أطباء بلا حدود تحذر من انهيار القطاع الطبي في الشمال المحرر
أطباء بلا حدود: هناك مشكلة كبيرة في حجم القدرة على إجراء اختبارات كورونا في شمال غربي سوريا
أعربت منظمة أطباء بلا حدود عن قلقها إزاء الوضع المتردي للقطاع الطبي في الشمال السوري المحرر، ولاسيما بعد تعليق خدمات طبية عقب اكتشاف إصابات في صفوف الكوادر الطبية التي تنشط بمشافي المنطقة.
وقالت المنظمة في تقرير عبر موقعها على الإنترنت يوم أمس، 21 من تموز، ” تبين أن أكثر من نصف المصابين تقريباً بكورونا شمال غربي سوريا هم من العاملين في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات القليلة العاملة المتبقية، معربة عن خشيتها من تفاقم التدهور في النظام الصحي المتضرر أساسا جرّاء سنوات الحرب المتواصلة.
وقال المنسّق الميداني لأنشطة أطباء بلا حدود في شمال غربي سوريا، كريستيان ريندرز، إن توقّف عدد قليل فقط من الأطباء عن العمل مؤقتًا للخضوع للعزل قادرٌ على إحداث فرق كبير عندما يتعلق الأمر بتوفير الخدمات الصحية في شمال غرب سوريا.
وأشار إلى أن الموارد البشرية في القطاع الصحي كانت محدودة للغاية حتى قبل جائحة كورونا، وذلك لأن العديد من الأطباء فرّوا من الحرب في سوريا، ما فرض على المستشفيات في أغلب الأحيان “تقاسم” العاملين في المجال الطبي كي تضمن استمرارية عملها”.
ونتيجة الإصابات في القطاع الطبي، توقف العمل مؤقتًا في اثنين من المستشفيات التي زارها مؤخراً بعض الأطباء المصابين، وطُلب من جميع العاملين الطبيين في هذَين المرفقَين إما عزل أنفسهم ذاتيًا في المنزل أو البقاء في الحجر الصحي في المستشفيَين المذكورَين.
كما جرى تقليص حجم الخدمات أيضًا في مستشفيات أخرى في شمال غربي سوريا، حيث طلبت السلطات المحلية من المستشفيات في البداية، أن تعلّق مؤقتاً العمل في العيادات الخارجية وخدمات العمليات الجراحية غير الضرورية.
واعتبر ريندرز أنه من المهم اتّخاذ تدابير وقائية، لكن حجم القدرات الطبية في المنطقة لا يجعل تحمل عبء هذه التدابير سهلًا، مضيفاً أنه من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار تأثيرها الكبير على التوفير المنتظم للرعاية الصحية في شمال غربي سوريا.
وأعرب عن قلق المنظمة منذ زمن إزاء العواقب المحتملة لفيروس كورونا في إدلب، مضيفاً أن إيقاف الخدمات الأساسية أو تخفيض حجمها مؤقتاً ومواجهة نقص في الموارد البشرية أكثر مما كان عليه الحال قبل الجائحة هما أمران يشكلان مدعاة للقلق الشديد.
وحذر من أن هناك مشكلة كبيرة في حجم القدرة على إجراء الاختبارات في شمال غربي سوريا، مشيراً إلى أنها في الوقت الحالي معرّضة للنفاذ نتيجة تسارع وتيرة إجراء الاختبارات وفي حال نفاذها، قد ينتشر المرض بسرعة في المخيمات، بشكل يمسي فيه من المستحيل تتبع انتقاله وكبح انتشاره.
وتتسم الإجراءات الصحية مثل اختبارات الكشف عن الفيروس وتتبع المخالطين بأهمية خاصة في شمال غربي سوريا، حيث يقارب عدد النازحين 2.7 مليون شخص، يعيش معظمهم في مخيمات مكتظّة في ظل خدمات مياه وصرف صحي رديئة وحيث يستحيل الالتزام بالتباعد الجسدي، وبحسب المنظمة.
واليوم الأربعاء، حذر فريق منسقو الاستجابة في بيان من أن القطاع الطبي في المنطقة قد يتدهور بشكل أكبر تحت الضغط الإضافي الذي سببه تسجيل الإصابات بفيروس كورونا في شمال غربي سوريا، مع مخاوف كبيرة من تزايد انتشار الحالات المثبتة.
كما لفت إلى وجود مخاوف من تسجيل حالات إصابة داخل المخيمات المنتشرة في المنطقة، حيث قد تتحول تلك المخيمات إلى بؤرة كبيرة للوباء يصعب السيطرة عليها، وخاصةً أن أغلب المخيمات تعاني من شح كبير في المستلزمات الأساسية الخاصة بمجابهة فيروس كورونا، كمواد النظافة والتعقيم والمياه، الأمر الذي يجعل من المستحيل تطبيق أي عزل صحي على الأهالي داخلها.
وسجل الشمال المحرر الإصابة الأولى بكورونا في التاسع من الشهر الحالي لطبيب سوري يعمل في مشفى باب الهوى ويتنقل بين تركيا وسوريا، ليبدأ الفيروس بعد ذلك التاريخ بتسجيل إصابات عدة.
ويعاني القطاع الطبي في الشمال السوري من ضعف في الإمكانيات والتجهيزات نتيجة تدمير عشرات المشافي والنقاط الطبية، جراء التصعيد العسكري للنظام وحلفائه ضد المناطق المحررة
ويبلغ العدد الإجمالي للأسرّة المزودة بأجهزة تنفس اصطناعي في المشافي الثلاث المخصصة لعلاج كورونا في الشمال المحرر 90 سريراً فقط، بينما يبلغ عدد الأسرّة في مراكز العزل المجتمعي 1560 سريراً، بحسب وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة.
ويعجز معظم الأهالي في الشمال المحرر عن اقتناء وسائل الوقاية من انتشار الفيروس مثل الكمامات والمعقمات، ما يرفع احتمال ارتفاع أعداد المصابين.
وفي 15 الشهر الحالي، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في كافة أنحاء سوريا، محذرة من أن الخطر العام لا يزال مرتفعاً جداً، خاصة في المناطق التي يوجد بها عدد كبير من النازحين.
وكانت منظمة الصحة العالمية، حذرت أواخر حزيران الماضي من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في منطقة شرق المتوسط، ولا سيما في الدول التي تشهد صراعات مثل سوريا، قائلةً إنها “تشعر بالقلق إزاء انتشار مرض كوفيد-19 في البلدان التي مزقتها الحروب، مثل سوريا واليمن وليبيا”.