ملفات القضية السورية في الصحف العربية
للاستماع
الذين كتبوا في رثاء في باسل الأسد صاحب أطول لقب معروف في سوريا الحديثة والذي سمّيت باسمه نصف آثار سوريا ودوائرها الحكومية، وسمّيت باسمه مساجد، ومطاعم، ونجت الملاهي من اسمه، كتبوها إما رياءً أو نفاقاً أو إجباراً، أما نحن فعندما نرثي عبد الباسط الساروت نرثي الحرية ونرثي الوطن.. كما يقول أحمد عمر في موقع المدن. وفي الحياة اللندنية كتب بهاء أبو كروم مقالاً تحت عنوان “رؤية إسرائيل لمستقبل إيران في سوريا”. وفي القدس العربي كتب وسام سعادة مقالاً تحت عنوان “المحكّ الثالث للّجوء في التاريخ اللبناني”.
وفي موقع المدن كتب أحمد عمر تحت عنوان “بين الساروت والطاغوت”.. لست الوحيد الذي ذكّرته جنازة الساروت بجنازة الرائد الركن المهندس المظلي، صاحب أطول لقب معروف في سوريا الحديثة، وأوجه الشبه بين حارس الكرامة وسارقها قليلة وهي؛ أنهما شابان من عمر متقارب، ورياضيّان، وكان لهما عند الموت المبكر جنازة كبيرة ورثاء، وهذه بعض الفروق بين الناسوت والبهموت:
أول الفروق أنّ ابن الشعب، وليّ المرمى، عبد الباسط ولد وفي فمه طعم اللبن وقضى في المعركة، وتحت أخمصه الحشر، ومرماه الوطن، وأن ابن الرئيس الملك، الملك الرئيس، وليّ العهد، صاحب اللقب الذهبي، ولد وفي فمه ملعقة ذهب، وقضى في حادث سير، ومرماه القصر، والفرق كبير.
وقد غمّ سبب موت باسل، وعدّل اسمه فصار مصدراً؛ الباسل، في الصحف السورية، عتّم تماماً، لأن شرف الموت في حادث سير أدنى من شرف الموت في المعركة، كنا نعلم السبب لكننا لم نسأل، تواطأنا على الصمت، وطوّب شهيداً ثم سيداً للشهداء في حادث سير، وقد تلي عليه قرآن كثير.
ومن الفروق أنّ عبد الباسط الحديدي قضى نحبه وهو يرفع سلاحه دفاعاً عن أهله ودياره، فكأنه عمر المختار السوري، وأن صاحب اللقب الطويل الذهبي مات في سيارة محصنة بوسائل الأمان هي الأغلى في سوريا كأنها برج مشيّد، لكنها لم تحرسه من الموت.
ومن الفروق، أن عبد الباسط استشهد حقاً، وقد أخرج من دياره بغير حق، وهو يرى الشهادة رأي العين، وأن صاحب الظلّ الطويل مات في سباق مع العرش، وتضمر أخبار سبب موته، وهو السرعة وحرق المراحل حتى حرقوا البلد كلّه حرقاً للمراحل. أغفل سبب موت باسل.
ومن الفروق، أننا بكّينا المهندس المظلي وصاحب الظلّ الثقيل كرهاً، ودموع البصل غير دموع القلب، وعشنا أربعين يوماً مجبرين على الحزن، وكنا سعداء بموت الذي حبس الفارس “عدنان قصار” لأنه سبقه في سباق الفروسية، والذي حبس سائساً لأن جواده أصيب بالإسهال، كما سرّب لنا قريب للسائس.
إن الذين كتبوا في رثاء الباسل الذي سمّيت باسمه نصف آثار سوريا ودوائرها الحكومية، وسمّيت باسمه مساجد، ومطاعم، ونجت الملاهي من اسمه، كتبوها إما رياءً أو نفاقاً أو إجباراً، أما نحن فكتبنا مراثينا حباً، فنحن عندما نرثيه نرثي الحرية ونرثي الوطن. وفرق كبير بين مراثي العبيد ومراثي الأحرار.
ومن الفوارق، أن الساروت استشهد وهو يريد فتح طريق للعالم، وأنّ قتيلهم أغلق الطرق حياً وميتاً.
وفي الحياة اللندنية كتب بهاء أبو كروم تحت عنوان “رؤية إسرائيل لمستقبل إيران في سوريا”.. اجتماع القدس الثلاثي بين واشنطن وموسكو وتل أبيب، هو تأسيس لمسار تنسيقيّ يتعلق بمستقبل المنطقة أكثر منه لقاءً عادياً.
وأضاف أن الروس لطالما سعوا إلى توحيد الأجندة الأمريكية والروسية في سوريا. وبالتوازي هو إنجاز يحتسب لنتانياهو عن طريق تشكيله حلقة وصل ملائمة بين الروس والأمريكيين، يمكن استثمار مفاعيلها في الداخل الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته تهدف إلى التوصل إلى مقاربة شاملة حول الوضع في سوريا، وذلك عبر مدخلين: الأول: ضمان أمن إسرائيل واستقرارها، والثاني: تأمين توافق دولي يتعلّق بالحدّ من الوجود الإيراني في سوريا وما يستتبع ذلك من ترجمات في مجلس الأمن.
وفي القدس العربي كتب وسام سعادة تحت عنوان “المحكّ الثالث للّجوء في التاريخ اللبناني الحديث”.. إن السوريين اعتادوا عيشة المخيمات والمساعدات، والتشكيك والطعن في أسباب لجوء أغلبهم إلى لبنان، هو عنصرية مقيتة. وإنّ المتسبّب الرئيس في تهجير هذا الكمّ من الناس من سوريا: نظام بشار الأسد.