معهد الشرق الأوسط: بشار الأسد يستخدم التراث السوري لتلميع صورته قبيل الانتخابات الرئاسية
معهد الشرق الأوسط: بشار الأسد استولى على كل ما هو إيجابي حول الهوية الثقافية لسوريا كما لو كان مسؤولاً عن إنشائها
أكد معهد دراسات الشرق الأوسط أن رأس النظام بشار الأسد يحاول استخدام التراث الثقافي كأداة ترويجية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال النصف الأول من عام 2021، رغم أنه المسؤول عن تدمير معظم المواقع الأثرية السورية.
جاء ذلك في تقرير أصدره المعهد يوم 23 من أيلول الحالي، ضمن الحلقة الأولى من سلسلة نقاشات تحمل عنوان “شو البديل” والتي تبحث الوضع السياسي السوري مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام إجراؤها.
وقال التقرير، إن بشار الأسد، يستخدم التراث الثقافي كأداة ترويجية، ليجسّد نفسه كخيار وحيد بديله الفوضى، وهي رواية تم الالتزام بها بشكل ثابت منذ العام 2011، على اعتبار أنه وحده، بشار، هو المدافع الحقيقي عن البلاد وتراثها مستغلاً تدمير داعش للمواقع التاريخية لجعل روايته أكثر منطقية.
وأضاف التقرير أن وكالة سانا، التابعة للنظام، تروج لذلك النهج بنشر تقارير عن تواجد قوات النظام بأماكن ومواقع أثرية لحمايتها، فضلاً عن نشرها صوراً لرحلات منظمة إلى مدينة تدمر الأثرية تحت شعار “المحافظة على التراث السوري”.
بيد أن الوقائع على الأرض تشير إلى غير ذلك، حيث أنّ الضرر الأكبر الذي لحق بالآثار التاريخية يمكن أن يكون مسؤولية النظام، لافتاً إلى أنّ 90 بالمئة من المدنيين و95 بالمئة من العاملين في المجال الطبي، قتلوا على يده أيضاً، بحسب المعهد أيضاً.
وأوضح المعهد أنّ أحداً لم يتحدث عن الأضرار التي سببتها قوات النظام في تدمر قبل تعرضها لهجمات داعش، إذ قامت قوات النظام بتركيب قاذفة صواريخ متعددة في معسكر دقلديانوس، وقادت دبابات ثقيلة ومركبات عسكرية عبر الموقع الأثري، وقصفت معبد بل، ما أدى إلى انهيار عدة أعمدة، غير أن تفجيرات داعش للمعالم الرئيسية صيف عام 2015، أدت إلى محو كل الأدلة حول التعديات التي ارتكبتها قوات النظام.
وقصف النظام بسلاح الجو قلعة الحصن، وألقى قنابل داخلها ومن ثم وجه اللوم إلى من يسميهم “الإرهابيين” في محاولة لتقديم نفسه على أنه من أصلح المشكلات، وليس السبب فيها.
كما كرر ذات الأمر في حلب حيث صوّر النظام الأضرار التي لحقت بالجامع الأموي في حلب على أنها من عمل “الإرهابيين” على الرغم من تسجيل لقطات فيديو سابقة لجنود من “الجيش السوري الحر” آنذاك يساعدون المتطوعين في تفكيك ونقل الأشياء الثمينة مثل المنبر الخشبي الذي يعود إلى القرن الثالث عشر إلى بر الأمان، بحسب المعهد أيضا.
وأشار التقرير إلى أنّه عندما يتعلق الأمر بإعادة الإعمار الفعلي على الأرض، نادراً ما يكون نظام الأسد أو حلفاؤه الروس أو الإيرانيون هم من يتولى القيادة، بل منظمات غير حكومية يتخذ بعضها طابعاً دولياً أو مبادرات أهلية.
وأوضح أن أبرز ممولي إعادة بناء أسواق حلب هي شبكة الآغا خان للتنمية، وهي مؤسسة غير سياسية تهتم بالتراث، في حين يتم ترميم الخانات والبيوت الأثرية مثل قصر المنصورية وبيت الصالحية، من قبل مغتربين سوريين أثرياء، كما قام الأفراد الميسوري الحال بترميم منازلهم التي دمرتها الحرب دون دعم حكومي.
كما لفت التقرير إلى الجهود المبذولة في المناطق المحررة للحفاظ على الإرث التاريخي، ولاسيما مع إعادة افتتاح متحف مدينة إدلب في 2018 بعد خمس سنوات من الإغلاق، فضلاً عن استمرار العمل الممول من الخارج لتوثيق وتسجيل الألواح المسمارية من موقع إيبلا من العصر البرونزي”.
وأكد أنه لطالما اعترفت اليونسكو بالمساهمة القيمة للعديد من مجموعات المتطوعين في المناطق المحررة.
وحذر من أن الأسد صور نظام حكمه بمهارة على أنه انعكاس لتراث سوريا متعدد الثقافات، واستولى على كل ما هو إيجابي حول الهوية الثقافية لسوريا كما لو كان مسؤولاً بطريقة ما عن إنشائها – وهي طريقة خبيثة للغاية لإبعاد خصومه عن الصورة بشكل متزايد.