فورين بوليسي: انفجار بيروت ينذر “بعواقب وخيمة” على 1.5 مليون لاجئ سوري وفلسطيني
مجلة فورين بوليسي: يعيش أكثر من ثلثي اللاجئين السوريين في لبنان تحت خط الفقر
أكد مسؤولون غربيون وعمال إغاثة، أن انفجار مرفأ بيروت ينذر “بعواقب وخيمة” على قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري وفلسطيني يعتمدون منذ فترة طويلة على المساعدات الإنسانية في البلاد، وفقًا لما نقلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وجاء الانفجار الأسبوع الماضي في أعقاب شهور من الاحتجاجات، واقتصاد على وشك الانهيار إن لم يكن انهار بعد، فضلاً عن تفشي جائحة فيروس كورونا.
ويقول الخبراء والعاملون في المجال الإنساني، إن ذلك يعرّض اللاجئين في لبنان لمزيد من الخطر، إذ كان يعيش نصفهم في فقر مدقع قبل أن تبدأ جميع تلك الأزمات.
وبالمجمل تشير الأرقام إلى أن أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين عاطلون عن العمل، فيما يعيش أكثر من ثلثي اللاجئين السوريين في لبنان تحت خط الفقر.
وقالت روث هيذرنغتون، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، “لقد كان اللاجئون مسبقاً في حالة يرثى لها، ليس فقط بسبب وضعهم كلاجئين ولكن أيضاً بسبب الأزمة الاقتصادية المتصاعدة وأزمة فيروس كورونا والتدابير التي أثرت على البلاد بأكملها”.
وأضافت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن “هذه الكارثة تضيف للجميع مزيداً من البؤس إلى أزمات عميقة جداً”.
ويقيم مئات الألاف من اللاجئين السوريين في لبنان، وفي حال توقف تدفق المساعدات الدولية لمساعدتهم ستزداد الأمور سوء بالنسبة لهم وللبلد المضيف.
وقال أندرو ميلر، المدير السابق لمجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما: “من الصعب أن نرى كيف يمكنهم استيعاب المزيد من اللاجئين، وسيكون من الصعب بشكل متزايد الاهتمام بمن كانوا يستضيفونهم”.
وأضاف ميلر أن غياب مخرج للصراعات وملف إعادة اللاجئين باتت قضايا تشكل قنبلة موقوتة، على الأقل من وجهة نظر الحكومة اللبنانية.
وسعت الحكومة اللبنانية بالفعل إلى إعادة اللاجئين في السنوات الأخيرة، على الرغم من المخاطر المستمرة في بلدانهم الأصلية، ويخشى البعض من أن لبنان، الذي يواجه انعدام المال والقليل من الغذاء، سوف يحمل تبيعة تلك الأزمات إلى الفئة الأكثر ضعفاً.
وقال بشير أيوب، الخبير المقيم في بيروت لدى منظمة أوكسفام الإنسانية، “كان وضع المواطن اللبناني كامل الأهلية في حالة رهيبة للغاية… يمكنك فقط أن تتخيل التأثير الذي سيكون له على مجتمع اللاجئين”.
أكبر مشكلة فورية في أعقاب الانفجار هي الغذاء، ولا سيما مع تضاعف أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى تقريباً في لبنان خلال العام الماضي.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن ميناء بيروت، الذي يعتبر المنفذ لدخول معظم ما يستهلكه لبنان ومحور رئيسي للشحنات في جميع أنحاء المنطقة، سيكون غير صالح للعمل لمدة شهر على الأقل.
ويستورد لبنان ما بين 80 إلى 85 بالمائة من طعامه، وتحول أحد أكبر صوامع الحبوب في البلاد إلى حطام جراء الانفجار.
ويخشى مسؤولو الأمم المتحدة والمسؤولون الإنسانيون أيضاً من الآثار غير المباشرة للانفجار على تدفق المساعدات إلى سوريا، حيث يعتمد أكثر من 11 مليون شخص على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة مع دخول الحرب الأهلية في البلاد عامها التاسع.
وقال أيوب إن ميناء بيروت كان أحد المراكز اللوجستية الرئيسية التي أرسلت من خلالها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى إمدادات إلى سوريا.
