ازدياد ودائع المصارف.. ومحللون يؤكدون أنها دليل على عدم وجود بيئة استثمارية بسبب الدمار
راديو الكل ـ تقرير فؤاد عزام
كشفت بيانات ودائع 13 مصرفاً خاصاً من بين 14 مصرفاً تعمل في سوريا ارتفاعاً بنسبة 24% عما كانت عليه في العام 2017، إذ وصلت إلى 1054.6 مليار ليرة ما يعادل “ملياري دولار”، في حين بلغت الإيداعات لدى المصارف العامة نحو 2000 مليار ليرة سورية، أي نحو أربعة مليارات دولار، بحسب ما ذكرته صحيفة الوطن التابعة للنظام.
ورأى الباحث الاقتصادي الدكتور فراس شعبو، أن تساهل المصارف في عمليات السحب أعطى نوعاً من الأمان للمودعين ما أسهم في زيادة نسبة الإيداع التي تبقى بسيطةً أمام الكميات الهائلة التي سحبت من المصارف مع بدايات الثورة، لكنه قلّل في الوقت ذاته من أهمية هذه الزيادة في الإيداعات على اعتبار أن معظمها إيداعات جارية:
وقال شعبو: إن الإيداعات الحالية المقدّرة بملياري دولار في المصارف لا تشكل نسبةً كبيرةً أمام إيداعات العام 2010، أي قبل الثورة والتي كانت نحو 27 مليار دولار، مشيراً إلى أهمية التمييز بين حجم الإيداعات وقميتها، إذ إن قيمة الإيداعات الحالية تم حسابها على أساس سعر الدولار 500 ليرة، في حين كان سعره قبل الثورة 50 ليرة:
وارتفعت معدلات البطالة -بحسب الفاينانشال تايمز- إلى أكثر من خمسين في المئة بحلول عام 2015، في حين لا توجد بيانات حول معدلاتها خلال السنوات الثلاث الماضية، بعد أن كانت دون العشرة في المئة في 2010. وأدى ارتفاع تكاليف المعيشة مع ركود الأجور وتراجع القوة الشرائية لدى الأشخاص إلى معاناة السوريين في الحصول على احتياجاتهم الأساسية. ومع اختفاء الطبقة الوسطى تقريباً في العديد من المناطق، تتجلى في العاصمة دمشق فوارق صارخة بين النخب “المعزولة” وبقية أفراد الشعب، على حد تعبير الصحيفة.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين زيادة الودائع وبين ظروف إعادة الإعمار.. رأى الباحث شعبو أن نسبة الزيادة في الإيداعات لا تساوي شيئاً أمام حاجة البلاد إلى نحو 400 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن إعلان الزيادة هي من أجل إيهام الرأي العام بأن الأمور إلى أفضل:
ورأى شعبو، أن هناك سيولةً لدى المصارف لكن لا توجد استثمارات على الأرض بسبب إحجام المصارف عن تمويل استثمارات أو تشددها في إعطاء قروض بسبب انعدام الثقة بينها وبين البيئة الاستثمارية:
وقال الدكتور شعبو: إن العمل المصرفيّ ليس مجرد زيادة ودائع، بل الأمر يتعلق بجانب كبير منه في إيجاد قنوات استثمار:
وقال المحلل السياسي الدكتور زكريا ملاحفجي: إن أرقام الإيداعات هي بسيطة جداً، وإن الوضع الاقتصادي في البلاد هو صعب جداً مع هروب أموال كثيرة إلى الخارج، إضافة إلى أطنان من الذهب والآثار:
وقال ملاحفجي: إن البلاد تعاني من عدم توافر العملة الصعبة، وإن أصحاب تلك الأموال من المتنفذين لدى النظام يبقون على أموالهم خارج السوق، والمستثمرون أيضاً يرفضون إعادة رؤوس أموالهم بسبب الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار وسيطرة ميلشيات عسكرية تعمل على التعفيش والنهب، وأيضاً يربط الغرب بين الإسهام بإعادة الإعمار وبين الحل السياسي:
وتزداد حالة الفقر وتفاقم الأزمة المعيشية في البلاد بعد ثماني سنوات من الحرب، إذ بلغت نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خطّ الفقر 69% بحسب دراسة للأمم المتحدة، في حين أشارت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية إلى أن رجال الأعمال المقرّبين من النظام متّهمون بالتربح من الصراع الدائر في بلادهم. في وقت بلغت نسبة المؤسسات التجارية السورية التي أغلقت أبوابها أو انتقلت إلى خارج البلاد منذ عام 2009 نحو 56%، بحسب مسح أجراه البنك الدولي.