هل تستطيع عقوبات قيصر بمفردها جلب نظام الأسد إلى طاولة المفاوضات؟
غياب استراتيجية دبلوماسية تصاحب العقوبات لن يجبر حلفاء الأسد على تغيير الوضع الراهن
تعتزم الإدارة الأمريكية تشديد العقوبات المفروضة على نظام الأسد من أجل دفعه إلى قبول القرارات الأممية الداعية إلى انتقال سياسي، لكن خبراء دبلوماسيون يتخوفون من أن العقوبات الاقتصادية وحدها، بغض النظر عن مدى شدتها، لن تفعل سوى القليل لجلب رأس النظام إلى طاولة المفاوضات، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز نشرته يوم أمس الثلاثاء 4 من آب.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن إدارة ترامب لن تنهي حملة الضغط على الأسد ومؤيديه حتى يوافق على قرار للأمم المتحدة الداعي إلى محادثات سلام وانتقال للسلطة.
غير أن المنتقدين لسياسة ترامب إزاء سوريا حذروا من أن إدارة ترامب ستهدر السلطة الموسعة للعقوبات التي منحها الكونغرس لها إذا لم تقترن العقوبات الاقتصادية بالتواصل الدبلوماسي مع حكومة النظام وحلفائها .
وقال جون سميث، المدير السابق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية “إن العقوبات وحدها لا يمكنها حل المشكلة”، مضيفاً أنه “من الصعب رؤية ما تفعله الحكومة الأمريكية في سوريا بخلاف وضع مجموعة من المقربين من النظام على قائمة عقوبات لا يكترثون لها.
وأضاف سميث “الكونغرس يمنح الشركات في جميع أنحاء العالم خياراً، يمكنك الذهاب لممارسة الأعمال التجارية في سوريا إذا كنت ترغب في ذلك، ولكن إذا فعلت ذلك، فأنت تخاطر بالانفصال عن الدولار والنظام المالي الأمريكي”.
ويسمح قانون قيصر للولايات المتحدة بتجميد أصول أي شخص أو شركة تتعامل مع حكومة نظام الأسد، بغض النظر عن الجنسية، كما أنها تستهدف روسيا وإيران، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد.
ويتميز قانون قيصر بأنه أقوى من العقوبات السابقة التي فرضت على سوريا ابتداء من عام 1979 عندما أعلنت واشنطن سوريا لأول مرة الدولة الراعية للإرهاب.
كما يعاقب القانون الأفراد والشركات في أي مكان في العالم الذين يتعاملون مع ثلاث قطاعات حاسمة في الاقتصاد السوري هي النفط والجيش والهندسة وأعمال البناء العاملة في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ويصف مسؤولو إدارة ترامب جهودهم، بأنها حملة مستمرة من الضغوط الاقتصادية والسياسية التي بدأت للتو، ويتوقعون المزيد من الإجراءات القادمة.
وقال جويل رايبورن، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية لسوريا: “سيستمر صيف قيصر .. لن تكون هناك نهاية له حتى انصياع النظام وحلفائه”.
وحتى قبل إعلان الولايات المتحدة عن الحزمة الأولى من عقوبات قانون قيصر في منتصف حزيران، خسرت الليرة السورية 44 في المائة من قيمتها.
ويشير الخبراء إلى أن الهدف الرئيسي لهذه العقوبات هو تقييد تدفق الأموال من روسيا وإيران إلى سوريا، على اعتبار أنه إذا شعر الداعمون الأساسيون للأسد بالألم المالي للعقوبات، فيمكن إقناعهم بالمساعدة في التفاوض على اتفاق سلام.
لكن في غياب استراتيجية دبلوماسية تصاحب العقوبات الاقتصادية، يخشى المنتقدون من أن إدارة ترامب لن تجبر حلفاء الأسد على تغيير الوضع الراهن.
وقال ألكسندر بيك، الذي شغل منصب رئيس ملف سوريا في مجلس الأمن القومي في حقبة الرئيس باراك أوباما، “كما سيخبرك الروس، لقد سبق أن طالتهم العقوبات أنفسهم، لذا لم يتغير شيء بالنسبة لهم، وفي النهاية، العقوبات أداة في العملية الدبلوماسية”.
وأضاف أن أي تغيير في القيادة السورية سيكون “محرجاً” لروسيا ومن شأنه أن يقوض رسالة بوتين التي تنص على دعمه لموكله وتقوض هدف روسيا الأوسع لمنع أمريكا من تغيير الأنظمة حسب الرغبة. “
يقول بعض المختصين أن عقوبات قانون قيصر يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق أهداف صغيرة محددة، مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين، ويعتقد البعض الآخر أنه يمكن أن يكون لها تأثير أكبر في ظل السلطات الواسعة التي قدمها الكونغرس لإدارة ترامب للمساعدة في تحقيق السلام في سوريا.
لكنهم يشيرون إلى أن عددا قليلاً من الأفراد والشركات بموجب القانون معظمهم أدرج على عقوبات سابقة، فيما يتساءل البعض كذلك عن سبب عدم معاقبة الأفراد والكيانات الروسية، نظراً لدورهم الضخم في الصراع.
فيما اعتبر ستيفن هيدمان، الزميل في معهد بروكينغز أن الإدارة الأمريكية تخاطر بالتشكيك في مصداقية العقوبات بعدم اتخاذ إجراءات ضد روسيا.