ويتطلع مسؤولو الإغاثة إلى ميناء طرابلس، لمواصلة عمليات نقل المساعدات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى يمكنها أن تعتمد على الميناء الذي تبلغ قدرته الاستيعابية ثلث سعة مرفأ بيروت فقط.
كما تبرز مشكلة أخرى هي عدم وجود حكومة تتمتع بسلطات واسعة في لبنان، بعد استقالة القيادة بأكملها يوم الاثنين.
وقال خبراء لمجلة فورين بوليسي، إن استقالة رئيس الوزراء حسان دياب وحكومته بالكامل لن توقف تدفق المساعدات الإنسانية إلى البلاد، لكنها قد تجعل الجهود لإطلاق تعهدات المساعدات الدولية طويلة الأجل أكثر صعوبة.
وتعني استقالة دياب أن حكومته ستتمتع بوضع تصريف الأعمال، مما يمنحها سلطة قانونية كافية لتسيير الوظائف اليومية ولكن لا تسمح لها بسن الإصلاحات التي تطالب بها الدول الغربية.
وقال هيكو ويمين، مدير المشروع في مجموعة الأزمات الدولية التي تشرف على العراق وسوريا ولبنان، إن “النظام المالي اللبناني منهار تماماً، ولا يمكنك تحويل الأموال داخل وخارج البلاد والبنوك مفلسة بالكامل.”
وحتى الآن، شهد لبنان استجابة محدودة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وجمع مؤتمر عبر الإنترنت برعاية فرنسا في نهاية الأسبوع ما يقرب من 300 مليون دولار من التبرعات، وهو رقم أقل بكثير من 15 مليار دولار من الأضرار التي سببها انفجار الأسبوع الماضي، الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 170 قتيلاً، وأكثر من 6 آلاف مصاب.
ويطالب المساهمون المحتملون للحكومة اللبنانية، المتهمة بالفساد المستشري، باجراء إصلاحات.
وذكرت السفارة الأمريكية في بيروت يوم الثلاثاء أن إدارة ترامب قدمت حتى الآن مليوني دولار من المواد الغذائية والإمدادات الطبية.
لكن إدارة ترامب، التي تزود لبنان بمئات الملايين من الدولارات سنويًا كمساعدات عسكرية واقتصادية، لا تبدي تعاطفاً مع حكومة دياب، ودعت إلى إجراء إصلاحات قبل تقديم مساهمات كبيرة.
وذكرت صحيفة ذا ناشيونال، أن وفداً بقيادة الولايات المتحدة إلى البلاد سوف يدفع باتجاه تشكيل حكومة مستقلة وإصلاحات أخرى عندما يزور البلاد في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وتبقى إحدى العقبات المحتملة أمام المزيد من المساعدة من واشنطن هي كراهية إدارة ترامب للأمم المتحدة.
وقال ميلر: “إن الإدارة الأمريكية لا تثق بشدة في الأمم المتحدة، وتفضل تقديم المساعدة على المستوى الثنائي أو من خلال المنظمات التي ليست جزءًا من هيكل الأمم المتحدة”.
وسقط ما لا يقل عن 43 عاملاً سورياً من بين ضحايا الانفجار، وشهدت العديد من العائلات اللاجئة التي تعيش على طول الأحياء الصناعية بالقرب من الميناء تدمير منازلها ومدخراتها.
وفتحت مشافي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المجاورة أبوابها أمام الحالات الإسعافية فيما شارك الأهالي داخل تلك المخيمات في عمليات التنظيف.
وحول الضحايا اللاجئين، قالت سوسن أبو ظهر، الصحافية المستقلة في بيروت والتي دمر منزلها في الانفجار “حتى الآن، لا نعرف أسمائهم وقصصهم، “إنهم ضحايا مثلهم مثل أي شخص آخر”.
وأضافت “أنا أحتقر – ويمكنك أن تقتبس هذا- أنا أحتقر كل فرد في هذا النظام السياسي الفاسد.. حتى لو نجونا من فيروس كورونا.. ستكون نهايتنا على إيدهم”.