معرة النعمان.. جذور ضاربة في عمق التاريخ والجغرافيا والثورة
ليست مدينة معرة النعمان كغيرها من المدن التي تشارك بقصفها طائرات أقوى ثاني قوة عسكرية جوية في العالم بجانب النظام ومليشياته، فمعرة النعمان عروس الجنوب الإدلبي وأكبر مدنه تضرب جذورها في عمق الجغرافيا وعمق الثورة وعمق التاريخ.
جغرافياً تقع المدينة جنوبي إدلب على الطريق الدولي حلب دمشق تحدها شمالاً سراقب وجنوباً خان شيخون، كما تشكل من عشرات القرى المحيطة بها حاضنةً شعبية ضخمة لما يزيد عن ثلاثِمئة ألف نسمة أكثرهم يعمل في سهولها الخصبة حيث تتنوع محاصيلها الزراعية التي تسد قسماً لا يستهان به من سلة غذاء إدلب.
ثورياً كانت المعرة من السباقين لقطار الثورة السورية، إذ أنها لم تنتظر اندلاع الثورة السورية إلا عشرة أيام لتبدأ احتجاجاتها ضد النظام إلى أن وقعت في قبضة الجيش الحر في العاشر من تشرين الأول 2012. وطوال تلك السنوات كانت حاضنة للثورة وثوارها وشاهدةً على القصف الممنهج للنظام والروس ومقصداً للمهجرين والنازحين حيث ضرب أهلها مثالاً يحتذى بالضيافة.
أما في التاريخ وهو أغلى ما تملكه مدينة صاحب رسالة الغفران أبو العلاء المعري حيث عاصرت المعرة قيام دول وحضارات وشهدت أفول أخرى من البيزنطيين إلى الفاطميين ثم الأيوبيين وغيرهم.
كما تضم في ريفها ضريح الخليفة الأموي العادل عمرُ بن عبد العزيز الذي أطلق عليه بعض المؤرخين الخليفة الراشدي الخامس. وتضم أيضاً مسجد الجامع الكبير أقدم الجوامع في سوريا، ومسجد نبي الله يوشع، والمدرسة النورية وغيرها من الآثار والمعالم التي تحكي تاريخ المدينة الضارب في القدم.
وأمام هذه العمق التاريخي والثوري والجغرافي تقف همجية النظام والروس ومجنزراتهم على أسوار المدينة بعد أن سوت قسماً كبيراً من مبانيها بالأرض وعرتها من أهلها ونازحيها حيث لم يشفع لها عمرها ولا أبو علائها ولا حتى أهلها الكرماء.
تقرير: عبدو الأحمد